الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الطبقة الوسطى في أزمة!

 

أين ذهبت الطبقة المتوسطة  بثقافاتها.. همومها.. ملابسها.. أو حتى مشاحناتها؟!،.. أقول هذا الكلام بمناسبة عمل درامي قديم يعاد عرضه على أحد الفضائيات وهو "عائلة الأستاذ شلش" والذي يجسد الحياة اليومية لموظف حكومي بما فيها من تفاصيل وهوامش مع زوجته، أولاده، جيرانه، وزملائه في العمل.. ولا أعرف لما ولا كيف أخذني هذا المسلسل لأمس حلو بأزيائه، حواراته، وطموح أبنائه.. ودون تخطيط، ولا حد أدنى من التفكير، وجدتني أعقد مقارنة بينه وبين حال الموظفين الآن!.. لن أتكلم عن أناقة شلش "صلاح ذو الفقار" وزوجته نجية "ليلى طاهر".. ولا عن حال ماسبيرو الذي تعمل أحدى بناته مخرجة فيه.. ولن أقف عند طلاب الجامعات المصرية الحكومية التي كانت ولازالت منارة العلم رغم هجر بعض أبناء الطبقة المتوسطة العليا لها، وذهابهم لتعليم خاص من وجهة نظري أنه لا يقارن بجامعاتنا الحكومية.. 
والغريب أن هذا المسلسل عرض أول مرة عام 1990 يعنى من 31سنة!.. ما جعلني أتساءل،.. هل يعقل أن تحدث كل هذه المتغيرات الطبقية خلال تلك الفترة الزمنية فقط؟!
أعتقد أن ما طرأ على الطبقة الوسطى لم يكن وليد 31عام، ولا يرجع لأزمات اقتصادية أو ضيق ذات اليد كما يزعم البعض،.. فما طال تلك الطبقة من تغيرات اجتماعية وثقافية، سبق ووصل لغيرها من الفئات الأعلى والأدنى على مدار 60عام وأكثر.. فمن "انفتاح السداح المداح" على حد قول أحمد بهاء الدين،.. مع العلم أنني من عشاق الرئيس الراحل السادات إلى الهجرة لبلاد النفط، والعودة بمفاهيم وأزياء أبعد ما تكون عنا.. مروراً بتغيرات سياسية، اجتماعية، اقتصادية عبر العصور المختلفة ... تبدلت الطبقات وتبخرت مفاهيم وتقاليد عديدة في الهواء!.. 
ورغم كل ما قيل ويقال،.. إلا أن الطبقة الوسطى لن ولم تندثر.. ربما تتأثر بغبار الأفكار المغلوطة، وجائز تتغير جراء رياح  الأزمات العاصفة.. لكن الأكيد أنها كانت وستظل رمانة الميزان في المجتمع.. لذا تسعى الدولة دوماً للتخفيف عن كاهلها، وهو ما نلمسه من قرارات حكيمة تصب في صالح المواطن، أخرها ما أعلنته الحكومة عن زيادة مرتبات موظفي الدولة في يوليو المقبل.. 
وأخيراً وليس بأخر،.. إصلاح أي مجتمع يبدأ من الطبقة الوسطى ليس لأنها الأفضل بل لكونها القوة العظمى فيه.. وأذكر فيلسوف الاقتصاد المصري الراحل جلال أمين حين وصف من يتغنى بتلاشي الطبقة الوسطى بالسخف، مؤكداً أنها تقدر بحوالي 40% من المجتمع.. وتتوقف الفئة المنتمية لها على رؤية الشخص لذاته ، فهناك موظف حكومي يرى أنه من طبقة دنيا، وأخر يعتز بنفسه، فينعكس ذلك على نظرة الآخرين إليه.. 
باختصار،.. رفع المستوى الاقتصادي للطبقة الوسطى أمر هام وضروري.. لكنه لن يؤتي ثماره المرجوة ما لم يصاحبه خطة ممنهجة تعيد الهوية الثقافية لفئة كانت دوماً حائط الصد لكل سلوك، ومعتقد سلبي يهدد سلامة المجتمع..

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط