الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صمت المدافع في ليبيا.. حديث عن التغيير والأوهام «2-2»

 
تمثل ليبيا الجار المباشر لمصر وما يحدث فيها ينعكس مباشرة على مصر، ولا توجد أي دولة في العالم تريد أن تكون حدودها مشتعلة باستمرار، وجوارها "مساحة مفتوحة" للأجندات الخارجية، فكل فراغ يُغري بالاحتلال والسيطرة كما هى النظرية السياسية المعروفة.
وفي ليبيا فالمساحة شاسعة وضعف مساحة مصر وقبضة الدولة هناك تكاد لا تكون موجودة. وعلى مدى 10 سنوات كاملة بعد نكبة فبراير 2011 وسقوط ليبيا، كانت هناك حكومتان وبرلمانين وجيشين أو "جيش وميليشيات" كما أن الجنوب الليبي كان ولا يزال في قبضة الفوضى.
وباستثناء الشهرين الماضيين، ولأول مرة ظهرت للنور بدفعة أممية كبيرة، ودور أشبه بالمعجزة قامت به الدلوماسية الأمريكية، ستيفاني ويليامز، استطاع الليبيون الاتفاق والمشاركة في حكومة وحدة وطنية موحدة.
لكن الحقائق على الارض في الجزء الثاني ىمن هذا المنقال تؤكد انه لا تزال هناك مشاكل ضخمة  ,اصابع مريبة لا تريد لليبا انم ترى الاستقرار او أن تهدأ أحوالها.
والكلام ليس من عندي، ولكنه لرئيس الوزراء الليبي، عبد الحميد الدبيبة نفسه، قبل ساعات والذي قال بوضوح، إن هناك من يريد اشعال فتيل الحرب في ليبيا مرة ثانية، وهناك واقعتين كبيرتين لفتتا الأنظار مؤخرًا، أولهما منع طائرة حكومية الدبيبة من الهبوط في بنغازي في الشرق لعقد اجتماع كان مقررا عقده، والثاني قطع الكهرباء بشكل متعمد وبفعل فاعل وفق ما قاله.
والحاصل، إنه اذا كانت مشكلة الكهرباء وانعدام استقرار الشبكة الكهربائية في ليبيا، ملمحا مستمراً من ملامح الفوضى على مدى 10 سنوات، أي مشكلة متجذرة لم تحل حتى الآن، في الدولة التي تعوم على النفط وكانت ولا تزال مطمعًا لقوى استعمارية كبرى قديما وحديثا، فإن حادثة بنغازي على وجه التحديد هى ما تستحق أن نتوقف أمامها. فمنع طائرة الدبيبة من الهبوط في بنغازي، ينطوي على أبعاد خطيرة ووفق الصحافة الغربية، فالمعني أن حكومة الدبيبة لا تبسط يدها على الأرض كلها في ليبيا، ولا تزال هناك أماكن لا يمكنها الوصول إليها داخل الوطن الواحد مثل شرق ليبيا، وهذه معضلة لم تحل بعد، وإن كانت هناك أنباء عن ضغوط عربية ودولية لإجبار قوى الشرق على السماح بعقد اجتماع الحكومة في بنغازي.
التفاصيل في ليبيا مزعجة، وكلها للأسف الشديد تؤكد أن السيولة الأمنية والسياسية والفوضى هى نتيجة مباشرة لوقوع البلد إثر اضطرابات شديدة في يد "الاستعمار".. ما حدث لليبيا، هى جريمة الناتو الخالدة وهى الجريمة التي لا يزال أوباما يعتذر عنها وكذلك الاتحاد الأوروبي والناتو.. لكن ليبيا كُسرت وتحطمت ونُهبت وتم تدميرها بعد رحيل زعاماتها التاريخية السابقة.
