الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. محمد مبروك يكتب: فرصة الفلسطينيين الجديدة

صدى البلد

يبدو أن ما حدث في فلسطين هذه المرة لن يمر كما هو الحال في كل المرات السابقة، فبعدما لعبت مصر الدور الأكبر والأهم في حماية الشعب الفلسطيني في غزة، ونجحت بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في إيقاف التصعيد ووقف إطلاق النار فجر يوم الجمعة

انفجرت الأفراح والاحتفالات في كل بقاع الأراضي الفلسطينية وسط تكبيرات العيد الذي لم يحتفل به الفلسطينيون تحت وطأة الهجمات الإسرائيلية الغادرة معتبرة أن صمود المقاومة الفلسطينية على مدار الأيام الإحدى عشر نصراً كبيراً، خصوصاً مع التطور النوعي والكمي لسلاح المقاومة الصاروخي الذي طالت رشقاته معظم المدن المحتلة حتى العاصمة تل أبيب في سابقة لم يعهدها العدو من قبل، مما جعل سكان تلك المدن يقضون جل وقتهم في الملاجئ والمخابئ والأقبية في حال من الهلع والخوف لم تحد منها تلك القبة الحديدية التي كان يتم التسويق لها من قبل الإسرائيليين

وقد كان للصلف والغرور الإسرائيلي في استهداف أبراج سكنية وإدارية وقع مختلف على الساسة الأمريكيين من الحزب الديمقراطي خصوصاً بعد تدمير البرج الذي يضم مكاتب لوكالة الأنباء الأمريكية "أسوشيتد برس"، مما جعل هؤلاء الساسة وبينهم أعضاء في الكونجرس الأمريكي ينظرون للأمر بشكل مختلف، وعلت نبرة الغضب من تلك الممارسات الإسرائيلية، ولأول مرة يتم التحدث عن مشروع قانون يدعو لوقف بيع الأسلحة الأمريكية لإسرائيل، كما تصاعدت الأصوات التي تنادي بحماية الفلسطينيين من ذلك البطش الإسرائيلي الغاشم، مما خلق حلقة من الضغط على الرئيس الأمريكي "جو بايدن" الذي مارس الضغط بدوره على "نيتانياهو" لإيقاف العدوان، والقبول بالمبادرة المصرية، وهو ما حدث بالفعل دون أي ظهور إعلامي للقيادات الإسرائيلية في تصرف غريب يبين مدى الفشل الذي لاقته تلك الحملة العدوانية الهمجية التي قامت بها قوات الاحتلال على غزة، مع استمرار انطلاق الصواريخ منها تجاه المدن الإسرائيلية حتى اللحظات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار. . .

وبمجرد أن دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، قامت الإدارة الأمريكية بالتنبيه على إسرائيل بإيقاف الممارسات المستفزة في حي الشيخ جراح التي كانت الشرارة الأولى في اشعال تلك الحرب، والتعامل مع الفلسطينيين في الداخل باحترام، وهو ما يعد تطوراً نوعياً في الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية يجب الاستفادة منه

ومع الدعم القوي الذي تقدمه مصر للقضية الفلسطينية وتخصيص نصف مليار دولار لإعادة إعمار غزة مع قيام الشركات المصرية بعملية إعادة الإعمار والسعي لإيجاد حل مع الشركاء الدوليين للقضية الفلسطينية، وجب على الفلسطينيين استغلال هذه الفرصة، بعد عودة قضيتهم لبؤرة الاهتمام العالمي، وأن يقوموا بإعادة اللحمة للفلسطينيين تحت قيادة موحدة جديدة تتحدث باسمهم، مع نبذ الخلافات التي أضرت بالقضية وبالشعب الفلسطيني أكثر من العدو نفسه في السنوات الأخيرة

على الفلسطينيين الجلوس معاً والاتفاق على خارطة طريق للتعامل مع الوضع الراهن لحل مشاكل القدس والضفة والقطاع والسعي من أجل قيام الدولة الفلسطينية الموحدة على حدود 1967 في أقرب فرصة في ظل تلك الظروف التي صنعتها الأزمة الأخيرة، لكن فرص هذا الزمن قليلة، ولنا في التاريخ العبرة، فليغتنم الفلسطينيون الفرصة التي تأتي لهم في هذا الوقت بعد زمن مضى كان به بعض الفرص الضائعة، فالكرة الآن في ملعبهم للتوحد تحت قيادة واحدة يمكنها التعبير عن جميع الفلسطينيين واستعادة الحقوق الضائعة.