الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رجب الشرنوبي يكتب: قفزة في الهواء

صدى البلد

 

أحد عشر يوماً كانت كافية لعودة القضية الفلسطينية مرة أخري إلي صدارة المشهد العالمي..صحيح أن الشعب الفلسطيني فاقت خسائرة عشرات المرات ماتكبدته دولة الكيان الصهيوني،سواء علي مستوي اعداد الشهداء والجرحي أو علي مستوي الخسائر المادية والبنية التحتية بكل مفرداتها والتي تحتاج إلي مليارات الدولارات لمجرد إعادتها كما كانت،لكن مع كل هذه الفروق بين تضحيات الأشقاء الفلسطينيين وماتكبدته دولة الإحتلال من خسائر،أثبت أبناء الشعب الفلسطيني مرة أخري أنهم كانوا أبطال،ليس فقط شباب وفتيات الشعب الفلسطيني في غزة ومدن القطاع،بل كل الشباب الفلسطيني في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة وأيضاً الأجيال الجديدة من أبناء فلسطيني الداخل،وهم فلسطينيين  يُطلق عليهم عرب الثمانية وأربعين ويقيمون داخل المدن الإسرائيلية،يحمل منهم قرابة المليون وخمسمائة ألف مواطن الجنسية الإسرائيلية..هذا هو المتغير الجديد الذي لم يكن موجود بهذا الزخم خلال المواجهات السابقة.

تابعت لقاء لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكون علي شاشة CNN الأمريكية،حول زيارته الحالية في للمنطقة وعند إجابته عن سؤال حول الصفقة الحالية لبيع أسلحة عسكرية أمريكية لإسرائيل بقيمة 785 مليون دولار،قال بلينكون بالحرف الواحد رغم أن أمريكا تبحث عن كيفية مساعدة الشعب الفلسطيني خصوصاً في غزة لكنها ملتزمة في الوقت نفسه في مساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها ولن نتعاون مع أي أطراف فلسطينية أخري غير السلطة الفلسطينية،مايعني أن سياسة أمريكا في المنطقة لم ولن تتغير عن الخط المرسوم لها منذ عقود،أياً كانت الإدارة التي تقود الولايات المتحدة في البيت الأبيض بصرف النظر عن كون هذه الإدارة جمهورية أو ديموقراطية.

في ظل هذا التعاطي الحالي من المجتمع الدولي مع القضية الفلسطينية، وفي ظل وجود ملفات أخري تهدد السلم والأمن الدوليين، وفي ظل مد عدد من الدول العربية أياديها وإبداء حسن نواياها تجاة إسرائيل أمام العالم،بالتوقيع علي إتفاقيات سلام معها وهي من وجهه نظري يمكن أن تمثل أوراق ضغط لصالح العرب وليست لصالح الدولة الصهيوني..في ظل كل هذه المتغيرات وغيرها،لدي الدول العربية خصوصاً الفاعلة منها ومن خلفهم القيادة الفلسطينية فرصة جيدة لإعادة إحياء القضية مرة أخري،فهي  قضية عادلة وثابتة لن يتمكن أحد من طمس ملامحها مهما طال الزمن حتي لو خفت الضوء حولها بعض الوقت.

دعم ومساندة الموقف المصري سيساعد حتماً علي إحياء حقوق الفلسطينيين  مرة أخري،هذا الدعم لايجب أن يتوقف فقط عند جهود إعادة الإعمار، إنما بالتنسيق الكامل حول مايمكن ترتيبة والإتفاق علية،لإتخاذ موقف عربي واحد تجاة الدول والمنظمات الدولية الفاعلة وذات الصلة بالقضية الفلسطينية،من الضروري أن يُترجم هذا الموقف لإجرآت عملية ومتنوعة،تجمع بين مواقف سياسية و إقتصادية مروراً بتناول إعلامي راسخ وموحد حول القضية القضية الفلسطينية،كما يستلزم بالضرورة محاولة العمل علي نبذ الخلافات وتصفية النوايا بينهم..أيضاً لدي الشعب الفلسطيني وبالتحديد الأجيال الجديدة منه فرصة حقيقية الآن للعمل ليل نهار وتقوية الإقتصاد الفلسطيني والكفاح حتي نصل جميعاً إلي الدولة الفلسطينيةالمنشودة.

سيكون من الضروري خلق مزيد من الترابط بين أبناء الشعب الواحد والإصطفاف حول سلطتهم  الفلسطينية الممثل الوحيد والشرعي لهم أمام العالم..في ظل عالم يسهل فيه الإتصال والتواصل سيكون من المفيد للقضية أن يشعر العالم بمزيد من زيادة اللحمة الوطنية بين الشباب الفلسطيني داخل الخط الأخضر وإخوانهم داخل المدن الإسرائيلية، كما أنه من الضروري أن يصل الشباب الفلسطيني إلي قناعة هامة ومحورية تعني أن الوصول إلي دولتهم الفلسطينية لن يتم بعيداً الطريق السلمي وطاولة المفاوضات،وليس من خلال إطلاق عدة صواريخ لاتثمن ولاتغني من جوع ولاتوقع خسائرحقيقية في جانب الدولة العبرية.

علي أبناء الشعب  الفلسطيني وأنا هنا أقصد الشباب الذي أستأسد في الدفاع عن أرضه ومقدساته وهويته الفلسطينية ألا يضيع هذه الفرصة مرة أخري ويتعامل بشيء من الواقعية..مثلما ضيعها من سبقوه خصوصاً في ظل معطيات جديدة تسود العالم لم تكن موجوده من قبل.. عليه أن يكون سنداً ودعماً لقيادته الفلسطينية التي يعترف بها العالم وليس بحركات لها أهداف وأجندات تضعها وتنفق عليها دول أخري إقليمية لايهمها سوي مصالحها الخاصة..ضاعت الدولة الفلسطينية أول مرة عندما رفضها  الراحل ياسر عرفات وكان العظيم أنور السادات قد أتي بها للفلسطينيين علي طبق من ذهب..بعد خمسة عشر عاماً بالتمام والكمال راح أبو عمار يبحث عن نسخة مشوهه منها في أوسلوا..بعدها راح ياسر عرفات ولم يصل الشعب الفلسطيني الشقيق إلي دولته المنتظرة حتي الآن ..رغم كل التضحيات التي يتكبدها أبناء الشعب الفلسطيني نفسه وليس أحد غيرهم كل يوم.

علي السلطة الفلسطينية أن تكثف من إثبات وجودها بين أبناء الشعب الفلسطيني بالكامل داخل كل  المدن الفلسطينية بما فيها قطاع غزة ومع الفلسطينيين داخل دولة الإحتلال وليس في الضفة والقدس فقط..علي قادة حماس والجهاد الإسلامي وباقي الفصائل الفلسطينية إثبات ولائهم للشعب الفلسطيني  والإنخراط بالعمل الفلسطيني الوطني..من خلال زيادة التنسيق مع السلطة الفلسطينية وإعتبار أنفسهم جزء من القرار الفلسطيني الواحد الذي تقوده السلطة المعترف بها دولياً..ليس بمحاولات خلق قرار فلسطيني آخر موازي له ومن خلال بوتقة التعاون العربي المشترك.