الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمود أبو حبيب يكتب: جمعكم رمضان فلا تتفرقوا من بعده

صدى البلد

عندما نتحدث عن شهر رمضان فإننا لا نمل من تكرار الحديث عن فضل وعظم هذا الشهر الكريم، لكن كما تعودنا عندما يغلق المعلم دفتره عند آخر جملة من الدرس، فإنه يلقي على مسامعنا سؤاله المعتاد: ماذا استفدتم من الدرس؟ وبالأحرى ونحن في خير شهور الدنيا قبل أن ينقضي درسه أن نسأل:  ماذا استفدتم من صيامكم وقيامكم؟، سؤال نرتجي من ورائه العظة والتذكرة، "وذكر فإن  الذكرى تنفع المؤمنين".

سؤال تقابله العديد من الإجابات، قد تكون كلها صحيحة، فليس لكل التلاميذ حظ واحد من الفهم، "لكل منهم نصيبًا مفروضًا"،  لكن يروق للمعلم إجابة تحمل الدرس على معنى جديد أو توحي بفهم غير متوقع للطلاب، ساعتها يدرك المعلم أن بين يديه إجابة تستحق الوقوف أمامها كثيرًا وكأنه وجد ضالته التي يبحث عنها.

وبعد أن بدأ رمضان، وانتصف هلاله، أخذ كل منا يجهز إجابته للسؤال المعهود، كل بحسب عزيمته، وعلينا جميعًا أن نجد في أنفسنا معاني مختلفة لرمضان؛ لأن أسرار رمضان وخزائن فضل الله لا تنفد إلى يوم الدين.

أما أنا فوجدت من بين الإجابات التي تدور بعقلي، واحدة وهي: أما وقد جمع هذا الشهر  قرابة ملياري مسلم حول العالم، على قلب عابد واحد، يعبدون ربًا واحدًا، ويقتدون بنبي واحد، ويعظمون شهرًا واحدًا؛ للفوز بأجر واحد، ولا أقول هنا أن الأجر قليل والجميع يتسابق عليه ولكنه أجر يتسع ليشمل الكون كله لأن ما عند الله كثير.

يجتمع المسلمون وكأنهم بنيان مرصوص يغلفه رقة ولين، ويزينه عطاء وسخاء، تمتد أيديهم بالعون والخير، وتنطلق وجوههم بالبشر والفرح، وتتسابق أقدامهم إلى الطاعات، اجتماع لا خوف منه ولا حزن فيه، فتجد غير المسلمين يشاركون بعض طقوسه فيصيبهم من خيراته ما حل بساحة أصحابه، لا لشيء غير أنهم عادوا لطبيعتهم الإيمانية الكاملة، فاجتمعت حولهم القلوب والتفت حولهم الأبدان وعجبت من سر عطاءهم الأمم.

فإذا كنا في هذا الشهر على هذه الشرعة والمنهاج الواضح من الله، فلم لا نكن أبد الدهر عليها، فإذا كنا لا نستطيع أن نجعل كل الشهور رمضان، فلم لا نجعل كل أعمالنا وأخلاقنا كأخلاق وأعمال رمضان، فإنكم إذا اجتمعتم اليوم في رمضان على حب الخير والطاعة وخلق إغاثة الملهوف وإعانة المكروب فلا تتفرقوا من بعده أبدًا.