وإذا كان من هنا من لا يزال يجادل في حكم القذافي، وبعض عيوبه السياسية فإن ما حدث لليبيين خلال ال10 سنوات الماضية جعلهم يكفرون بأي حديث عن فبراير أو الديمقراطية أو الحريات أو ما شابه ذلك من شعارات، أججّها ساركوزي رئيس فرنسا الأسبق، لكي يوقف طموح القذافي في أفريقيا الذي كاد يهدد المستعمرات الفرنسية فيها من خلال الدينار الذهبي ويضرب "الفرنك الفرنسي" الذي لايزال عملة معتمدة في الكثير من البلدان الأفريقية ويحفظ لباريس جزء من مستتعمراتها القديمة بعد رحيل الاستعمار.
تفتت ليبيا، كان ولا يزال مسؤولية الناتو والمخابرات الفرنسية التي افتعلت "ثورة" وقالها ساركوزي مباشرة في حديث لقناة فرنسية في 2017، بأنه لم تكن هناك ثورة في ليبيا، ولكنها ثورة الاستخبارات الفرنسية، وهو حديث مشهور ومسجل وموجود على كل محركات البحث.
وبالعودة للظلال الموجودة الآن في ليبيا، فإن صمت المدافع عبر اتفاق وقف إطلاق النار قبل 6 أشهر لا يزال ساريا، لكن هناك من يريد أن يُشعل من جديد فتيل الحرب مرة ثانية.
والمطلوب في إيجاز عبر وجهة نظر هذا المقال:-
هو تحجيم القوى العسكرية الغاشمة في ليبيا سواء في الشرق أو الغرب والضغط دوليا وعبر مجلس الأمن، الذي أصدر أخيرا قرارا بفرض عقوبات على معرقلي العملية السياسية، والعمل على توحيد المؤسسة العسكرية.
إرسال رسالة لأمراء الحرب، إنه لم ينتصر أحد منهم، هكذا "على بلاطة" كما يقولون، ولا يزال الغرب تحت سيطرة قوى غرب ليبيا العسكرية، ولا يزال شرق ليبيا هكذا ولا  حل سوى توحيد المؤسسة العسكرية والتصدي لغرور وأوهام البعض، الذي يريد ان ينتهز أي فرصة قادمة أو يختلقها لمحاولة إشعال الحرب من جديد.
الحقيقة إنه فات الوقت، وحتى القوى الدولية التي كانت تساند هذا الطرف أو ذاك، وبعد مجىء حكومة الدبيبة ترى أن مصلحتها الأكبر في تسوية سياسية وليس الوقوف وراء "أمراء الحرب"، باختصار التسوية السياسية والوقوف وراء حكومة الدبيبة، سيؤدي إلى عقد مشاريع واتفاقيات وتحقيق مصالح بالفعل داخل ليبيا، أما إعادة تسخين وتمويل "عجلة الحرب" فلن يؤدي إلا الدمار والفوضى والعالم أصبح منتبهًا تمامًا للحاصل في ليبيا، ثم الأهم وهذا مفهوم جيدا، وبوضوح أن ادارة بايدن ليست هى ادارة ترامب. بايدن لن يغمض عينيه إذا قامت الحرب من جديد في ليبيا بتمويل إقليمي ودولي.
وبوضوح أكبر إذا قامت الحرب ثانية، فالولايات المتحدة ستكون في وجه المغامرين مباشرة والداعمين للغرب والشرق والمرتزقة. لأن سياسة بايدن استعادة صورة أمريكا وهيبتها، وربما تكون هذه فرصته في أفريقيا، أما ترامب فقد كان يكره أفريقيا، وسبق وأن أغمض عينيه كثيرا عن مهازل عسكرية تقع في ليبيا واستباحة طرابلس.
والختام.. السلام هو الذي يستعيد ليبيا وعلى "أمراء الحرب" إغماد اسلحتهم وكبح مغامراتهم، ومعرفة ان مصالحهم الحالية والمستقبلية مع السلام وليس مع استمرار آتون الحرب.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط