الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد الغنام يكتب: سباق الأرقام لتحقيق الأحلام

صدى البلد

 

هكذا يكون تفكير الحكومات الناجحه التي تحول الأحلام إلي واقع ملموس والتي ترسم خارطة طريق من العدم، لتصنع ورش عمل وتشعل شمعة الأمل وتستقطب الطاقات وتحطم الأرقام لكي تترافق مع التحول والتطور لمواكبة الثورات،العملية والتكنولوجية المتلاحقه،وهذا ماتسعي إليه الأدارة المصريه،
هل مصر قادرة علي سباق التطور وكسر الارقام؟
في العقود المنصرمه الماضيه كانت تقاس ثقل الدول  بحجم جيوشها الجرارة، وبقوافل سفنها التي تغزو البحار وتفرض سطوتها، وكان لا بدَّ من التنبه لعدد المحاربين وعدد المدافع،وانواع التسليح كانت الحروب هي الفكرة المسيطرة علي اغلب دول العالم، ولكن اليوم اختلف الامر وتغير التفكر واصبحت الحروب أخر الحلول التي لاتجني ثمارا بل تقلع جزورا وتمحي تاريخا وتهدم ولا تبني ولا اقل بأن كل حكومات العالم تفكر بهذة الطريقه وقياس ثقل الدول يقاس بنموا اقتصادها وقدرته على الإنتاج والتسويق والمنافسة والتقدم، لا طمأنينة لدى جيش قوي مكلف ما لم يستند إلى اقتصاد قوي مزدهر قادر على توفير مستلزمات التحديث والتدريب والان.

اختلفت معايير القوة تستطيع دولة صغيرة مزدهرة أن تعثر لنفسها على مكان في خريطة اهتمامات سكان الأرض، وهو ما يمكن أن تعجز عنه دولة شاسعة تقيم تحت ركام أفكار هدامة خائفة من امتحان الوقت والأرقام
العقود الماضية تقدم أكثر من دليل، لا تمتلك اليابان جيشاً استثنائياً، ودستورها يصرُّ على استخلاص العبر من مغامرات الماضي. لكن اليابان تحوَّلت لاعباً كبيراً على الساحة الدولية حين بنت اقتصاداً حيوياً سبقه اهتمام قديم بالتعليم أهّل اليابانيين للانخراط في العصر وورشة الابتكار الضرورية لاقتناص الفرص والعقود والمواقع البارزة في الأسواق، وهكذا ألمانيا التي لم ترد على إقامتها تحت ركام الحرب العالمية الثانية بحرب جديدة بل ردت بالمصانع والجامعات والمختبرات، ردت بأرقام اقتصادها الذي مكّن أنجيلا ميركل من لعب دور يشبه دور السائق للقاطرة الفرنسية  الألمانية للاتحاد الأوروبي.

لم يُقتل الاتحاد السوفياتي بقنبلة أميركية أو أطلسية، بل قُتل في معركة الوقت والأرقام انهار حين خسر حرب الوقت وازدادت الهوة التي تفصل بينه وبين الولايات المتحدة في السباق التكنولوجي الذي ترافق مع سباق تسلح باهظ، حين ينتقل سلاح الوقت إلى يد خصمك عليك الاستعداد لدفع الثمن، خسارة الوقت تعني الشيخوخة وتصلب الشرايين والوقوع في الجمود والانحسار وهكذا كان قُتل الاتحاد السوفياتي في معركة أخرى هي معركة الأرقام، فالدول لا تدار لحساب احزاب أو اشخاص.

ورغم ذلك نجد دول تصرُّ على قراءة القاموس القديم الذي اصبع لاعلاقه لهوا بواقعنا، وتسعي الدول  لتبدد مواردها في حروب تعمق إقامتها في الماضي والفقر والضياع، الدول التي تبدد إرث الزمن العابر وفرص الزمن المقبل لرفضها الوقوف أمام المرآة ومواجهة الحقائق، بانها اصبحت شريك في الوطن وفي التطور ونمو الاقتصاد، الشرط الأول للحد من الأضرار هي القناعه بأن الزمن قد تغير، يخطئ كثيراً من يعتبر أن الوقت مجرد تكرار، وأنَّ العقد الحالي إعادة  لسابقه ويصدق الأمر نفسه على مسافة زمنية بحجم السنة، صحيح أنَّ الوقت يمر اليوم كما كان يمر  دائماً، لكن الصحيح أيضاً أنَّ هذه الثورات العلمية والتكنولوجية المتلاحقة أعطت لهذا التدفق وتيرة أخرى وروحاً أخرى.

والحقيقة هي أن هذا العالم السريع الموتور لا تغريه استراحة أو وسادة، إنه دائم التحفز وعميق الشراهة ويحمل جوعاً إلى الجديد والمزيد والمختلف والأحدث، انقضى إلى غير رجعة زمن المشاهد الثابتة التي لا تتحرك ولا تتغير. يعطي الزمن الانطباع أنه أسرع من السابق، يتدفق بقوة غير مسبوقة، هذا يصدق على الطائرات والسفن والسلع والأفكار انه ياسادة عالم لا يهدأ ولا ينام، يذهب الناس إلى أسرتهم وتبقى المختبرات والمصانع منخرطة في حروبها حروب التقدم وتوفير الخدمات وجعل الحياة أقل صعوبة، والكلام الحاسم هو في النهاية للأرقام، لم يحدث سابقاً إن كانت للأرقام الأهمية الحاسمة والقاطعة التي تملكها اليوم.

الأرقام هي النص الأخير للحكم الذي تصدره المحكمة على شخص أو مصنع أو فكرة أو سياسة، لم يعد للكلام العاطفي والحماسي ذلك الوقع الذي كان يمتلكه سابقاً، يسارع الناس إلى امتحان كل كلام بما ينتج عنه من أرقام.

فلبد لنا من حجز مكان لائق في القرية الكونية مشروط بالانتماء إلى اللحظة الحاضرة من عمر التطور والعالم، الامتحان بسيط وحاسم وهو  القدرة على الوقوف أمام المرآة وحسن التعامل مع الوقت وإعطاء الأرقام مكانها الطبيعي هي العوامل الحاسمة،
فالصين نموذج صارخ لحسن الإفادة من الوقت والتسلح بالأرقام لقد أتقنت الصين التعامل مع معركة الوقت في العقود الأربعة الماضية وها هي الأرقام تثير المخاوف من انزلاق العالم قريباً إلى العصر الصيني،

إمبراطوريات  تاسست ورسخت قواعدها بأقتصاد غير مسبوق حكومات سعت لبناء الحاضر لالبناء الاوهام حكومات وادول سعت لمسابقه الوقت والارقام محت قاموسها القديم وسطرة قاموسا جديد يبني ولا يهدم فلا وقت للوقوف فالارقام والتكنولوجية لاترحم ولن تتوقف.

وفي الشرق الأوسط ترتدي تجربة مصر بعد ثورة التصحيح  في الأعوام الخمسة الأخيرة أهمية استثنائية. واضح أن «رؤية 2030» هي نقلة كبرى في حياة الشعب المصري  التي انخرطت فعلياً في معركة الوقت والأرقام التي تترافق مع تحول عميق في المجتمع،من تطور ونمو اقتصاد واصبحت الادارة المصريه تفكر بعقول متحضرة لمواكبت التطور ومسابقة الوقت وكسر حاجز الارقام  وثقل الدول يقاس بالمؤسسات والبناء ومصر قادرة علي النهوض بفكر جديد.