الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شيدته مصر.. هل ينقذ خزان جبل أولياء السودان من أخطار سد النهضة

خزان جبل أولياء في
خزان جبل أولياء في السودان

أعلنت وزارة الري السودانية اليوم، إنها ستبدأ حجز 600 مليون متر مكعب من المياه في خزان جبل الأولياء تحسبا للملء الثاني لـ سد النهضة.

ودعت الوزارة كل المزاعين والرعاة ومحطات مياه الشرب ومشروعات الري ومستخدمي المياه والمواطنين عامة في البلاد لاتخاذ الاحتياطات اللازمه لتجاوز آثار ملء وتشغيل سد النهضة خلال الفتره من أبريل حتى سبتمبر 2021.

اقرأ أيضًا | أول رد من السودان على عرض إثيوبيا بترشيح مشغلين لسد النهضة

وخزان جبل أولياء هو سد حجري على نهر النيل الأبيض على بُعد 44 كيلومترًا جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، ويبلغ طول السد 5030 مترًا، ويقع بين جبل أولياء وجبل مندرة، وهو مدعوم من الناحية الشرقية بسد ترابي مبني من الطين والصخر طوله 1650 مترًا ويشكل جبل أولياء الجناح الشرقي للسد، أما من الناحية الغربية فتمتد الردميات إلى 3700 متر.

ويبلغ الطول الإجمالي للسد 6680 متر، وارتفاعه 381.5 متر فوق مستوى البحر، و22 مترًا من القاع وحتى أعلى جسم السد. ويبلغ عدد بوابات التصريف 40 بوابة، ولا يوجد في خزان جبل أولياء مفيض، فاستعيض عنه بإنشاء 10 بوابات احتياطية.

وتمتد بحيرة خزان جبل أولياء جنوباً لمسافة 635 كيلومترًا حتى بلدة ملوت. وبلغ أعلى منسوب للتخزين 376.5 أمتار فوق سطح البحر. وتبلغ الطاقة التخزينية للسد 3,5 مليار متر مكعب من المياه وحجم الفاقد من المياه مليار متر مكعب.

وتعود قصة بناء خزان جبل أولياء إلى قرار حكومة الحكم الثنائي البريطاني المصري للسودان عام 1912 إقامة مشروع لزراعة القطن في منطقة الجزيرة يعتمد على الري من سد يقام على نهر النيل الأزرق. وكان على الجانب البريطاني بطبيعة الحال الحصول على موافقة مصر الشريك الثاني في حكم السودان آنذاك، لكن مصر رفضت الفكرة.

وأمام هذا الرفض المصري قرر حاكم عام السودان اللورد البريطاني هربرت كتشنر تشكيل لجنة للنظر في مخاوف مصر من المشروع. وأوصت اللجنة في تقرير قدمته في 1913 بالمضي قدمًا في إنشاء مشروع الجزيرة وبناء خزان في سنار لري المشروع من النيل الأزرق، على أن يتزامن ذلك مع تعويض مصر ببناء خزان آخر في منطقة جبل أولياء على النيل الأبيض لحجز المياه لفائدتها وحدها في فترة انخفاض منسوب مياه النيل الأزرق والتي تمتد من شهر يناير وحتى شهر مارس سنويًا.

وتحفظت مصر على هذه المقترحات باعتبار أن خزان جبل أولياء سيكون خارج أراضيها، ما يعني أن إدارته والإشراف عليه والتحكم فيه سيكون في يد الحكم البريطاني بالسودان، فضلاً عن عدم استعدادها لتحمل التكلفة العالية لبناء السد. وردت بريطانيا بأنها لا تمانع من أن يكون خزان جبل أولياء تحت إدارة مصر وإشرافها دون تدخل من حكومة الحكم الثنائي، وأن تكون مياهه كلها لاستخدام مصر وحدها، لكن انجلترا رفضت بشكل قاطع المساهمة في تكلفة بناء الخزان.

وبعد مفاوضات مكثفة وافقت مصر على بناء السدين، وبدأ العمل في بناء سد سنار لينتهي في عام 1926، لكن خزان جبل أولياء لم يبدأ تشييده إلا عام 1933، ليكتمل عام 1937، وذلك لأسباب مالية.

وتولت الحكومة المصرية الإشراف الفني والإداري الكامل على السد من عام 1933 وحتى عام 1977، دون أي تدخل من حكومة الحكم الثنائي أو الحكومات الوطنية بعد استقلال السودان عام 1956، وظل الخزان يؤدي دوره كخط إمداد ثان للمياه في مصر حتى عام 1971، عندما اكتمل بناء السد العالي.

وبلغت تكلفة بناء السد 2.5 مليون جنيه مصري، ودفعت مصر مبلغ 750 ألف جنيه إسترليني كتعويضات لسكان المنطقة السودانيين الذين اضطروا للنزوح وهجروا منازلهم بسبب إغراق أراضيهم الزراعية بمياه بحيرة السد. وكانت مصر قد وافقت بموجب اتفاقية مياه النيل لعام 1959 بتسليم خزان جبل أولياء إلى السودان حال اكتمال بناء السد العالي، وتم تسليم الخزان إلى السودان عام 1977. وفي عام 2003، تم إنجاز مشروع لتوليد الكهرباء في السد، مضيفا له السعة القصوى لإنتاجه من الكهرباء وهي 30 ميجاوات.

ومع ذلك فإن فوائد السد للسودان ظلت محدودة وتتمثل في ري المشاريع الزرعية القائمة على النيل الأبيض والمشاريع التي تستخدم الطلمبات في ريها، فضلاً عن إنتاج محدود للطاقة الكهربائية، وصيد الأسماك في البحيرة للاستهلاك المحلي. وبعد استكمال تعلية سد الروصيرص تضاءلت هذه الفوائد كثيرًا لأن مشاريع النيل الأبيض بدأ ريّها عبر قناة كنانة من سد الروصيرص، فضلاً عن تعويض الإنتاج الكهربائي المحدود من كهرباء سد مروي.

ولذلك فقد ظهر اتجاه يدعو إلى إزالة الخزان الذي ينتج عن بحيرته الكبيرة نسبة عالية من التبخر. وتناقلت وسائل الإعلام السودانية في عام 2012 نية حكومة السودان إجراء دراسات حول إمكانية تفريغ خزان جبل أولياء وإزالته لتوفير المياه المعرضة للتبخر والاستفادة من الأراضي الخصبة الشاسعة المغمورة بمياه الخزان.
 
وهناك اتجاه آخر رافض لفكرة إزالة السد ويدعو للحفاظ عليه لدوره الكبير في التحكم في انسياب سريان مياه النيل ومساعدة سد مروي بشمال السودان في حفظ المياه، واحتجازه لأعشاب النيل بوقف انتشارها شمالاً وتغذيته للمياه الجوفية ودوره في تعزيز النقل النهري والسياحة في المنطقة.