الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رجب الشرنوبي يكتب: حجر أردوغان الذي هشّم وجهه !!!

صدى البلد

جنون العظمة مقترنًا بحالة من الخداع البصري أقل ما يمكن أن يوصف به السلوك الشاذ للرئيس التركي رجب طيب أوردوغان خلال السنوات الماضية..بعد أن وصل الإخوان للحكم في مصر اعتقد الرئيس التركي كباقي أعضاء جماعة الإخوان ومن يدعمهم أنهم باقون في الحكم لخمسمائة عام قادمة.. لم يدر في عقل أحد منهم أنها ظروف وقتية وسرعان ما سيكتشف الشعب حقيقتهم وكانت ثورة الشعب في الثلاثين من يونيو ولفظهم بعد أقل من عام واحد..جن جنون العثمانلي الجديد وبدأ يستقطب إلي أنقرة كل ما يمت للإخوان والارهاب بصلة..حتي أصبحت أنقرة قاعدة للإرهاب ينطلق منها لينشر رائحة الموت حول العالم..العراق سوريا ليبيا..اقليم كرباخ..في أي موطن نزاع او إرهاب تستطيع أن تشتم بسهولة رائحته العفنه.


لم يكن يتصور أوردوغان أنه يوجد بين القوي الاقليمية التي بني عليها حلمه وتطلعاته هو وجماعته التي استهدفتها ثورات "الخراب العربي"من يمكنها أن تستعيد قوتها وتراجع كل ملفاتها وتعيد رسم ملامح علاقاتها الإقليمية والدولية لتدور عجلة إنتاجها من جديد..بقيادة سياسية وطنية مدعومة بأكثر من مئة مليون يمثلون سندًا قويًا ودعمًا لها في كل المحافل الدولية..لم يكن يتصور أن المارد سينهض من جديد.


حالة الخداع البصري التي عاشها أوردوغان صورت له الوهم علي أنه إنجازات.. الاقتصاد بدأ في الترنح بعد سنوات من التحسن فلم تصمد الليرة التركية طويلًا حتي بدأت في مسلسل الإنهيار..المعارضة بدأت ترتب صفوفها من جديد بعد الإنقلاب المزعوم..توترات مع المجتمع الدولي بدأت تتصدر عناوين الأخبار ..سمعة سيئة وجنوح بعيد عن القوانين والأعراف الدولية والأخلاقية بدأت تلاحقة في كل المؤسسات  والمنتديات الدولية..كثر الحديث عن أطماع أوردوغان التوسعية وسلوكه الشاذ الذي يهدد السلم والأمن الدوليين.


مجازر في العراق وسوريا وإرسال إرهابيين وأسلحة لليبيا إشعال النار في اقليم كرباخ..اعتقد خطأً أن الاخوان وغيرهم من الكيانات الإرهابية وكأنها أذرع حديدية تستطيع أن تساعده في تحقيق حلمه المزعوم"العثمانية الجديدة" ثم اكتشف أن ما يراه بعين اليقين ما هو إلا حالة من السراب.


منذ يونيو2014 الرئيس السيسي بدأ مشواره كقيادة جديدة في مصر وبدا عليه لأول وهلة أن لديه قدرات خاصة في تحليل الأحداث، يملك فهما جيدا  وقراءة متأنية للمشهد الداخلي والخارجي.. لم يضيع الرئيس السيسي وإدارته وقتًا طويلًا  حتي استطاع تكوين رؤية شاملة  لما يمكن أن يكون في أول سلم الأولويات ضمن إطار عام وإستراتيجية كاملة للبناء والتنمية علي مدار السنوات القادمة..فكانت مصر2030 هي الرؤية المستقبلية لهذه الفترة الصعبة من عمر الوطن.


في السادس من أغسطس عام 2014 كان وضع حجر الأساس لأول المشروعات القومية"قناة السويس الجديدة"ومنذ تلك اللحظة لم تتوقف المشروعات القومية علي أرض مصر..بعدها بأسبوع واحد كان موعد أول جولة خارجية للرئيس السيسي خارج ربوع الوطن وبالتحديد في الثاني عشر من نفس الشهر كان موعد حضوره للقمة الأفريقية في غينيا الإستوائية..بدأت طائرة مصر السياسة تجوب من جديد مطارات عواصم صنع القرار العالمي تعيد مرة أخري وضع ملامح جديدة للسياسة الخارجية لمصر..ترتكز في المقام الأول علي شراكات متنوعة عادلة ومتوازنة تقوم علي أساس من الاحترام المتبادل وليست كما كانت في سابق عهدها لاتجاه واحد نحو واشنطن..حتي أن أول زيارة للرئيس السيسي لأمريكا لم تكن لواشنطن بل كانت إلي نيويورك لحضور الاجتماع السنوي للأمم المتحدة.. أما أول زيارة خاصة للبيت الأبيض للقاء الرئيس السابق دونالد ترامب فكانت بعد ثلاث سنوات في العام 2017.


