الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أبو موسى الأشعري .. ماذا قال عنه النبي عندما سمع تلاوته للقرآن الكريم

صدى البلد

أبو موسى الأشعري.. بدأت حياته الحقيقية فى الظهور بعد إسلامه لا قبل ذلك ، فهو أبو موسى عبدالله بن قيس الأشعرى، الذى رفع الإسلام شأنه، فهو واحد من أبرز قراء القرآن الكريم فى عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذي استخدم صوته الندىّ فى إبراز جمال الآيات القرآنية وإعجازها، فكأن صوته نفحة سماوية باهرة وملأت أسماع الصحابة، مع محافظته التامة على الحرف القرآني إخراجه من مخرجه الصحيح، فلا يشتبه بحرف آخر، ولا يحدث إخلال بأحكام التلاوة والتجويد.

هو عبـد الله بن قيـس المكني بـ أبي موسى الأشعري، أمّهُ ظبية المكيّة بنت وهـب أسلمت وتوفيـت بالمدينة، كان قصيرًا نحيفًا خفيف اللحيّـة، غادر وطنه اليمـن إلى الكعبة فور سماعه برسـول يدعو إلى التوحيد، وفي مكة جلس بين يدي الرسول الكريم وتلقى عنه الهدى واليقين، وعاد الى بلاده يحمل كلمة الله.

أبو موسى الأشعري والسفينة

قال أبو موسى الأشعري : "بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوانِ لي أنا أصغرهما أحدهُما أبو بُرْدة والآخر أبو رُهْم، وبضع وخمسين رجلًا من قومي فركبنا سفينة، فألْقَتْنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافَقْنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر :إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثنا وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعًا".

أبو موسى الأشعري والقدوم على المدينة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «يقدم عليكم غدًا قومٌ هم أرقُّ قلوبًا للإسلام منكم»، فقدِمَ الأشعريون وفيهم أبو موسى الأشعري، فلمّا دَنَوْا من المدينـة جعلوا يرتجـزون يقولـون: "غدًا نلقى الأحبّـة، محمّـدًا وحِزبه"، فلمّا قدمـوا تصافحـوا، فكانوا هم أوّل مَنْ أحدث المصافحة.

واتفق قدوم الأشعريين وقدوم جعفر وفتح خيبر، فأطعمهم النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر طُعْمة، وهي معروفة بـ"طُعْمَة الأشعريين"، قال أبو موسى: "فوافَقْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئًا إلا لمن شهد معه، إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معنا".

ومن ذلك اليوم أخذ أبو موسى مكانه العالي بين المؤمنين، فكان فقيهًا حصيفًا ذكيًّا، ويتألق بالإفتاء والقضاء حتى قال الشعبي: "قضاة هذه الأمة أربعة: عمر وعلي وأبو موسى وزيد بن ثابت"، وقال: "كان الفقهاء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ستة: عمر وعليّ وعبد الله بن مسعود وزيد وأبو موسى وأبيّ بن كعب".

أبو موسى الأشعري والقرآن

وكان من أهل القرآن حفظًا وفقهًا وعملًا، ومن كلماته المضيئة: "اتبعوا القرآن ولا تطمعوا في أن يتبعكم القرآن"، وإذا قرأ القرآن فصوته يهز أعماق من يسمعه حتى قال الرسـول صلى الله عليه وسلم: «لقد أوتي أبو موسى مزمارًا من مزامير آل داود»، وكان عمر يدعوه للتلاوة قائلًا: "شوقنا إلى ربنا يا أبا موسى".

أبو موسى الأشعري والصوم

وكان أبو موسى -رضي الله عنه- من أهل العبادة المثابرين وفي الأيام القائظة كان يلقاها مشتاقًا ليصومها قائلًا: "لعل ظمأ الهواجر يكون لنا ريّا يوم القيامة"، وعن أبي موسى قال: "غزونا غزوةً في البحر نحو الروم، فسرنا حتى إذا كنّا في لُجّة البحر، وطابت لنا الريح، فرفعنا الشراع إذْ سمعنا مناديًا يُنادي: "يا أهل السفينة قِفُوا أخبرْكم"، قال: فقمتُ فنظرتُ يمينًا وشمالًا فلم أرَ شيئًا، حتى نادى سبع مرات فقلتُ: "من هذا؟ ألا ترى على أيّ حالٍ نحن؟ إنّا لا نستطيع أن نُحْبَسَ"، قال: "ألا أخبرك بقضاءٍ قضاه الله على نفسه؟"، قلتُ: "بلى"، قال: "فإنّه من عطّش نفسه لله في الدنيا في يومٍ حارّ كان على الله أن يرويه يوم القيامة"، فكان أبو موسى لا تلقاه إلا صائمًا في يوم حارٍ.

أبو موسى الأشعري في مواطن الجهاد

كان أبو موسى -رضي الله عنه- موضع ثقة الرسول وأصحابه وحبهم، فكان مقاتلًا جسورًا، ومناضلًا صعبًا، فكان يحمل مسئولياته في استبسال جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول عنه: «سيد الفوارس أبو موسى»، ويقول أبو موسى عن قتاله: "خرجنا مع رسول الله في غزاة، نقبت فيها أقدامنا، ونقبت قدماي، وتساقطت أظفاري، حتى لففنا أقدامنا بالخرق"، وفي حياة رسول الله ولاه مع معاذ بن جبل أمر اليمن .

وفاته

ولمّا قاربت وفاته زادَ اجتهاده، فقيل له في ذلك، فقال: "إنّ الخيل إذا قاربت رأس مجراها أخرجت جميع ما عندها، والذي بقي من أجلي أقل من ذلك"، وجاء أجل أبو موسى الأشعري، وكست محياه إشراقة من يرجـو لقاء ربه وراح لسانه في لحظات الرحيـل يـردد كلمات اعتاد قولها دومًا: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام"، وتوفي بالكوفة في خلافة معاوية سنة اثنين وخمسين.