الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

النجاح ليس مدرسة دولية وفقط!

هل تعرف أبنك جيداً،.. تفهم ماهية مشاعره.. أحلامه.. واقعه.. أو حتى أوهامه التي قد تعرضه للضياع،.. أم أنك مشغول بمسئوليات لا تعد ولا تحصى لتوفر مصاريف مدرسته الدولية؟!،.. أقول هذا الكلام بمناسبة مشهد صادم للفنان بيومي فؤاد بمسلسل "ولاد ناس".. حين أكتشف حمل أبنته المراهقة مصادفة بعد تعرضها وزملائها لحادث أتوبيس بمدرستها الدولية.. وما أن فاقت ونظرت إليه وأمها لتسألهما من أنتما،.. حتى أجاب برد مماثل " أنا لا أعرفك، من أنتِ؟!".. 
لم تكن ابنة فؤاد الوحيدة التي لا يعرفها أبيها بل معظم زملائها بالحادث لا يدرك والديهما تفاصيل وهوامش احتياجاتهم المعنوية .. والمشكلة الأكبر أن هذا المسلسل جزء مطابق لواقع عدد ليس بقليل من أبناء الطبقة المتوسطة العليا بالمجتمع، والذي يعتقد أهاليهم أن الأمان يكمن في جني الأموال، فلا يفيقون من غفوتهم المادية إلا بعد ضياع قرة أعينهم.. وعلى حد قول فؤاد "مفيش حاجة تساوي لحظة دفا مع بنتي وهي مطمنة في حضني"..
وبعيداً عن المسلسل بخباياه الدرامية،.. تعالوا معاً نراجع أحوال أولادنا في كثير من المدارس الدولية.. تلك الأنظمة التعليمة القائم بعضها على "لوي" ألسنة طلابها بلغات أجنبية ناسين أو متناسين لغتهم العربية ومناهجهم الدينية، وكأن الهدف منها طمس الهوية!.. والكارثة العظمى ليست في مبالغ مالية نخسرها بمحض وكامل إرادتنا في تعليم من وجهة نظري الشخصية لن يؤدي لغد أفضل، ولا فتح مجالات عمل بالدول الغربية.. لكن تكمن في أواصر صداقة تبني بين الأهل والصغار، كي لا يكونوا فريسة سهلة لكل من هب ودب من أصحاب النوايا المغرضة، وما أكثرهم في زمننا!.. ولا يعني كلامي هذا رفضي للمدارس الدولية لكنني ضد تعليم يفوق قدرة الأهالي المادية، والنتيجة انشغالهم طوال الوقت بجلب المال مهملين احتياجات أولادهم العاطفية..  
أعزائي الآباء والأمهات،.. ما يريده صغاركم لا يباع ولا يشترى، ولا يمكن لنظام تعليمي أن يعوضه مهما غلت مصاريفه،.. ذلك أن الحب، الاحتواء، الحنان، التفرقة بين الخطأ والصواب لا يمكن أن يجدها الطفل خارج جدران المنزل.. فلو كنتم تعتقدون أن التعليم الدولي هو مفتاح العمل بالدول الغربية، فالعالم المصري الدكتور حاتم زغلول مخترع تقنية الواي فاي السريع تعلم بمدارس إمبابة والأورمان ، وتخرج في كلية الهندسة بجامعة القاهرة، قبل أن يهاجر إلى كندا عام 1983.. كذلك الدكتور أيمن رجب الذي كرمته وكالة "ناسا" الأمريكية لعلوم الفضاء في العام قبل الماضي عن مشروعه في مسابقة عالمية،  تعلم بمدارس الصعيد وتخرج في كلية هندسة جامعة أسوان بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، فعين معيداً بها، ومن خلال أبحاثه تم اختياره للعمل كباحث بأحد الجامعات الفنلندية..
باختصار،.. نجاح أولادنا ليس مرهون على مدرسة دولية وفقط،.. بل في رعاية واهتمام وشخصية مبنية على قيم ومبادئ أخلاقية لا تقدر بثمن..       

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط