الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

على الرغم من تركه المدرسة.. تقلد الأوسمة وعين مستشارا للحكومة.. ننشر قصة حياة "هاكسلي" أصغر عالم أحياء

توماس هاكسلي
توماس هاكسلي

ولد "توماس هنري هاكسلي" في "إيلينغ"‏ بانجلترا يوم 4 من شهر مايو عام 1825م ، وهو عالم أحياء بريطاني ، كما كان يلقب (بكلب داروين) لدفاعه القوي عن نظريته "النشوء والتطور" التي كانت مثيرة للجدل والرفض من قبل علماء دين والعديد من علماء الأحياء آنذاك .

ترك توماس المدرسة وهو في سنِّ العاشرة بعد سنتين فقط من التحاقه بالمدرسة بسبب مصاعب مالية عديدة ، بعد طرد والده من عمله كمدرس ، وعلى الرغم من هذا ، فقد كان مُصمِّمًا على تثقيف نفسه وهكذا قام في سنِّ المراهقة بقراءة عدد كبير من الكتب العلميَّة والفلسفيَّة وتعلَّم اللغة الألمانيَّة واللاتينيَّة واليونانيَّة.

اقرأ أيضا :


التحق "هكسلي" بالبحرية الإنجليزية كمساعد جراح ، ولم يعد إلى إنجلترا إلا سنة 1850م ، ثم انتخب زميلا للجمعية الملكية 1851م ، ثم رئيسا لها من عام 1883م وحتى عام 1885م ، كما عين في المجلس الملكي الخاص عام 1892م وفي عام 1863م نشر كتابه في التطور "مرتبة الإنسان في الطبيعة" وعلى عكس داروين، فقد ركز هاكسلي في كتابه هذا على نسب الإنسان ، وكان أول من استخدم مصطلح  "لاأدري" وهو مصطلح شائع بين المجتمعات حتى وقتنا الحالي .

وفي سنِّ الشباب أصبح هكسلي خبيرًا في الكائنات اللافقاريَّة ثمَّ الفقاريَّة ، وكان ماهرًا في الرسم ودائمًا ما كان يرفق منشوراته عن اللافقاريَّات البحريَّة برسوم توضيحيَّة ، بالإضافة لذلك كتب كثيرًا حول العلم والدين وكان فهمه لللاهوت أفضل من فهم معظم خصومه من رجال الدين، وهكذا أصبح الصبي الذي ترك المدرسة في سن العاشرة أحد أكثر رجال بريطانيا علمًا.

تدرَّب هكسلي لفترة قصيرة في المجال الطبي على يد العديد من الأطباء أشهرهم توماس تشاندلر الذي كان معروفًا بتجاربه عن الأدوية والسموم المختلفة، والتحق بعد ذلك بكلية سيدنهام للطب والتشريح واستمرَّ في القراءة لتعويض افتقاره للتعليم المدرسي الرسمي، بعد مرور عام وبفضل نتائجه الممتازة وحصوله على الميدالية الفضيَّة في مسابقة الجامعة السنويَّة تمَّ قبوله للدراسة في مستشفى تشارنج كروس .

وقد تتلمذ على يد توماس وارتون جونز أستاذ طب وجراحة العيون في جامعة لندن، وفي العشرين من عمره اجتاز هكسلي أول امتحان في جامعة لندن وفاز بالميدالية الذهبية في علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء، رغم ذلك لم يتقدَّم للامتحانات النهائية وبالتالي لم يحصل على شهادته الجامعيَّة ولكنَّ تدريباته ونتائج الامتحان خوَّلته دخول البحريَّة الملكية البريطانيَّة.

وفي يوليو عام 1854 م أصبح أستاذًا للتاريخ الطبيعي في المدرسة الملكيَّة للمناجم، وعالمًا طبيعيًَّا في هيئة المسح الجيولوجي البريطاني في العام التالي، وشغل العديد من المناصب الأخرى أهمُّها ، أستاذ في المعهد الملكي من عام 1855 وحتى عام1858م ، كما شغل منصب أستاذًا في الكليَّة الملكيَّة للجراحين من عام 1863 وحتى عام 1869م ، ورئيسًا للجمعيَّة البريطانيَّة لتقدم العلوم من عام 1869 وحتى عام 1870م ، ورئيسًا للجمعيَّة الملكية 1883م  كما تقلد منصب الرابطة البيولوجيَّة البحريَّة عام 1884م ومفتشًا لمصايد السمك البريطانيَّة 1884م .

تقاعد "هكسلي" عام 1885 بعد نوبة مرضيَّة واستقال بعدها من رئاسة الجمعيَّة الملكيَّة، خلال هذه الفترة كان راتبه السنوي قرابة 1200 جنيه إسترليني ، في عام 1890 انتقل هكسلي من لندن إلى إحدى الضواحي وهناك حرَّر المجلَّدات التسعة من كتابه "المقالات" وفي عام 1895 توفي بنوبة قلبيَّة في 29 يونيو عام 1895م ، بعد أن عانى من الإنفلونزا والالتهاب الرئوي ودفن في مقبرة سان ماريليبون شمال لندن.

حصل "هكسلي" على العديد من الجوائز وأوسمة الشرف وبلغ مكانة عالية بين رجال العلم في بريطانيا ، كما حصل على الميدالية الملكيَّة من الجمعيَّة قبل عامٍ واحد من حصول تشارلز داروين على نفس الجائزة، وبذلك أصبح أصغر عالم أحياء يحصل على هذه الميداليَّة ، وحصل على ميدالية كوبلي عام 1888 وعلى ميدالية داروين عام 1894م .

كما منحته الجمعيَّة الجيولوجيَّة وسام ولاستون عام 1876، بالإضافة لذلك كان هناك العديد من الجوائز الأكاديميَّة والأوسمة الأخرى من عدة هيئات علميَّة بارزة، وحصل على تكريمٍ من ملك السويد عام 1873 ، جمع هكسلي العديد من الزمالات والعضويات الفخريَّة في أكثر من جمعيَّة أجنبيَّة بالإضافة لعدد من شهادات الدكتوراه الفخريَّة من بريطانيا وألمانيا، وانتخب عضوًا أجنبيًَّا في الأكاديميَّة الملكيَّة الهولنديَّة للفنون والعلوم في عام 1892

كما عُيِّن مستشارًا خاصًَّا للحكومة في عام 1892م ، ويعتبر "هكسلي" من أكثر مناصري التطور لنحو ثلاثين عامًا، وبالنسبة للبعض يعتبر المدافع الأول عن العلوم في القرن التاسع عشر في العالم الناطق بالإنكليزيَّة بأكمله.

وعلى الرغم من أنَّه كان لديه العديد من التلاميذ والمعجبين إلَّا أنَّ تقاعده ووفاته لاحقًا تركت علم الحيوان البريطاني محرومًا من قائده، لأنَّه كان بشكلٍ أو بأخر هو المسؤول عن التعيينات والوظائف للجيل القادم من علماء بريطانيا.