الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أندلس رشدي تكتب: تطواف حول حكايات نجوى للكاتبة إنجي الحسيني

صدى البلد


وتلك إذن حكايات شتَّى ومتنوعة، بل لنقل إنها تميل كل الميل  نحو الذائقة الأدبية الصحيحة ، فما إن يتغلغل  القارئ في أحداثها ،ويمضي قُدُمًا بين دروبها ، حتى ينتقل من حال إلى حال ،ومن زمن إلى زمن ،ومن مكان إلى مكان ،فيظل يمرح بين حناياها  حتى تتشبَّع نفسه بحلو الكلام ، وحتى ترتوي روحه بعبق تلك الحكايات ، التي ما تنفك تُلقي بظلالها الوارفة على وجدانه فما يلبث أن يستمد منها الكثير من الألم والشجو، والكثير من الغبطة والمرح في آنٍ واحد.
وكأننا بحكايات نجوى عندما نتصفحها قد باتت جزءًا لا يتجزأ من كياننا، وقطعة أصيلة من تكويننا ،فلا نحن نستطيع أن ننفصل عنها ولا هي تستطيع أن تنفصل عنا في كل الأحوال، وكيف لا تكون كذلك ؟ أليست تلك الأحداث التي تُروى ،وتلك الحكايات التي تُحكى ، وتلك الصور التي نطالعها بين ثنايا تلك الحكايات ، هي بعينها تلك التي تمر بنا  جميعا في مختلف مراحل  حياتنا على اختلاف صنوفها وأشكالها ؟، بلى إنَّ ما تقصه علينا "نجوى" لهو درب من دروب الواقع الذي لا خيال فيه ، بل لنقل إنه واقع ملموس نكاد نستشعره واضحا جليا في كل كلمة وفي كل عبارة وردت بتلك المجموعة القصصية الشيقة .  
عند قراءة المقدمة التي تعد إحدى عتبات النص يتضح لنا أنَّ ضمير الأنا يفرض نفسه بكل قوة ووضوح وذلك عندما تطالعنا هذه العبارة  "أنا اسمي نجوى" ،وهذا مما يجعلنا نستشعر مدى أهمية ذلك الضمير الذي يكشف للمتلقي عن طيات نفسه وعن مكنوناتها بكل وضوح  وشفافية ،فهو ذلك الضمير الذي يجسد فكرة الرؤية بالمصاحبة في عرض الأحداث ،ونقلها للمتلقي دون مواربة، فها هي "نجوي " تحكي لنا بكل عفوية وتلقائية ، عن مواقف حدثت لها ولعائلتها ،ولعلها ما كانت تجنح إلى ذلك ، إلا لكي تحقق ذلك الغرض النبيل الذي انطوت عليه سريرتها ، والذي يكمن في رغبتها الأكيدة في إبراز معنى الانتماء وتجسيد معنى الارتباط بينها وبين عائلتها ، وحتى يظل أفراد تلك العائلة باقين في ذاكرة كل من قرأ عنهم،وكل من علم الكثير عن أحوالهم.
وها نحن إذ نتصفح تلك المجموعة القصصية ، وإذ ننتقل من قصة إلى قصة ومن حكاية إلى أخرى ،فإننا نستشعر معانٍ كثيرة ،تأخذنا بعيدا إلى حيثما تقضي به سنن الطبيعة من أحداث تفرضها على بني الإنسان ، ومن مواقف تتنوع فيما بين أفراح وأحزان ،وأخرى تتضامن فيما بين هذه وتلك ، ولعل المفارقة السردية التي نلمسها بوضوح من خلال السرد في تلك المجموعة القصصية ،هي التي أتاحت لنا أن نكتشف الدلالات الموحية لكل قصة على حِدَة ، فهي التي استوطنت المعنى و استغرقت فيه  ثم خرجت لنا بظاهره ،الذي ينكشف لنا بوضوح من خلال نهايات تلك القصص الأنيقة .
ولا شك في أنَّ أسلوب الكاتبة إنجي الحسيني ، يتميز بالسلاسة والتلقائية الظاهرة في كل حرف وفي كل معنى أتت به  في مجموعتها القصصية "حكايات نجوى"، فهي التي تستطيع انتقاء العبارات اللينة التي تغشى القلوب بفيض من الرؤى والأحداث المؤثرة ،كما أنَّ القصص في مجموعها ليس بها أي فائض لغوي ،وإنما جاءت كل عبارة وكل كلمة في موضعها تماما، ومن الجدير بالذكر أنَّ للكاتبة إنجي الحسيني موهبة فطرية تميل بها ميلا شديدا نحو تسجيل كل شاردة وواردة تطوف بعقلها على متن أوراقها ، وذلك حتى لا يطويها النسيان ،وحتى تظل محفورة في الذاكرة.