الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأحفاد .. يستفيدون دائما من الأجداد!

 

أشياء عظيمة اكتسبناها من حدث نقل المومياوات الملكية الذى أبهر العالم السبت الماضى .. فتحنا أبواب حجرات عدة متاحف لاستقبال القطع الأثرية الخالدة لتستقر فى حضن أرضها ووطنها .. تفوقنا فى تنظيم حفل أسطورى بأوركسترا محترف غناء وعزفا وقيادة رغم شوقنا الحار إلى موسيقى شرقية تفوح من رائحة الحضارة الفرعونية أكثر من الأسلوب الغربى الذى غلب على نغمات الأوركسترا .. أزياء شديدة الرقى والأناقة تنطق بالذوق الرفيع والعين الساحرة .. إخراج مسرحى وتليفزيونى يتحلى بالإتقان فى التنفيذ والدقة فى الانتقال من حالة لأخرى فى نعومة ومهارة تكنيكية فى استغلال الصورة للتأثير على المتلقى .. جنود مجهولون خلف الكواليس صنعوا “مجدا خاصا” فى التعبير عن عمق وخلود الحضارة المصرية بأحدث الوسائل العصرية وسواعد البناء وملكات الإبداع .. نجوم تحدثوا بطلاقة عن سحر التاريخ ومشوار الـ ٧ آلاف سنة الزاخر بالإنجازات وبصمات الإعجاز، ولم ينتقص من المشهد البديع سوى غياب شخصيات بارزة عالميا فى وزن السير مجدى يعقوب والعالم الأثرى الكبير زاهى حواس وأيقونة الشباب محمد صلاح ووجه أسمر أصيل بموهبة ذهبية مثل سوسن بدر، وهى نماذج جديرة بالمشاركة فى الحدث لإثراء المضمون والارتقاء بقيمة اللحظة التاريخية والدلالة على أن المصريين عابرون للقارات ويبلغون العالمية!.
لايمكن اختزال الساعات التى قضيناها فى الاحتفاء بماضينا وأسماء أجدادنا والزهو بانتصاراتهم وأفعالهم .. وما صدر عن الأحفاد أمام “الأب” عبد الفتاح السيسى وأعضاء الحكومة أكبر برهان على وراثة جينات التميز والحضارة .. كل هذا رائع ويدعو إلى الفخر والاعتزاز بالهوية ولقب “أنا المصرى” .. ومؤكد أن هذه هى مشاعر رجل الشارع وهو يتابع الحدث بكل تفاصيله وسيناريوهاته المذهلة بالصوت والضوء .. ولكنه يتطلع بعينيه وذهنه إلى ما بعد الاحتفال .. يترقب الفائدة الأعظم من قرار إحياء متاحف الدولة فى أكثر من موقع استراتيجى لجذب السياحة ومضاعفة الدخل القومى .. فكل فرد شاهد العرس على الشاشة الصغيرة أو من فوق الكبارى وخلف أسوار المتحف القديم بأجهزة الموبايل أو كاميرات الفوتوغرافيا والفيديو، تدور بداخله أسئلة كثيرة عن مستقبل “المومياوات الملكية” بعد دخولها عصر الذرة والفيمتوثانية .. ومصدر هذه الأسئلة هى الرغبة فى جنى “ثمار” هذه البانوراما الاستعراضية التى أسدل الستار عليها بالتصفيق الحار وعبارات الإشادة والمدح .. والثمار المنتظرة لن يحصدها المصريون إلا عند ذهاب أجيالنا فى رحلات مدرسية وجامعية منتظمة ودورية إلى متاحفنا ومعرفة أسرار كنوزنا المسافرة .. وضخ دماء جديدة من شباب الخريجين من كليات الإرشاد السياحى والآثار والسياحة والفنادق للعمل فى هذه المتاحف والمزارات ليكونوا خير مرشد ودليلا مفيدا يروج لعظمة وتاريخ حضارتنا بالعلم والوثائق والحقائق المسجلة المحفورة فى الأذهان قبل الجدران.
المشروع فرصة لجلب المنفعة اقتصاديا وسياحيا وثقافيا، ودعوة لغرس بذور الانتماء لهذه الأرض الطاهرة .. ومن نافذة هذه المتاحف وأركانها المقدسة نتواصل مع العالم الآخر وننتزع احترامه وتقديره، لاسيما وأنه يتربص بنا ويستبعد قدرتنا على حماية هذه المقتنيات واستثمارها والحفاظ على الصورة المثالية التى رُسمت منذ أيام .. ومن دواعى “الإدارة الذكية” أن يُوجَّه الجانب الأكبر من عوائد الزيارات والجولات اليومية إلى متاحفنا نحو خزينة الدولة لإنفاقها على ميزانيات التعليم والصحة والبحث العلمى والاكتشافات التاريخية الجديدة .. وما المانع فى أن تؤسس وزارة الآثار فريقا مُحكما من شباب “السوشيال ميديا” مهمته الدعاية والتسويق لكنوزنا وتعميم التجربة فى متاحف المحافظات والمدن الساحلية وصولا إلى شرم الشيخ والغردقة باعتبارهما قبلتى السياحة الأجنبية؟! .. الأفكار غزيرة والاقتراحات وفيرة، والعبرة فقط بمن يلتقط خيوطها ويغزل بها “قماشة” عمل وعطاء .. وطموح دائم!.
- أعتقد أن التفكير بجدية والتنفيذ بإخلاص فى هذه الاتجاهات هو أفضل ترجمة لأفلام الاحتفالات ذات الإنتاج الضخم .. كما أنها الاختبار الأصعب للأحفاد الذين استفادوا كثيرا ودائما من الأجداد .. وبإمكانهم أن يستفيدوا أكثر لو أحسنوا التصرف .. وراعوا ضمائرهم وعقولهم!.

 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط