الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فارس الثقافة المصرية.. ثروت عكاشة أحدث نهضة حقيقية على المستوى الفكري

صدى البلد

استطاع الكاتب الكبير ثروت عكاشة الذي تعد وزارة الثقافة إحتفالية إحتفالًا بمئويته، أن يقود الثقافة المصرية ويؤسس البنية التحتية للثقافة بمصر في أعقاب ثورة يوليو عام 1958، إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حيث كانت فلسفته والقاعدة الأساسية له في البناء مقولته الشهيرة "إن الثقافة علم وعمل معًا، ثم موقف واضح من هذا العلم و ذلك العمل ".

وعرف ثروت عكاشة، بأنه أحد أبرز صناع الثقافة في مصر على الرغم من أنه كان ضابطًا بالقوات المسلحة، ورئيس تحرير مجلة التحرير بعد ثورة يوليو، وكان ملحقا عسكريا بالسفارة المصرية فى بون ثم باريس ومدريد، وسفير مصر فى روما فى نهاية فترة الخمسينيات، وأخيرًا عين وزيرًا للثقافة والإرشاد القومى حتى 1962، ورئيس المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.

ولد "عكاشة" في عام 1921، وانخرط في دراسته حتى تخرج في عام 1939 من الكلية الحربية، وتدرج كذلك في السلك العسكري حتى درس في كلية أركان الحرب في الفترة بين عامي 1945 إلى 1948؛ وبعد ذلك حصل على دبلوم الصحافة من كلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1951، ثم درجة الدكتوراه في الآداب من جامعة السوربون بباريس عام 1960.

عقب ثورة يوليو 1952 عمل عكاشة ملحقا عسكريا بالسفارة المصرية في بون، ثم تنقل في العواصم الأوروبية، فكان ملحقًا عسكريًا في باريس ومدريد من 1953 إلى 1956 وكان سفير مصر في روما من عام 1957 وحتى 1958.

تولى الدكتورثروت عكاشة وزارة الثقافة لفترتين الأولى من 1958 إلى 1962 والثانية من 1966 حتى 1970، فاستطاع أن يحدث تغييرا جذريا في المشهد الثقافي في مصر، أدى إلى نهضة ثقافية حقيقية خاصة على المستوى الفكري ويراه الكثيرون، الشخصية الثقافية الأولى في مصر، وكان اسمه يتردد صداه على امتداد الوطن العربي الكبير، وفي عواصم الثقافة في أوروبا واستطاع الربط في مشروعات الوزارة بين النظرة الإنسانية وبين النظرة القومية إلى الثقافة.

وأنشأ عكاشة حين توليه وزارة الثقافة في عهد الرئيس عبدالناصر الكثير من الهيئات التي تعمل على إثراء الحياة الثقافية والفنية إلى مثل المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب "المجلس الأعلى للثقافة"، والهيئة العامة للكتاب التي تعد حاليًا من أهم مؤسسات النشر في الشرق الأوسط، ودار الكتب والوثائق القومية وغيرها وحقق نجاحًا كبيرًا.

كما أنشأ أكاديمية الفنون عام 1959 بمعاهدها الفنية المتخصصة المختلفة وأسس فرق دار الأوبرا المختلفة مثل أوركسترا القاهرة السيمفوني وفرق الموسيقي العربية، والسيرك القومي ومسرح العرائس وأنشأ قاعة سيد درويش بالأكاديمية لعمل الحفلات بها، ووجه اهتمامه للآثار المصرية، حيث وضع الأساس لمجموعة متاحف هي من أعظم المتاحف المصرية للآن.

ويعد ثروت عكاشة فارسًا للثقافة المصرية، فترك وراءه للمكتبة العربية، وللساحة الثقافية، الكثير، من المؤلفات والترجمات، إلى جانب ومتاحف ومكتبات ومسارح وقصور ثقافة ومعاهد فنون، وغيرها من المشروعات التي أسست على عين الراحل.

ومن أبرز مؤلفات الدكتور ثروت عكاشة موسوعة "العين تسمع والأذن ترى"، وترجمة عملي الشاعر أوفيد "مسخ الكائنات" و"فن الهوى"، وأعمال جبران خليل جبران "النبي"، و"حديقة النبي" و"عيسى" و"رمل وزبد" و"أرباب الأرض"، بالإضافة إلى أعمال جبران الكاملة، و"مولع بفاجنر" لبرنارد شو، و"إعصار من الشرق أو جنكيز خان"، وحقق كتاب "المعارف" لابن قتيبة، و"إنسان العصر يتوج رمسيس"، وأعد معجم المصطلحات الثقافية.

ويكشف عكاشة فى كتابه «مذكراتى مع السياسة والثقافة»، عن كواليس توليه حقيبة وزارة الثقافة، ورؤية الزعيم الراحل عبد الناصر، موضحًا أن "ناصر" كانت لديه رغبة فى أن تصبح الثقافة والفنون الراقية فى متناول الجماهير العريضة وأن تخرج من أسوار القاهرة والإسكندرية، لتبلغ القرى والنجوع، حتى يبزغ فنانين جدد من تلك القرى البعيدة، يعكسون فى إبداعتهم أصالتهم الحضارية، وأن فترة عمل "عكاشة" فى السلك الدبلوماسى كانت من ضمن اعتبارات "ناصر" كي يطلع الرجل على الثقافة والفنون هناك ويستطيع التعايش مع التجارب العالمية في ذلك، كي يثرى بها الثقافة في مصر.