الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نجلاء شمس تكتب: القضية المركزية

صدى البلد

هناك سؤال يطرحه بعض الناس؛ وهو أن الأمة لديها كثير من القضايا، وهناك كثير من الأراضي الإسلامية التي تم احتلالها وعانت من الظلم الواقع عليها؛ فما الذي جعل القضية الفلسطينية مختلفة عن غيرها من القضايا؟

وما الذي جعل تلك الموجة من موجات المواجهة ببن الفلسطينيين والكيان الصهيوني تحظى بمثل هذا الزخم؟

فالقضية ليست قضية غزة ؛ بل هى قضية العرب والمسلمين والمسيحيين واليهود؛ إنها قضية العالم كله، لا سيما أنها قضية إنسانية دينية  واضحة.

وسأعرض في مقالي هذا الإجابة عن سؤال رئيسٍ؛ ألا وهو : لِمَ كانت القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى؟

إن الله تعالى  يقول في كتابه: "وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ .." القصص 68

حيث إن الله تعالى اختار عدة مناطق من الأرض فجعلها مقدسة؛ منها الحرمان الشريفان ، ومنها المسجد الأقصى المبارك الذي بارك الله حوله، كما جاء

في قوله تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ... )  "الإسراء: 1  ومنها هذه الأرض المباركة، وهى أرض فلسطين التي جعلها الله مقدسة في كتابه، وتتضح قداسةهذه الأرض ومكانتها الدينية في الفهم العميق لآية الإسراء التي أكدت قدسيتها إلى يوم الدين ،ومن بركتها كانت بركة القُرى التي حولها كما جاء في قول الله تعالى : "وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً... )  سبأ:18

وعن ابن عباس- رضي الله عنه- قال:  المقصود بالقرى التي باركنا فيها : بيت المقدس، ولا شك أن هذه الأرض نالت قدسيتها ومباركتها من عند الله وليس من عند الناس.

ووجه ارتباط المسلمين بهذه البقعة هو ارتباطهم برسول الله محمد بن عبد الله- صلى الله عليه وسلم- فهذه الأرض ارتبطت به عندما صلى إليها، فكانت " أُولَى القبلتين ومكث كذلك ستة عشر شهرًا وأيامًا وهو يصلي متجهاً إليها، وبذلك تعمقت مكانة القدس لدى المسلمين باعتبارها قبلتهم الأولى، واستمروا كذلك حتى حوَّل الله القبلة إلى المسجد الحرام.

وارتبطت هذه البقعة المباركة بالرسول محمد- صلى الله عليه وسلم- عندما أَسْرَى الله به إليها من مكة في معجزة وآية من آيات الله، وقد رفع الله بها درجة رسوله الكريم، وبَوَّأَهُ مكانة رفيعة يستحقها.

وفي هذه البقعة عُقد له المعراج إلى السماء، فلم يرفعه الله إلى السماء من مكة ولا من المسجد الحرام ولا من المدينة المنورة ولا من المسجد النبوي؛ وإنما كان معراجه من المسجد الأقصى إلى السماء، ورجع أيضًا بعد أن جاوز السبع الطباق إلى سدرة المنتهى، وفي هذه البقعة أُعْلِنَتْ- بوضوح- إمامة النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- على جميع الأنبياء، حيث جمع الله له الأنبياء والرسل فصلى بهم إمامًا، وفي هذا من التكريم له- صلَّى الله عليه وسلم- ولأمته ما فيه.

وهذا المكان- أيضاً- هوالذي سار إليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- من المدينة المنورة، من أجل استلام مفاتيح الأقصى، ولم يخرج سيدنا عمر لغيره في أي غزوة من الغزوات أو فتح من الفتوح خارج حدود الدولة الإسلامية، وقد استلم مفاتيحه من الرُهبان النصارى الذين يسكنون بالقدس، ولم يكن فيهم يهودي واحد، وسلَّم إليهم  سيدنا عمر العُهدة العُمرية والتي ما زالت قائمة حتى الآن، وهى كتاب عمر بن الخطاب للنصارى في القدس وفلسطين، لا سيما أنه أعطاهم الأمان، وتكفل بحمايتهم وحماية مقدساتهم وكنائسهم ورعايتهم، مع حماية اقتصادهم وكل ما لهم من حقوق.

ولا عجب؛ فإن هذه الأرض هى التي سيهاجر إليها المسلمون في آخر الزمان، حيث صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:

" ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم" الذي هو بلاد الشام. رواه أبو داود.

وحين كان يتحدث المؤرخون والرواة القدامى عن الشام وأرضها كانوا يقصدون بذلك الرقعة التي تشغلها الآن سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، فتلك هي بلاد الشام التي سيهاجر إليها  الخيِّرون من المسلمين من شتى بقاع الأرض.

ولا غرو فإنها أرض المحشر والمنشر، وينزل عيسى بن مريم

- عليه السلام- هناك، ويكون المهدي الذي يخرج في آخر الزمان- أيضًا- هناك.

ويكفي تلك البقعة شرفًا أن عيسى بن مريم- عليه السلام- سوف يُدْرِك الدجال بباب لد بفلسطين فيقتله.

وإن مصر تبنَّتْ تلك القضية، وكل العصور تشهد بأن مصر ترعى القضية الفلسطينية، مما لا يدع مجالًاللشك بأن مصر لا تتخلى عن واجبها.

فواجب علينا كمصريين أن نساهم في إنقاذ الشعب الفلسطيني ودعمه بكل أنواع الدعم اللازمة من أجل وحدة الكلمة وجمع الشمل وزيادة الترابط والتلاحم حول مقدساتنا الدينية.