الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رمضان جانا



رمضان في مصر له حضور مميز ببهجتة المتجولة في كل شبر من ارض المحروسة واجواء تختلط فيها الاحتفالات بالعبادات في ان واحد فهو ليس شهر عبادات فقط بل عيد تمتد احتفالاته لثلاثين يوما تزدان له الشوارع وتضاء له المساجد وتقام له طقوس خاصة تصبغه بصبغة مصرية خالصة جعلته غير قابل للتكرار في اي مكان اخر. 
وإذا كان المحور الديني في الشعائر الرمضانية واحدا لكل مسلمي العالم الا ان الوعي الجمعي المصري باصالته وخصوصيته حول  جانبا كبيرًا من أداء الشعائرالفردية  إلى أداء جماعي وبالتوراث من جيل لجيل اصبح مصحوب بمظاهر احتفالية كرنفالية خاصة جدا يمتزج فيها البعد الديني بالاجتماعي. 
وعليك فقط أن تسير وسط شوارع مصر المحروسة ليلاً أو قبل أذان المغرب لتتعرف عن قرب على مكانة هذا الشهر في نفوس الشعب المصري فالجميع يحتفي باليالي رمضان كلا بطريقته فالشوراع مزدانة بزنية رمضان وشرفات المنازل تتلالا بالفوانيس وتواصل الارحام وتبادل  الزيارات والعزومات الملمح الابرز للشهر الكريم.
والذي يعكس حالة التكافل والتماسك  وموروثات اجتماعية لم تتوراي  مع الزمن او امام طغيان ماديات الحياة وضغوطها او تختفي بتطور ادواتها او حتي بفعل جائحة الوباء  فقد حفظها المصريون وظلت في وجدانهم ينقلونها لشعوب المنطقة بداية من مواكب استطلاع الهلال الي موائد الرحمن التي تحولت في ظل الجائحة لوجبات الخير مرورا بالمسحراتي الذي يطوف شوراع  مصر ليلا  وان اختفي هذا الملمح من المدن الا انه مازال موجودا في القري والريف وسرداقات الكنافة والقطايف  والفوانيس التي تتخذ اشكالا مختلفة لتضئ كل مكان في ارض مصر المحروسة.
تلك المظاهر الفاطمية التي استوعبها الشعب المصري واضفي عليها من عبق المكان وخصوصية الشخصية فاحتفظت الذاكرة المصرية بهذة المظاهرالكرنفالية واخرجتها بنسخة محلية وطابع مصري اصيل وظل العقل الجمعي للمصريين محافظا علي تلك الطقوس  ليس لمجرد كونها موروثا شعبي فحسب بل لانه تفاعل معها تفاعلاً وجدانيّاً وروحانيا فاخلص لها الي حد التقديس. 
رمضان مصر له سحرا من نوعا خاص ورموزا يكتمل بها جمال الشهر الكريم ابرزها صوت السماء محمد رفعت الذي يرفعك الي روحانية ايات القران الكريم وابتهالات شيخ المنشدين سيد النقشبندي التي كانت تنطلق من القلب لتمس القلوب وتاخذنا الي اجواء ايمانية بديعة ومابين العبادة والاحتفالية ينطلق صوت محمد عبد المطلب مرحبا ورمضان جانا ليشارك المطرب احمدعبد القادر اطفال مصر علي اختلاف اجيالهم وطبقاتهم باغنية ووحوي ياوحوي ذات الاصول الفرعونية وياتي صوت الموسيقار سيد مكاوي في المسحراتي وحكايات الف ليلة وليلة التي مازالت تحرص عليها الاذاعة المصرية ليكتمل الشكل الاحتفالي.  
وكأن روعة الصيام وبهجته لا تكتمل الا بهذة الرموز المحفورة في الوجدان والتي تكاملت معا في لوحة رفيعة المستوي شديدة التفرد  لرمضان الطبعة المصرية بايامه ولياليه التي لا تتكرر تفاصيلها في اي بقعة اخري غير مصرية ورغم من ان الشعيرة دينية الا انها مغلفة بالروح المصرية الخالصة المتفردة الخصوصية.

 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط