الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هدنة فلسطينية- إسرائيلية بتوقيع مصر

 

على مدى 11 يومًا من العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، والقصف المتواصل الذي تسبب في استشهاد نحو 230 فلسطينيًا وإصابة 1710 آخرين، ودمار واسع في القطاع، لم تستطع أي دولة عربية أو غربية رغم تزايد النداءات منذ اللحظة الأولى، وقف القصف واقرار التهدئة ولكن مصر فعلتها ووافق الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي على المقترح المصري للتهدئة. وعلق عليه الرئيس الأمريكي بايدن ووصف الجهود المصرية خلال الأزمة، بألجهود المتواصلة الناجحة، التي أسفرت عن وقف إطلاق النار في النهاية. كما علق قادة المقاومة الفلسطينية على الدور المصري الأصيل، في مساندة الفلسطينيين والتوصل للتهدئة. وهو ما يؤكد للجميع عربيًا ودوليًا أن مصر لاعب أساسي في القضية الفلسطينية، وأنها الوحيدة القادرة على  التواصل مع مختلف الأطراف وفرض وجهة نظرها من أجل العودة للهدوء والسعي نحو السلام.
لكن المعركة الماضية في فلسطين، والتي استمرت تحو 11 يوما،  استطاعت بالفعل، تغيير قواعد اللعبة السياسية لصالح الفلسطينيين، باعتراف الداخل الإسرائيلي ذاته.
ففي إسرائيل وبمجرد إعلان وقف اطلاق النار، نقلت صحيفة ذا تايمز أوف اسرائيل، العديد من انتقادات أعضاء الكنيست الاسرئيلي لنتانياهو، وقالوا له إن قبول وقف إطلاق النار بشكل أحادي (عار على إسرائيل) وإنه أضر بنظرية الردع الإسرائيلي. في الوقت الذي تعالت فيه على الناحية الأخرى الانتصارات والاحتفالات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ابتهاجًا بانتصار غزة والنصر الفلسطيني.
والحقيقة – وبعض النظر في اللحظة عن حركة حماس والجهاد الاسلامي، وتمويليهما وانتماءاتهما وغيرها، وهى آراء لنا معلنة ومسجلة ومتمسكون بها. فالحقيقة التي لايمكن مداراتها أو الخلط بشأنها أن الحرب الأخيرة غيرت قواعد اللعبة، ولم يمكن لاسرائيل نفسها أن تقل غير ذلك. ونتنياهو نفسه قبل ساعات من إعلان وقف اطلاق النار قال في تصريحات منشورة، إن حماس ستحتفل وستقول إن وقف اطلاق النار انتصار لها وهو هذا بالفعل والأسباب كثيرة:
فاللمرة الأولى، تستطيع الفصائل الفلسطينية أن تواصل الصمود أمام القصف الإسرئيلي وترد على القصف بقصف مماثل يطال كافة المدن الإسرائيلية، سواء تل أبيب أو عسقلان أو اللد او النقب، أو كافة المدن والبلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
للمرة الأولى، وحتى قبل إعلان وقف اطلاق النار بدقائق تصمد صواريخ المقاومة الفلسطينية، ولا يمكن للجيش الإسرائيلي اسكاتها، وقال نتيناهو إنه اطلق قرابة 4000 صاروخ من غزة على اسرائيل، فيما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إنه لا يمكن القضاء تمامًا على ترسانة حماس من الصواريخ والتي تصل إلى 12 ألف صاروخ.
خلال الحرب الأخيرة وللمرة الأولى بهذا الشكل، يتم تشكيل رأي عام عربي ودولي مناصر للقضية الفلسطينية، وتخرج مظاهرات في الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول العربية والأجنبية، تضغط بقوة من أجل ايقاف القصف.
رغم الخلافات الفلسطينية المحتدمة، وبالمناسبة لسنا نحن فقط، الذين نمتلك العديد من الآراء السلبية في حركة حماس وانتماءاتها وارتباطاتها الخارجية، فكثير من الفلسطينيين يرون في "حماس" مشكلة حقيقة للداخل الفلسطيني، سواء على المستوى الشعبي أو على مستوى القيادات الفلسطينية المختلفة، وبينهما ما صنع الحداد كما يقولون – رغم أنهم فلسطينيين، لكن هذا لا ينفي أن الصمود  والرد العسكري صواريخ مقابل صواريخ يُحسب لحماس وباقي الفصائل الفلسطينية في الحرب الأخيرة.
الحرب الأخيرة على غزة، والتي استمرت 11 يوما نبهت العالم من جديد، بعد سنوات من الجمود والصمت والذبول للقضية الفلسطينية، وحتمية التوصل لسلام ولاتفاقات سياسية تندرج حتما في اطار حل الدولتين المتوافق عليه عالميًا.
أما الملاحظة الأخيرة.. وهى بدايات هذا المقال ومحوره الرئيسي، فيحسب لمصر، أنها الوحيدة باعتراف العالم وأمريكا وفرنسا وكافة القوى التي حاولت وقف القصف دون جدوى أنها استطاعت التقدم بمقترح تهدئة واخذ موافقة الطرفين عليه، وهو ما يؤكد من جديد حيوية الدور المصري في الصراع..
بقيت الخلاصة.. تهدئة بدون تسوية أشبه بحرب معلقة، قد تتجدد في أي وقت وعليه وعلى الفلسطينيين وقبلهم حكومة تل أبيب التحرك نحو السلام والتسوية. ولا فالحال أشبه بالجلوس على قنبلة قد تنفجر من جديد في أي وقت.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط