الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. خالد عبدالعال أحمد يكتب: إدراك رمضان نعمة تستحق الشكر

صدى البلد




 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
فمن أعظم النعم التي امتن الله بها على الأحياء من عباده إدراك شهر رمضان وأن يبلغهم مواسم الطاعات والخيرات، ليتعرضوا لنفحاته، فلعل أحدهم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدا.
فالإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شُكر، ومن يتأمل في آيات الصيام، يجد أن الله - تعالى - ختم الآية التي تتحدث عن شهر رمضان بالشكر، فقال: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185] وفي هذا إشارة من الله تعالى لكل من أدرك شهر رمضان ووفقه الله لصيامه وقيامه على أن يشكُرَ الله على تلك النعمة، التي حرم منها غيره، ممن فارق الحياة، فكم من أناس قد فاتتهم تلك النعمة ويتمنون أن يعودوا إلى الدنيا ليدركوا مواسم الطاعات والخيرات، لعظم أجرها وكثرة ثوابها، تمنوا أن يعودوا إلى الدنيا ليدركوا ما فاتهم من خيرات، ولكن هيهات هيهات.
فمن كان في نعمة ولم يشكر الله عليها سلبت منه ولم يشعر، ومن شكر النعمة فقد قيدها بعقالها، ومن كفرها فقد تعرض لزوالها، وقد علمنا رسول الله -  صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث عن  معاذ بن جبل - رضى الله عنه - حين أخذ بيده وقال: (يا معاذ، والله إني لأحبك، والله إني لأحبك)، فقال: (أوصيك يا معاذ: لا تدعن في دبر كل صلاةٍ تقول: اللهم أعني على ذِكرك، وشكرك، وحسن عبادتك).
أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم -  بيده مخبرا إياه بمحبته له، موصيا له أن يدعو بهذا الدعاء، سائلا الله أن يعينه على ذكره وشكره وحسن عبادته، يا لها من وصية غالية، حتى قال الإمام الشافعي - رضى الله عنه -: "حق على كل مسلم أن يقولها ثلاث مرات دبر كل صلاة".
وقد يعتقد بعض الناس أن شكر النعمة يكون في أمور الدنيا فقط، ولكن شكر النعمة كما يكون في أمور الدنيا يكون في أمور الدين، فمن شكر الله على إدراكه لرمضان،  وفقه الله لصيامه وقيامه فتح له من أبواب الخير والرحمة والبركة ما لم يكن في حسبانه .
ومن الناس من لا يعرف لرمضان حقه، ولا يراعي له حرمة، فلا يشكر الله على أن مد في عمره فأدرك هذا الشهر، فتراه يتخذ الشهر وسيلة للسهر والمعاصى والمجالس التي تمتلئ بالمحرمات، ويعد العدة لذلك، فيقابل نعمة الله بالحجود والنكران، وهذا من أسباب زوال النعم .
يقول الله تعالى: لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم 7]. 
وشكر النعمة ليس باللسان فقط إنما الشكر لا بد أن يكون معه عمل؛ ولذلك قال الله تعالى في حق آل سيدنا  دواد - عليه السلام -:
اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ ١٣].