هند عيسى تكتب: دعوة للتفكير.. عشان تعيش صح لازم تفكر صح

مطالب الانسان بإزالة جميع العوائق التي تحد من استخدام العقل, ورفض التبعية الفكرية، فقال تعالي "حسبنا ما وجدنا عليه اباءنا اولو كان أباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ". وقال صلي الله عليه وسلم "لا تكونوا امعة " أي: لا تقلدوا التقليد الأعمى، فركز الإسلام علي المسؤولية الفردية لقيام مصالح الدين، والدنيا، فمبدأ الوسطية في الإسلام يحرص على ألا تناقض أو تنازع بين العقل، والدين، بل يجب إعمال العقل لفهم الدين وهي الأفكار التي سايرت تواكب الازمان وساهمت في تطور الفكر الحضاري، لذلك كان صلاح الإسلام لكل زمان ومكان: فيجب إعمال العقل في كل أمور حياتنا والاعتدال فلا ضرر، ولا ضرار، ولا إفراط، ولا تفريط.

قال تعالي "بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره " أي: الإنسان مسؤول مسؤولية كاملة عن حياته وعني ما يعول من زوجة وأبناء ومسؤول عن تربيتهم، وتعليمهم، وتزوجيهم ويحاسب عليهم امام الله هل ائتمن على هذه الأمانة ام ضيعها؟! ,ولكي يتم بناء الانسان بناء سليما; لابد من توافر سبل الحياة الكريمة كي يصبح صحيح جسمانيا، وعقليا، ونفسيا، وتربويا، وتعليميا، كي يصبح فرد منتج في المجتمع ويستطيع أن يجد الفرصة المناسبة التي تتوافق مع إمكانياته وقدراته الحقيقية، فكم من مواهب دفنت، ولم تخرج للنور بسبب الفقر، والعوز، والجهل، وسوء الحال.

علي الرغم من الإصلاحات المستمرة وخطة البناء الحالي  في كل انحاء الدولة , وعلي الرغم من تزايد معدلات النمو إلا أن كل زيادة في معدلات النمو يقابلها زيادة سكانية .ولكي يكون هناك فعالية ويكون الاقتصاد قادر علي توفير وظائف للجيل الجديد;ينبغي أن يكون النمو الاقتصادي ثلاثة اضعاف النمو السكاني, لذلك لن يشعر المواطن باي تحسن على الرغم من المجهودات المبذولة , ولكن يمكنك تغيير نفسك وطريقة تفكيرك بالتفكر بعقل, وحكمة كما امرنا الدين بأعمال العقل, فكم من أسرة زوجت بناتها القصر بسبب الحاجة, وكم من اسرة أخرجت أبنائها من التعليم بسبب الحاجة, بل كم من اسرة أخرجت اطفالها للعمل بسبب ضيق الحال.

امرنا الله تعالي بالأخذ بالأسباب، وعدم تحملنا ما يفوق طاقتنا، وألا يكلف الانسان بأمر يجد فيه مشقة، ولا يقدر عليه، فقال تعالي "لا يكلف الله نفسا الا وسعها ". ماذا نتج عن سوء تخطيط الفرد؟!  العشوائيات، وهي قنبلة موقوتة بكل ما تحمله الكلمة من معني، فهي أماكن لا تصلح للمعيشة، وتفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة من: مياه صالحة للشرب، و كهرباء، وهي اوكار للمجرمين، وبيع المخدرات، ماذا يفعل الاب حين يريد أن يزوج ابنه وهو لا يملك المال؟! في سكن العشوائيات، وفي مثل هذه البيئة كيف سيتشكل الأبناء، كيف سيكون تعليمهم، كيف ستكون تربيتهم. في ظل العوز الدائم سيبحثون عن أقرب الطرق لكسب المال، اما التسول، أو عمالة الأطفال، أو زواج البنات المبكر للتخلص من الأعباء المادية عن كاهل الاسرة، وطرق الاجرام المختلفة.

 إن ملف العشوائيات الذي بذلت فيه الدولة جهودا لإيمانها بخطورته, ففي بيئات الجهل تنمو أفكار التطرف, ويسهل شحن العواطف, وينشأ افراد غير منتمين, وتجد الكثير ممن يتاجرون بعوز الناس, وحاجتهم, وبلغت تكلفة تطوير العشوائيات مليارات الجنيهات لتوفير حياة كريمة لسكانها ولتحسين شكل القاهرة التي اندثرت ملامحها التاريخية. الدولة أدت دورها وينتظرها الكثير من التحديات فهل نساعد أنفسنا؟!  إنه دورك، هي "دعوة للتفكر" عشان نعيش صح، لازم نفكر صح.

هذا التفكر يقودنا الي دولة مثل الصين ,كيف استطاعت ان تحقق تقدم وتنمية علي الرغم من الزيادة السكانية  دولة , دولة تعدي سكانها مليار و400 مليون نسمة, علمت أن النمو السكاني معوق من معوقات التنمية , فبجانب الإصلاحات  الاقتصادية طرحت تعليمات لتحديد النسل, ولاقت الحملات الاعلانية قبول لدي نساء الصين, ورفعت الدولة شعارات "التربية "و"التثقيف "و"الرفاهية  ", واستطاعت أن تحقق معدلات اقتصادية عالية, وأصبحت معجزة اقتصادية خلال 30 عام, وتحولت من أفقر دول العالم إلي ثاني اقتصاد في العالم ,هذا النمو ساعد في جعل مليار نسمة كانوا يعيشون  تحت خط الفقر أن يتحولوا لمستوي اقتصادي آمن وحياة كريمة , فبلغ معدل النمو السكاني أقل من نصف في المائة في 2019 ومعدلها الاقتصادي 6.9% :أي نسبة معدل النمو الاقتصادي الصيني إلي معدل النمو السكاني تبلغ 16 مرة, بينما في مصر معدل النمو الاقتصادي وصل5.6% في عام  2019مع توقعات وصوله الي.6.9 %بحلول عام 2027, في المقابل نجد أن معدل النمو السكاني المصري2.5 % :أي أن نسبة معدل النمو الاقتصادي المصري الي معدل النمو السكاني مرتان فقط ,والفرق في التجربتين ,هو معدل النمو السكاني في مصر خمس أضعاف الصين بينما معدل النمو الاقتصادي متقاربان الي حد كبير , اذا استمرت مصر بنفس معدل الزيادة السكانية ستصبح بحلول عام 2050في  زيادة تقدر  5.69 مليون لتكون أعلي سابع دولة في العالم في معدل الزيادة السكانية.

بناء الانسان شعار ترفعه الدولة الان، بتوفير حياة كريمة له، وسكن كريم، وتعليم، وصحة وغيرها من المجهودات، فيجب أن نكون علي نفس قدر المسؤولية، ونستخدم النعمة الكبيرة التي انعم الله بها علينا "نعمة العقل" والا نكلف انفسنا إلا وسعها، فهي "دعوة للتفكر" عشان نعيش صح لازم, نفكر صح .