الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فاطمة يوسف تكتب: التوحد علاج أم تأهيل؟

صدى البلد


يعد التوحد احد الاضطرابات االارتقائية التى تعيق الطفل عن النمو الطبيعى لتأثيره السلبى على جميع نواحى النمو، خاصة جوانب التفاعل الاجتماعى، والتواصل اللفظى وغير اللفظى، والجانب المعرفى والاكاديمى، بالاضافة الى ظهور السلوكيات النمطية المتكررة، حيث يعانى الطفل التوحدى من اضطرابات فى التواصل و عجز واضح فى استخدام اللغة. وهذا الاضطراب يفقد الطفل الاتصال بمن حوله سواء خبرات او تجارب قد يمر بها، والاضطرابات النمائية لاعلاج لها حتى الان، ولكن يمكن تأهيل وتطوير قدرات الطفل من خلال التدخل المبكر.
لذلك يعرف التوحد بانه " اعاقة تطورية تؤثر بشكل ملحوظ على التواصل اللفظى وغير لفظى، والتفاعل الاجتماعى، وتظهر اعراضه الدالة عليه بشكل ملحوظ قبل سن الثالثة والتى ثؤثر سلبيا على اداء الطفل التربوى، ويرتبط بخصائص اخرى كانشغال الطفل بانشطة متكررة وحركات نمطية، ومقاومته لتغيير الروتين اليومى، بالاضافة الى الاستجابات غير اعتيادية للخبرات الحسية" 
وهناك مجموعة من السمات الفارقة التى تميز الطفل التوحدى ومنها:
1) الخصائص الاجتماعية
يعانى الطفل التوحدى بعجز فى المهارات والتفاعلات الاجتماعية، حيث يتسمون بانخفاض القدرات الاجتماعية اللفظية وغير اللفظية، مما يؤدى الى انسحابهم وعزلتهم من المواقف الاجتماعية، ويظهر الاختلال الوظيفى الاجتماعى للطفل التوحدى فى ثلاث جوانب:
- قصور اجتماعى.
- عدم القدرة على التنبؤ بما يمكن ان  يفعله الاخرون فى المواقف المختلفة.
- عدم القدرة على فهم الاخرين ( افكارهم، مشاهرعم، وجهات نظرهم )0
وهناك بعض المؤشرات السلوكية التى يمكن للام ملاحظتها فى عمر 6 الى 12 شهر منها: 
- تجنب التواصل البصرى مع الام اثناء الرضاعة.
- عدم الاستجابة لابتسامة الام او التجاوب مع النداء او المداعبات.
- لا يبدى الطفل رد فعل عندما تقوم الام بحمله او تتركه وحيدا.
- التمسك بالالعاب لفترات طويلة.

2) الخصائص اللغوية والتواصلية
وتعد صعوبات التواصل واللغة من السمات المميزة لهذا الاضطراب، حيث ان اغلب اطفال التوحد ينقصهم استخدام التواصل و اللغة بشكل فعال، حيث تنخفض قدرات التواصل اللفظى نتيجة غياب الرغبة والدافعية فى التواصل مع الاخرين، وايضا نتيجة قصور اللغة الذى يظهر فى مشكلات الترديد وقلب الضمائر وعكسها. ويعتبر قصور اللغة والتواصل مع اهم المؤشرات التى تصاغ فى محكات تشخيص التوحد. وتختلف هذه الصعوبات فى شدتها وطبيعتها حسب درجة الاضطراب، ويمكن تقسيمها الى ثلاث مجالات:
- التواصل الغير لفظي:
ويتمثل فى ضعف التواصل البصرى وقصور استخدام تعبيرات الوجه المناسبة للحالة الانفعالية، ويجدون ايضا صعوبة فى فهم التعبيرات الانفعالية للآخرين، فهم لا يدركون مدلول الايماءات او الابتسامة والعبوس ، واللمس ولغة الجسد، وضعف مهارات التقليد.
-  اللغة التعبيرية:
فالبعض يظهر قصورا كليا فى اللغة المنطوقة ويظهرون الصمت والبكم، والبعض الاخر يستخدم تراكيب ومقاطع صوتية قليلة،  والبعض الاخريتحدث بلغة نمطية متكررة غير وظيفية تسمى المصاداة (Echolalia) حيث يقوم الطفل بترديد الكلمات والجمل الخاصة بالمواقف والاحداث وتكون اما فورية اى يردد الطفل الجمل والكلمات فور سماعها او تكون مصاداة مؤجلة وفيها يتاخر الطفل باعادة الجمل وقد تستمر لعدة ايام.
- اللغة الاستقبالية:
على الرغم من ان اللغة الاستقبالية عند الطفل التوحدى افضل بكثير  من اللغة التعبيرية الا ان لديهم صعوبات فيها تتمثل فى صعوبة فهم الاخرين، النكات ، عدم فهم الاسئلة، صعوبة متابعة التعليمات، فهم اللغة فى سياق خاص.
3) الخصائص السلوكية
تتميز سلوكيات الطفل التوحدى بانها نمطية ومتكررة، وتتباين حسب درجة الاضطراب لدى الطفل، وتختلف من حيث المدة التى تستغرقها وطبيعتها، وقد يكون بعض السلوكيات اكثر تكرار من الاخر، وبعضها روتين يوميا لدى الطفل، وهذه السلوكيات تعيقه عن عمليات التواصل والتعلم.
4) الخصائص المعرفية 
يظهر الطفل التوحدى قصورا ملحوظا فى النمور المعرفى وتوظيف، حيث يعانى  حوالى 75% الى 80% من اطفال التوحد اعاقات ذهنية مختلفة الدرجات، فلديهم قصور فى فهم ابعاد الموقف واستيعاب المثيرات والاستجابة، فيظهرون خللا واضحا فى مجال الرؤية الواضحة فهم يدركون الاشكال من جانب واحد دون ادراك الشكل بابعاده الكلية، اضافة لهذا لديهم صعوبات فى حل المشكلات، وضعف القدرة على التعميم ونقل اثر التدريب الى مختلف المواقف والبيئات، اضافة الى مشكلات ضعف الانتباه والتركيز والذاكرة وضعف التنبؤ بالاحداث والوقائع.

لذلك يقع على والدى الطفل التوحدى ضغوطات كثيرة بسبب ضعف استجابة الطفل، ولتخفيف المشقة الوالدية يجب رفع كفاءة الرعاية الوالدية وذلك من خلال تحسين عملية التفاعل المنظم مع الطفل وتطوير مهاراته اللغوية لزيادة كفاءته فى الاستقلالية، واكسابه المفاهيم وتعديل سلوكياته لتصبح مقبولة لتحقيق مستويات عالية من التوافق بين الطفل وأسرته وبيئته.