الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تعالوا نحلم بالأمس

                  

ماذا لو حلمنا بمصر الأمس؟!،.. ولما لا،.. فأمس مصر غير أي أمس؟!.. فمنذ السبت الماضي حتى هذه اللحظة، ومفكرتي الذهنية خالية تماماً من أي شيء عدا كل تفصيلة لتلك المشاهد المبهرة المصاحبة لاحتفالية نقل الموميوات الملكية،.. حتى أن صورة الخيول وهي تنحني عند استقبال ال22ملك وملكة مصرية لا تفارق مخيلتي ليل نهار.. 
ولا أدري لما ولا كيف تملكتني لهفة شوق لانهائية، ورغبة جنونية أن أركب عجلة الزمن لتأخذني للوراء وتحديداً إلى 3200عام قبل الميلاد..ربما أحظى بالعيش مع أولئك العظماء الذين أتوا بحضارتهم..ليبقوا..ويعلموا العالم أجمع أصول وقواعد الخير..الحب.. والسلام..
لن أتكلم عن عبقرية الفراعنة في التعامل مع فيضانات نهر النيل وزراعتهم لمحاصيل تكفيهم طوال العام.. ولن أتحدث عن تميزهم في دنيا الرياضة،الطب، الثقافة والفنون حتى أننا لازلنا نقف عاجزين أمام أسرار تحنيطهم للموتى وبقائها حتى يومنا هذا دون أن تتحلل.. فضلاً عن هرمهم الأكبر أحد عجائب الدنيا السبع والذي لم يصل أحد إلى فك طلاسم بنائه بعد..
لكنني أقف عند تلك العلاقة العشقية بين الرجل والمرأة في مصر القديمة، والتي عبر عنها امنحوتب الرابع اخناتون لزوجته نفرتيتي على جدران أحد المعابد قائلاً "أقسمت بك يا الهي أن تجعلها نوراً في قلبي لا ينطفئ، وتجعلني عوداً في ظهرها لا ينكسر، فهي مني وأنا منها، وكلانا سر وجود الأخر".. ومع كلماته روحت وغيري من النساء المتيمات بتلابيب الغرام نتحسر على حظنا العاثر الذي جاء بنا في عصر ندر فيه حرفي الحاء والباء.. 
وقبل أن يربط أحد قليلو الحب المشاعر الحلوة بالجاه والملك، ليبرروا جفاء عواطف اليوم، أدعوهم لقراءة الأدب في عهد الفراعنة الذي لم يفرق بين غني وفقير ولا رجل وامرأة في عالم العشق،..وأصدق دليل على الأحاسيس الجياشة  للمصري القديم هي تلك اللوحة المنقوشة على مقبرة بسقارة لمغني كان يعمل لدى أحد الفراعنة أسمه كاهاي وزوجته وهو يحدق بعينها وكلاهما متيم بالأخر وعليها عبارة "أنظري إلي سيدتي ومحبوبتي.. فمن عينيك أستمد قوتي"..  لم تكن تلك المقبرة الوحيدة التي تكشف عن الحنان الهادر لرجال ونساء من مختلف طوائف الشعب.. فهناك عشرات من النقوش والرسومات التي تحمل أسمى معاني الهيام حتى أن زهرة اللوتس كانت عنوان العشق، فيتبادلها الأزواج والزوجات مع كل طله غرام.. 
باختصار،.. المصريون القدماء أول من قدس الحب، والمرأة في زمنهم كانت تحظى بمكانة رفيعة في حياة الرجل الدينية والدنيوية، فقد سبقت مصر الفرعونية العالم في احترام المرأة ومنحها حقوق مساوية للرجل بل أن الحكيم المصري القديم "بتاح حتب" أوصى بالنساء قائلاً "إذا أردت الحكمة فأحب شريكة حياتك،أعتن بها كي ترعى بيتك"..
وبعد كل ما قيل،.. أليس لدي الحق أن أحلم بالأمس؟!،.. فبعد تلك الاحتفالية الأسطورية التي أبهرت العالم بتفاصيلها وهوامشها، لم يعد الحلم ببعيد وتحقيقه ليس مستحيل..  كل ما علينا أن نستحضر أرواح أجدادنا القدماء، ونتعلم منهم فنون الحب والاحترام.. وقتها،.. لن تنصلح أحوالنا العاطفية فقط بل وأيضاً نتفوق في شتى المجالات،.. لنعيد أمجادنا الحضارية، ونصل لأجمل غد..


      
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط