الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مؤسسة نزيهة أم كيان مسيس؟.. منظمة الصحة العالمية تخوض اختبارها الأصعب في ذكرى تأسيسها.. كورونا يدفع بها إلى صدارة الفعل الدولي.. وعلاقتها مع الصين علامة استفهام كبرى

منظمة الصحة العالمية
منظمة الصحة العالمية

7 أبريل يوم الصحة العالمي احتفال بتأسيس منظمة الصحة العالمية
المنظمة تلقت ضربة موجعة بعد قطع ترامب التمويل والعلاقات معها
بايدن أعاد الولايات المتحدة لعضوية منظمة الصحة العالمية فور توليه منصبه
التستر على مسئولية الصين عن انتشار كورونا أبرز الاتهامات الموجهة للمنظمة

 

تحتفل منظمة الصحة العالمية في 7 أبريل من كل عام بيوم الصحة العالمي، والذي يوافق ذكرى تأسيس المنظمة أيضًا في 7 أبريل 1948.

 

ولم يسبق للمنظمة أن مرت بفترة أكثر دقة وحساسية وصعوبة من تلك التي مرت بها منذ تصنيف المرض الذي يسببه فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 باعتباره جائحة عالمية، ففضلًا عن المشكلات المتعلقة بقدرات المنظمة المالية والتنظيمية على مكافحة الجائحة، أصبحت المنظمة موضوعًا لاستقطاب دولي حاد بشأن استجابتها للجائحة ودورها في تحديد منشأ الفيروس.

وبلغ الاستقطاب الدولي بشأن منظمة الصحة العالمية ذروته مع إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وقف دفع حصة الولايات المتحدة في الاشتراكات المالية الدولية بالمنظمة في 15 أبريل 2020، ثم إعلانه قطع العلاقات بالكامل مع المنظمة في 29 مايو الماضي.

وبرر ترامب قراراته بإساءة إدارة منظمة الصحة العالمية لأزمة جائحة كورونا، وتلكؤها في إعلان فيروس كورونا جائحة عالمية، وتسترها على دور الصين في انتشار الجائحة عن قصد أو عن غير قصد.

ووفقا للرئيس الأمريكي السابق فإن تأخر الصين في الكشف عن الوباء ونطاقه ومدى فتكه بالبشر كلف سائر دول العالم وقتا ثمينا كان يمكن خلاله اتخاذ إجراءات لوأد الفيروس في مهده.

وقال ترامب "لو أن منظمة الصحة العالمية قامت بعملها بإرسال خبراء طبيين إلى الصين لتقييم الوضع على الأرض بشكل موضوعي وفضحت عدم شفافية الصين، لكان من الممكن احتواء تفشي المرض في مهده مع عدد قليل جدا من الوفيات".

وأضاف "كان من الممكن لهذا الأمر أن ينقذ آلاف الأرواح وأن يمنع وقوع الأضرار الاقتصادية العالمية. لكن بدلا من ذلك، فإن منظمة الصحة العالمية قررت أن تثق بظاهر التطمينات الصينية ودافعت عن تصرفات الحكومة الصينية".

وكانت قرارات ترامب ضربة موجعة لقدرات المنظمة، بالنظر إلى كون الولايات المتحدة المساهم الأكبر في ميزانية المنظمة، وبلغت مساهمة الولايات المتحدة المالية في المنظمة عام 2019 نحو 400 مليون دولار، ما جعلها أكبر جهة تساهم بحصة فردية تبلغ 15 بالمائة تقريباً من ميزانية المنظمة.

وأيدت أطراف مسموعة الصوت موقف ترامب من منظمة الصحة العالمية واتهامه لها بالتستر على دور الصين، ورأى جو أمون أستاذ الصحة العالمية في جامعة دريكسل "مع أنه من المعترف به بشكل واسع أن رد الصين كان مخالفاً للشفافية إذ قللت الحكومة من عدد الإصابات، واستخدمت الترهيب ضد المبلغين، ثم أشاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية بشفافية بكين". وأوضح أن المنظمة بهذه الطريقة "أشارت إلى أن الوباء قد لا يكون على درجة كبيرة من الخطورة".

ورأى آخرون وبينهم منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية، أن تأثير بكين دفع منظمة الصحة العالمية إلى تجاهل عواقب الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الصين، في مجال حقوق الإنسان.

لكن سوري مون المديرة في مركز الصحة الشاملة في معهد الدراسات الدولية العليا والتنمية في جنيف، رأت أن منظمة الصحة العالمية "لا تستطيع إجبار الحكومات على اتباع توصياتها لأن الحكومات لم تمنحها هذا النوع من الصلاحيات".

ومن ناحية أخرى، ربما تكون تحركات ترامب قد صبت في صالح المنظمة بالتحليل الأخير، فخطواته استدعت حملة دولية صاخبة لدعم المنظمة ومساندتها وزيادة المساهمات الدولية والخاصة في ميزانيتها.

وإزاء الضغوط والاتهامات الأمريكية، ركز المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس على مهمة رئيسية واحدة: بناء تضامن دولي ضد تفشي فيروس كورونا.

وانتقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بشدة قرار ترامب، معتبرا أن "هذا ليس وقت خفض موارد" مثل هذه المنظمة الأممية المنخرطة في الحرب ضد وباء كوفيد-19.

وقال جوتيريش في بيان "هذا ليس وقت خفض تمويل عمليات منظمة الصحة العالمية أو أي منظمة إنسانية أخرى تكافح الفيروس. قناعتي هي أنه يجب دعم منظمة الصحة العالمية لأن أهميتها حاسمة في الجهود التي يبذلها العالم للانتصار في الحرب ضد كوفيد-19".

وحثّ الاتحاد الأوروبي ترامب على إعادة النظر بقراره. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في بيان مشترك مع مفوض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية جوزيب بوريل: "في مواجهة خطر عالمي، الوقت الآن لتعزيز التعاون والحلول المشتركة، ومن الأفضل تجنّب الأفعال التي من شأنها إضعاف ثمار الجهود الدولية".

كما أعرب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن "أسفه العميق" لتعليق المساهمة الأمريكية في منظمة الصحة العالمية. وكتب بوريل في تغريدة "ليس هناك أي سبب يبرر" هذا القرار في وقت تُعتبر جهود منظمة الصحة العالمية "ضرورية أكثر من أي وقت مضى للمساعدة في احتواء وتخفيف انتشار الوباء في العالم".

وكتب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في تغريدة على تويتر "علينا العمل بتعاون وثيق ضد كوفيد-19". وأضاف أن "أحد أفضل الاستثمارات هو تعزيز الأمم المتحدة وخصوصا منظمة الصحة العالمية التي ينقصها التمويل مثلا لتطوير وتوزيع معدات الفحص واللقاحات".

وعلى أي حال، فقد انتهى الشقاق بين الولايات المتحدة ومنظمة الصحة العالمية بهزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في نوفمبر الماضي أمام خصمه الرئيس الحالي جو بايدن، الذي وقع مرسومًا بإعادة الولايات المتحدة إلى عضوية منظمة الصحة العالمية بعد توليه منصبه رسميًا في 20 يناير الماضي.

مع ذلك، بدت إدارة الرئيس بايدن غير راضية عن تحقيق المنظمة في الصين حول منشأ فيروس كورونا، وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في بيان إن من المحتم أن يكون تقرير المنظمة مستقلا وخاليا من أي "تغيير تجريه الحكومة الصينية"، مرددا مخاوف أثارتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الذي تحرك للانسحاب من منظمة الصحة العالمية بسبب هذا الأمر.