الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رمضان البيه يكتب: ولا تفسدوا في الأرض

صدى البلد

عندما خلق الله تعالى الأرض مهدها وهيأها لحياة الإنسان عليها، فأقام عليها الجبال وجعلها رواسي حتى لا تميد بمن عليها وأجرى فيها البحار والأنهار وجعلها تنبت وأودع فيها كل أسباب الحياة  من هواء وماء وحيوان وحب ونبات ومعادن وسخرها للإنسان وجعلها ممدة له بكل الخيرات.. يعيش ويبني عليها ويأكل ويشرب ويلبس منها وجعلها الله تعالى مصدرا لكل خير ولكل أسباب الحياة وأمرنا سبحانه وتعالى أن نحافظ عليها ونثري الحياة عليها ولا نفسد فيها بعد إصلاحها فقال سبحانه "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين".. 


وأمرنا سبحانه بإقامة الخلافة عليها وذلك بعمارتها وإقامة العدل الإلهي عليها ونشر الرحمة الإلهية بين ربوعها  وجعل ذلك موطن الابتلاء والاختبار ومحل الجزاء من ثواب وعقاب .. والإنسان ليس بغريب عليها فمنها خلق الله جسد الإنسان وهي الحاضنة له بعد وفاته وانتهاء أجله فهي بمثابة الأم الحانية الحنونة فمن رحمها خلقت الأجساد . يقول عز وجل "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى"..  هذا وما جاء للبشر منها إلا كل خير وسبحان الله جحد الإنسان ولم يقابل الإحسان بإحسان والخير بالخير فمنذ أن وضع قدمه عليها إلا وأفسد فيها وأساء إليها وتحققت نبوءة الملائكة عليهم السلام، عندما أخبرهم الحق سبحانه وتعالى بأنه جاعل في الأرض خليفة فقالوا "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك".. تحقق قول الملائكة وأفسد البشر في الأرض بل عاثوا فيها فسادا وسفكت الدماء منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل بدافع الحسد والطمع والغيرة ومن يومها وإلى الآن تسفك الدماء وتراق على الأرض ولقد عاث البشر فسادا في الأرض ونسوا قول الله تعالى ونهيه عن الإفساد فيها حيث قال تعالي "ولا تعثوا في الأرض مفسدين".. وقال سبحانه "ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون"..


هذا ومن العجب ادعاء أهل الفساد أنهم هم المصلحون . يقول عز وجل في ذلك "وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون"..هذا ولقد بلغ من الفساد والإفساد في عصرنا هذا ما لم يبلغه زمن من الأزمنة ولا عصر من قبل.  نعم لقد تجاوز البشر كل حد بعدما نبذوا كتاب الله تعالى وتعاليم السماء وهدي الأنبياء من وراء ظهورهم  وبعدما لهثوا خلف أهواء أنفسهم  وشهواتهم وملك حب الدنيا قلوبهم وعمت الأطماع بصائرهم وملأ الغرور أنفسهم وعلى أثر ذلك تفشت الرذائل والقبائح بشكل بشع وغابت القيم الإنسانية النبيلة  والأخلاق والفضائل وظهر الشذوذ والعري والخلاعة والمجون وعبدة الأهواء والشياطين وتفشى الفسق والفجور وكثر القتل وإسالة الدماء وأصبحنا نعيش في عالم لا عقل ولا رشد له و كم تألمت الأرض وتوجعت وضجت من فعل البشر..


من هنا ومن أجل ذلك أرسل الله تعالى لنا هذا الفيروس المدمر الذي أرعب العالم بأسره شرقا وغربا وأربكه وهو بمثابة عقوبة مخففة وانذار للبشر وتذكيرهم بضعفهم وعجزهم حتى يعودوا إلى رشدهم وينتهوا عن غيهم وادعاهم أنهم قادرون عليها ..فهل فهمنا الدرس وأدركنا الحكمة الإلهية من وراء جندي الله المسمى بكورونا ولماذا سلطه الله تعالى علينا... أعتقد أن القليل من البشر هم الذين سيستوعبون الدرس..اللهم اجعلنا منهم.