الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أولى ضحايا النووي.. لماذا تتخلص اليابان من مياه مفاعل فوكوشيما المشعة في المحيط؟

كارثة مفاعل فوكوشيما
كارثة مفاعل فوكوشيما

وافقت حكومة اليابان على عملية للتخلص من أكثر من مليون طن من المياه الملوثة في محطة فوكوشيما النووية المدمرة وصرفها في المحيط.

 

وأثار قرار اليابان حفيظة دول مجاورة ومنظمات بيئية، ذلك القرار الآتي من دولة كانت أولى ضحايا استخدام السلاح النووي ضد البشر في التاريخ، حيث قصفت الولايات المتحدة مدينتي هيروشيما وناجازاكي بقنبلتين نوويتين في أغسطس 1945 إبان الحرب العالمية الثانية.

 

وبحسب إذاعة "بي بي سي" البريطانية، ستعالج المياه ويجري تمييعها من أجل تخفيف الإشعاعات فيها لتصل إلى دون مستويات المياه الصالحة للشرب.

 

ولكن العملية لاقت اعتراضا من العاملين في قطاع الصيد البحري، كما اعترضت عليها الصين وكوريا الجنوبية.

 

وتعرضت السواحل اليابانية الشمالية الشرقية يوم 11 مارس 2011 إلى هزة أرضية بقوة 9 درجات تسببت في تسونامي بلغ ارتفاع أمواجه 15 مترا.

 

وتمكنت المحطة النووية من تحمل قوة الزلزال بفضل نظام الطوارئ فيها، ولكنها تكبدت أضرارا جسيمة بسبب التسونامي الذي تلاه.

 

وأدى تعطل نظام التبريد في المحطة إلى تسرب أطنان من المواد المشعة. 

 

ووصف حادث فوكوشيما بأنه أسوأ كارثة نووية منذ تشرنوبيل في عام 1986.

 

ولقي 18500 شخص حتفهم في الزلزال والتسونامي. وأجلي 160 ألف شخص عن ديارهم بسبب الدمار ومخاطر الإشعاعات النووية.

 

وقالت طوكيو إن عملية صرف المياه التي كانت تستعمل في تبريد الوقود النووي ستبدأ بعد عامين. وحصلت الموافقة النهائية بعد سنوات من النقاش، وقد تستغرق العملية عقودا من الزمن.

 

وتجري حاليا معالجة هذه المياه من خلال عملية رشح معقدة تزيل منها أغلب العناصر المشعة، ولكن يبقى بعض هذه العناصر، من بينها التريتيوم المضر بالإنسان إذا أخذ منه جرعات كبيرة.

 

وتوضع المياه بعدها في خزانات ضخمة، ولكن شركة كهرباء طوكيو لم يعد لديها مساحات كافية للتخزين، ويتوقع أن تمتلئ الخزانات بحلول عام 2022. وأفاد تقرير لوكالة رويترز بأن 1.3 مليون طن من المياه المشعة موجودة حاليا في الخزانات.

 

وعبرت منظمات حماية البيئة من بينها "السلام الأخضر" منذ مدة طويلة عن اعتراضها على صرف تلك المياه الملوثة في البحر. وقالت المنظمة إن قرار اليابان صرف المياه في البحر دليل على أن الحكومة "خذلت سكان فوكوشيما مرة أخرى".

 

واعترض الفاعلون في قطاع الصيد البحري على العملية، بحجة أن "المستهلك سيرفض شراء الأسماك الواردة من المنطقة". وتكبدت صناعة الأسماك خسائر فادحة بعد كارثة 2011 إذ حظرت العديد من الدول استيراد الأسماك الواردة من السواحل اليابانية الشمالية الشرقية.

 

وأثار القرار حفيظة جيران اليابان، إذ عبر وزير الخارجية الكوري الجنوبي الاثنين عن "أسفه الشديد" قبل موافقة الحكومة في طوكيو على العملية.

 

وحض المتحدث باسم الخارجية الصينية، زهاو ليجيان، اليابان على "التصرف بطريقة مسئولة"، وقال: "من أجل المصلحة العامة الدولية، ومن أجل حماية صحة وسلامة الصينيين، عبرت الصين من خلال القنوات الدبلوماسية، عن قلقها الشديد للطرف الياباني".

 

أما الموقف الأمريكي فيبدو مساندا لليابان، إذ قالت الولايات المتحدة إن "العملية تلتزم بالمعايير المعمول بها عالميا في مجال السلامة النووية".

 

ولا ترى اليابان ضررا في صرف هذه المياه في البحر، وحجتها أنها خضعت للمعالجة وأزيلت منها جميع العناصر المشعة تقريبا، فضلا عن تمييعها.

 

وحصلت العملية على دعم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي وصفت صرف هذه المياه في البحر بأنه شبيه بالتخلص من المياه الملوثة في أي محطة أخرى في العالم.

 

وقال مدير الوكالة الجنرال رفائيل ماريانو جروسي في 2021 إن "صرف المياه في المحيط يتم في أماكن أخرى، فهذا ليس أمرا جديدا، ولسنا هنا أمام فضيحة".

 

ويرى علماء أن العناصر المتبقية في المياه لا تضر الإنسان إلا إذا أخذ منها جرعات كبيرة، وعليه فإن المياه المعالجة بعد تمييعها لن تشكل خطرا يذكر.

 

أما مادة التريتيوم المشعة فإنها تعيش مدة لا تتجاوز 24 عاما، إذ أنها ستندثر من البيئة تماما، في غضون عقود من الزمن، وليس بعد قرون مثل غيرها من المواد المشعة.

 

ولكن التريتيوم يمكن أن تهضم، وهو ما يقلق الفاعلين في قطاع الصيد، الذين يخشون أن تنتقل المادة إلى المستهلك عن طريق الأغذية البحرية. ولا ينفي العلماء هذا الاحتمال تماما، ولكنهم يجمعون على أنه لا يشكل تهديدا للصحة البشرية.

 

ويشير العلماء أيضا إلى أن التفجيرات النووية الأمريكية والفرنسية والبريطانية في الأربعينات والخمسينات والستينات تسببت في إشعاعات أكبر بكثير في المحيط الهادئ.