الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محصلة المساعى المصرية لإنقاذ الفلسطينيين

 

كالمعتاد، تتواصل الجهود المصرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل لوقف إطلاق نار يحمى الأبرياء من هذا التصعيد الذي تجاوز كل حدود المواجهات السابقة، ورغم تنوع المساعى ودخول عدة أطراف داعمة لمصر في محاولاتها، ومنها الولايات المتحدة إلا إنه لا تتضح مؤشرات متكاملة حتى الآن للوصول لإنهاء قريب للحرب، خاصة إن الإسرائيليين والفصائل يركزون على الأعمال الانتقامية المتبادلة أكثر من الوصول للتهدئة.

مصر هى الوسيط الأكثر فاعلية بين إسرائيل والفصائل، والأكثر تواصلا، خاصة أن لديها فريق مخابراتى دبلوماسي رفيع المستوى يجرى جولات مكوكية عاجلة بين تل أبيب وغزة، منذ بداية الأزمة وحتى الآن، في محاولة للوصول لتقريب وجهات النظر بين المتصارعين، وفي أحيان  ما من الساعات الأخيرة كانوا سيصلوا لوقف إطلاق نار حقيقي، لكن كل طرف من الطرفين يصر على التصعيد للرد على الطرف الآخر، حتى يبدو كل طرف هو المنتصر، بالذات لتصاعد الضغوط الداخلية والدولية على الطرفين، وبالأخص على الاحتلال الإسرائيلي، الذي نفذ طلعات تجازوت المواجهة الكبيرة الأخيرة منذ سنوات، بل واستخدم أسلحة جديدة لم تظهر حول العالم ومنها مقاتلة الإف ٣٥.

مسار الجهود المصرية

المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار تتمتع بدعم دولى وإقليمى وعربي كبير، خاصة إن شعارها حماية الأبرياء، وليس الأمريكان فقط الداعمون بل الأوربيون والأمم المتحدة، وتنسق القاهرة مع كل الأطراف، حتى بما الدوحة، رغم التوترات العامة بين البلدين، خاصة أن قطر تتواصل مع الإسرائيليين وتصلها قيادات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وفي مقدمتهم يوسى كوهين رئيس الموساد، وفي المقابل تستضيف قيادات حماس بداية من خالد مشعل وموسي أبو مرزوق وحتى هنية.

ومنذ التصعيد والوفد المخابراتى المصري متواجد في ميدان المعركة في محاولة للتوصل للتهدئة، لكن دون أى تقدم، إن كان يدور الحديث عن وقف لإطلاق نار مطول أو مؤقت، وبالتالى إضطرت القاهرة لتغيير لهجتها وتصعيد نبرتها، وأدخلت المساعدات إلى القطاع، وفتحت الحدود لنقل الجرحى، وحذرت الإسرائيليين من المساس بأية سيارة إسعاف مصرية، لأنها ستعتبر قطعة عسكرية مصرية، سيتوجب الرد على التعرض لها بأى شكل كان، وتفهم الإسرائيليون الرسالة المصرية، وتبلورت ردود فعل إيجابية تجاه التوافق والتوصل لوقف إطلاق نار، لكن ما لبث أن تصعدت الأمور مرة أخرى بردود مبالغ فيها من الطرف الإسرائيلي وردود من الطرف الفلسطيني، فإنهارت كل الجهود المصرية المدعومة دوليا من جديد.

الرد الإسرائيلي

وقال خبراء ومسؤولون إسرائيليون في إطار التعليق على الجهود المصرية : "ليس لدينا أية فكرة عن الوقت الذي نحتاجه لمناقشة هذه الأمور، لأن إطلاق الصواريخ لا يتوقف. لا يمكننا التوقف عندما تستمر الهجمات على هذا المنوال. إسرائيل مستعدة لمواصلة القتال. "بنك الأهداف" لا ينتهي. يمكن أن يستمر هذا لأشهر".

وتؤكد القاهرة إنها تسعى إلى تحقيق هدنة مؤقتة في إطار إعداد اتفاق شامل حول وقف إطلاق النار يجب أن يضم التزاما بالسيطرة على تحركات المستوطنين ووقف المصادرة على ممتلكات الفلسطينيين وعمليات القتل والهجمات الممنهجة بحق السكان المدنيين مع ضمان تماسك الفصائل الفلسطينية بالحفاظ على الهدوء".  

وتطلب الفصائل الفلسطينية من القاهرة ممارسة الضغط على إسرائيل بهدف "القضاء على أسباب التصعيد العسكري مثل عمليات اقتحام المسجد الأقصى من قبل الشرطة والمستوطنين، وضمان احترام حرية الدين في المدينة المقدسية ووقف بناء المستوطنات".