تصدٍ بطولي من القوات المسلحة والشرطة المصرية لموجات الإرهاب الأسود  وتطهير كامل لسيناء من فلول داعش والقاعدة وحركة حسم الإرهابية.. مشروعات قومية علي كل المحاور والقطاعات في الدولة وخطة للإصلاح الإقتصادي بعد مصارحة مع الشعب وشفافية كاملة..إعادة تسليح وتطوير كامل للقوات المسلحة بكل فروعها وكذلك تحديث تام لوزارة الداخلية رغم أن مصر تمر بأصعب إختبار إقتصادي في عهدها الحديث حتي أن الإحتياطي النقدي كان قارب علي النفاد وتصنيف مصر الإئتماني كلنا نعلم كيف كان..عشرات المبادرات القومية الصحية والإجتماعية والمجتمعية تتبناها الدولة..انطلقت رحلة من البناء والتنمية في كل الإتجاهات، بنية تحتية بكل أنواعها..مصانع ومناطق صناعية..كيانات عملاقة ومئات الألاف من الأفدنة يتم إستصلاحها وعشرات الألاف من  الصوب الزراعية..توطين للتكنولوجيا ومدن ذكية وجامعات متطورة وأهلية..مدن متخصصة ومؤسسات حكومية رقمية.


سنوات بسيطة وكانت مصر علي رأس الإتحاد الأفريقي  تقود مصالح القارة السمراء بعدد أربع وخمسين دولة أفريقية ومليار وربع المليار من المواطنين الأفارقة بكل إمكانياتهم البشرية والطبيعية..بعد أن كانت عُلقت عضويتها من قبل..لم تنس مصر ملفاتها الخاصة وهي تبحث عن مصالح القارة السمراء في كل الفعاليات الدولية..سنة إستثنائية ودورة غير عادية من دورات الإتحاد الأفربقي..وفود متخصصة رافقت الرئيس السيسي تؤسس لعلاقات وتوقع إتفاقيات شراكة متنوعة..تعليم وصحة..إستثمار وتجارة..فنون وثقافة وغيرها الكثير..مصر تقطع طريق النجاح خطوة تلو الخطوة وتركيا تضل الطريق لحظة بعد اللحظة..مصر تسير وفق خطط مدروسة وتركيا تتخبط من مغامرة لأخري..السيسي يعمل في صمت ويكتسب ثقة العالم..أوردوغان يملأ الدنيا صراخًا وعويلا ويفقد احترام العالم.


الآن وبعد أن نجحت مصر في فك شفرة يناير وفضحت المخطط عليها عقب ثورة الشعب في يونيو..بعد أن أصبحت مصر تدير كل ملفاتها بإرادة مصرية وقرار شعبي خالص..خرج علينا"الشاطر أوردوغان"الذي لا يملك من الطيبة إلا حروفها وهو يتغزل في قوة مصر وأهمية دورها في المنطقة والتاريخ العريق لشعبها!!!


نسي الشرير أردوغان أن الشعب المصري العريق رغم طيبته وتسامحة لا يترك ثأره ولم ينس أرواح شهدائه ولن يفرط في حقوقهم بعد أن امتدت يد الغدر والخسة التي وقف خلفها هو وجماعته التي يأويها ويقدم لها الدعم كل  طوال هذه السنوات..نسي"الشرير"أنه وشريكه في الدوحة وكياناته الإرهابية حجم الدمار الذي خلفه بمغامراته المجنونة في بلاد عربية شقيقة كالعراق وسوريا وليبيا..خرج علينا أوردوغان"بطلعته البهية"وهو يمد يده طالبًا إستئناف العلاقات وعودة كل شيء كما كان وكأن شيئا لم يكن..خرج علينا أردوغان وحزبة ورجاله طالبًا عودة كل شيء كما كان وكأن شيئا لم يحدث وهي بالطبع كانت خطوة متوقعة ومنتظرة.


بالتأكيد ليس هناك صداقة دائمة في السياسة كما أنه من الخطأ الإعتقاد بوجود قطيعة للأبد ولكن!!!!هل جاء السلطان العثماني معترفًا بخطأه أم أنه شُفي فجأة من مرض "إنفصام الشخصية" الذي ظل يعاني منه طيلة السنوات الماضية؟؟!!أم أنها جولة جديدة من الخداع والحيل قرر خوضها بعد أن بدأ يتجرع كأس المرارة والهزيمة في كثير من معاركة السياسية المجنونة ضد مصر ولمَ لا؟؟!


السودان تخلص من نظام حكم إخواني إستبدادي وهو البلد الذي بني حلمه  فيه علي وجود أحد توابعه"البشير الإخواني" لتنفيذ أهدافه الخبيثة وتطويق مصر من ناحية الجنوب ولا ننسي زيارته الشهيرة إلي جزيرة سواكن السودانية لعمل قاعدة عسكرية هناك بحجة الإستثمار ثم التحكم في أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب..الشقيقة ليبيا بدأت تتلمس طريق العودة والوحدة الوطنية  مع الحكومة المؤقتة الجديدة بعد تدخله المشبوه فيها بالأسلحة وآلاف المرتزقة وتوقيع إتفاقيات تفوح من داخلها برائحة الخيانه مع عميله في الغرب الليبي  ومليشياته الإرهابية "فايز السراج"وهو يدرك جيدًا أن بيان القاهرة و الخط الأحمر"سرت الجفرة" الذي وضعه له الرئيس السيسي كان حاسمًا في هذه المعركة ولم يعد بوسعه تطويق مصر من ناحية الغرب كما ظل يحلم هو وجماعته ومرشده كل هذه السنوات..


ملف مياه النيل التي حاول أن يمد عليها  يده هناك عند منابعها هو والكيان الصهيوني وللأسف بأموال قطرية لتعطيش شعب مصر وتركيعه اقتربت من نقطة الحسم..منظمة منتدي غاز شرق المتوسط والذي مقره القاهرة بعد سنوات من الاحتكاك مع أضلاع مثلثها الرئيسي(مصر واليونان إلي جانب قبرص) يسير بخطي ثابته علي نفس الدرب الذي سارت عليه منظمة أوبك خصوصًا بعد إنضمام أمريكا وفرنسا والإمارات إليها..الجميع يحمل له من المشاعر السلبية ما يكفي إلا حليفه الإستراتيجي (الكيان الصهيوني) الذي اعترف بوجوده منذ الإيام الأولي للدولة اليهودية علي فلسطين الشقيقة.


مصر تقود القرار العربي وتفعل إسترتيجية للعمل العربي المشترك وخلفها باقي الرباعي السعودية والإمارات إلي جانب البحرين..هذا الموقف العربي المشترك نستطيع قراءته في بعض المناطق العربية التي تلتهب فيها الأحداث كالملف الليبي وكذلك تهدئة الأحداث في السودان ودمج معظم الحركات المسلحة في الجيش الوطني السوداني ولم يتبق إلا فصيلين أحدهما يمثل أتباع عبد الواحد نور في غرب دارفور والأخر يمثل عبد العزيز الحلو واتباعه جنوب كردفان بعد أن انضمت باقي الحركات ووقعت علي إتفاق جوبا..هذا إلي جانب دعم مصر للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن ضد المليشيات الحوثية..لاننسي دعم مصر والرباعي للبنان ضد التمدد الشيعي الإيراني وحزب الله هناك وكذلك دعم مصر للدولة الوطنية في سوريا والعلاقات المحترمة بين الأردن والعراق ومصر وأيضًا كل الدول العربية ومعظم الدول الأفربقية.


استطاع الرئيس السيسي في بضع سنوات تكوين وتقوية شبكة من العلاقات المصرية الأفريقية والعربية تمثل قاعدة هامة ودعما ساعد بدون شك علي بناء قاعدة من العلاقات الدولية الفاعلة والمحترمة في حين أصبح أوردوغان شبه منبوذ من المجتمع الدولي..أوروبا بدأت تلوح له بالعقوبات والجدية والصرامة بعد أن ظل يتمادي في تهديدها من آن لآخر  بورقة الهجرة غير الشرعية وموقفه من اليونان وقبرص وهم أعضاء في الإتحاد الأوروبي بالإضافة إلي التقارب مع روسيا والصين ذات الأنظمة الشيوعية التي تتنافي مع الليبرالية الغربية التي ظل الأتراك يلهثون عقودا وعقودا للإنضمام إلي إتحادها الأوروبي..أمريكا تلوح له بالعقوبات أيضًا من وقت لأخر بسبب سياسته غير المسئولة في العراق وسوريا وصفقةS4oo التي تطعن في سمعة الأسلحة الأمريكية..حتي أن روسيا نفسها لا تتفق معه بشكل كامل فالمصالح تتعارض وتركيا عضو في حلف الناتو.


مصر تسير بخطي ثابتة نحو تحقيق ما خططت له وتركيا تواجه  مستقبلا غير مستقر إذا ماظلت في قبضتة ورجاله من حزب  العدالة والتنمية..لم تكن أطماع أوردوغان التوسعية وسلوكه الشاذ نحو جيرانه وإيواؤه للقيادات الإرهابية سوي حجر عثره تهشمت عليه أحلامه وكُسر بسببه أنفه.


حسنًا فعلت مصر حينما قررت أن تضع لأوردوغان وقياداته إطارًا مفصلًا عن موقفه حيال ملفات بعينها وجدولا زمنيًا عليه تنفيذه والإلتزام به وإبداء حسن النوايا قبل القبول بمناقشة جلوس أي مسئول مصري مع نظرائه من الأتراك..حفظ الله مصر وقيادتها السياسية من كل سوء.