الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

على الآخذ رده أو التعويض عنه

علي جمعة: المأخوذ بالحياء في حكم المغصوب

الحياء
الحياء

أوضح الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق أن العلماء قالوا: إن الحياء من الحياة، وعلى حسب حياة القلب يكون فيه قوة خلق الحياء، وقلة الحياء من موت القلب والروح، وأولى الحياء: الحياء من الله، والحياء منه ألا يراك حيث نهاك، ويكون ذلك عن معرفة ومراقبة.

وأضاف “جمعة” عبر صفحته الرسمية على فيس بوك أن الجنيد رحمه الله قال : «الحياء رؤية الآلاء، ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى : الحياء» . وقال ابن القيم : ومن كلام الحكماء أحيوا الحياء بمجالسة من يستحيى منه، وعمارة القلب بالهيبة والحياء، فإذا ذهبا من القلب لم يبق فيه خير.

وإذا كان الحياء العرفي يمنع صاحبه من التعلم فهو حياء مذموم ولا يكون هو المطلوب من المسلم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : "نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" [ رواه مسلم]. وعن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : «جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله : إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، إذا رأت الماء» [رواه البخاري].

وكذلك الحياء من مواجهة الظلمة، والفساق وزجرهم، وترك الجهر بالمعروف، والنهي عن المنكر حياء ليس بحياء، وإنما هو عجز ومهانة، وتسميته حياء : من إطلاق بعض أهل العرف : أطلقوه مجازاً لمشابهته الصورية للحياء الشرعي.

 

وقد اعتنت الشريعة بحفظ مال المسلم الحيي، حتى وإن وافق على التفريط في حقه حياءً، فلا يجوز للآخذ أخذه. وقد صرح الشافعية والحنابلة أنه : إذا أخذ مال غيره بالحياء كأن يسأل غيره مالاً في ملأ فدفعه إليه بباعث الحياء فقط، أو أهدي إليه حياءً هدية يعلم المهدى له أن المهدي أهدى إليه بها حياءً: لم يملكه، ولا يحل له التصرف فيه، وإن لم يحصل طلب من الآخذ. فالمدار مجرد العلم بأن صاحب المال دفعه إليه حياءً، لا مروءة، ولا لرغبة في خير.

 

ومن هذا : لو جلس عند قوم يأكلون طعاماً، وسألوه أن يأكل معهم، وعلم أن ذلك لمجرد حيائهم، لا يجوز له أكله من طعامهم، كما يحرم على الضيف أن يقيم في بيت مضيفه مدة تزيد على مدة الضيافة الشرعية وهي ثلاثة أيام فيطعمه حياء.

 

فالمأخوذ بالحياء حكم المغصوب، وعلى الآخذ رده، أو التعويض عنه، ويجب أن يكون التعويض بقيمة ما أخذ أو أكل من زادهم، وقال ابن الجوزي : هذا كلام حسن لأن المقاصد في العقود معتبرة.

 

وما أحوجنا في هذا العصر أن نتخلق بأخلاق الله سبحانه وتعالى، وأخلاق سيدنا رسول الله ﷺ في الحياء، حتى ندعو إلى هذا الدين بالخلق الحسن، فيدخل الناس في دين الله أفواجا كما حدث من قبل، نسأل الله أن يرزقنا وجميع المسلمين الحياء، ويجمعنا على الهداية والطاعة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.