وردت الحكومة الإسرائيلية، بإن "وقف العمليات العسكرية يتوقف على مدى تحقيق أهدافها وإنهاء الضربات الصاروخية على المدن الإسرائيلية".

ولم يختلف الرد الإسرائيلي بشكل كبير منذ بداية الأزمة وحتى الآن، من ناحية المحصلة النهائية، فالتصعيد متواصل حتى الآن، لكن نوعيا فهم قابلون للتواصل والمفاوضات على أشدها، ومؤشرات وقف إطلاق النار، رغم استمرار الصراع، متوقعة في أى وقت.

فرغم إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رفضه أية وساطات في الوقت الحالي، هناك توقعات بأن تسفر مساعي القاهرة عن خفض تدريجي لحدة الأزمة، ووقف التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة وعلى الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس.

كيف ينتهى المشهد؟!

بادرت مصر بإرسال وفد أمني للتدخل لدى الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلي، في محاولة للوصول إلى مخرج للأزمة المتصاعدة التي وصلت ذروتها في آخر أيام شهر رمضان ومع حلول عيد الفطر، وسط توقعات بأن يتم التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بين إسرائيل وغزة برعاية مصرية أميركية خلال 48 ساعة.

وأجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري إتصالات عديدة بنظراءه الأمريكى والفلسطينى والإسرائيلي والقطرى والصينى والتونسي، كان الموقف المصري واحد فيها، ظهرت محاورها خلال كلمة شكرى في الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن حول التصعيد الأخير، وشدد خلاله على "ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وأهمية العمل على تجنيب شعوب المنطقة المزيد من التصعيد واللجوء إلى الوسائل العسكرية".

ومصر تواصل مساعيها عبر "ضغط كبير" على كافة الأطراف من أجل توفير الحماية للفلسطينيين ووقف العدوان، ومن الممكن أن يدعم الجهود المصرية ما أعلنته واشنطن بإرسالها مسؤول الملف الإسرائيلي الفلسطيني بوزارة خارجيتها لمساعدة مصر في الضغط على كافة الأطراف لوقف إطلاق النار".

توافق دولى وعربي

هناك حالة من التوافق الدولى والعربي على فكرة إنه "لا وقف إطلاق نار إلا بجهود مصرية، ومصر تتحرك بقوة في هذا الصدد"، فالقاهرة لها معابر استراتيجية مع غزة، وهي "عنصر فاعل في أي مفاوضات تتدخل فيها لحل أي أزمات طارئة، والقاهرة منفتحة على كافة الفصائل الفلسطينية، ولديها اتصالات مع الجانب الإسرائيلي، مما يؤهلها لتكون طرفا فاعلا في المفاوضات"، وكانت هناك تواصلات لإتفاق بخفض النيران ثم توقيفها، لكن التصعيدات المختلفة، تربك المشهد وتنهى على أى تفهمات.


مصر كانت على مستوى الحدث في التعامل مع الأزمة، سواء بإرسال مذكرة لأمين عام الأمم المتحدة أو مجلس الأمن"، أو بتواصل الوساطات والاتصالات رغم المؤشرات السلبية واستمرار التصعيد، فمصر لن تسمح باستمرار نزيف الدماء والخسائر والعدوان على الفلسطينيين، وهو ما يتضح في حديث شكري عن ارتكاب جرائم مخالفة للقانون الدولي، بعدة مواضع.

الرد الفلسطيني

كل القيادات الفلسطينية من كل القوى داعمة للجهود المصرية للتوسط للتوصل لتهدئة، والاتصالات مستمرة بشكل كبير بين الرئيس أبو ومازن ومحمد اشتيه رئيس الوزراء الفلسطينى في هذا الإطار، مشيدون بالجهود المصرية على كافة الأصعدة وأعربوا عن تقدير فلسطين، حكومةً وشعباً، للمواقف المصرية الداعمة للشعب الفلسطيني.

الخلاصة :

تتواصل وتتنوع الجهود المصرية في عدة مسارات، رغم ردود الفعل السلبية والأجواء التصعيدية، لإصرار القاهرة على عدم إطالة التصعيد بين الجانبين، خاصة أن الدمار كبير جدا في غزة، ومهما كانت المكاسب التى يتحدث عنها البعض، فالفلسطينيون يعانون أكثر من أى وقت مضى، ولذلك تتحرك مصر بشكل متواصل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد العدد الكبير من الشهداء والتضرر الكبير للبنية التحتية الفلسطينية.

تنوع مصر اتصالاتها وآلياتها للتوصل لوقف إطلاق نار حقيقي، يعتمد على الأنهاء على أى مسببات لتصعيد جديد منها اقتحام الأقصي أو اعتداءات المستوطنين أو أى استفزازات أخرى، والتمهيد للجلوس لمائدة مفاوضات لإقرار سلام حقيقي يحقق الهدوء والاستقرار في المنطقة.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط