الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

آلان سليفي يكتب: تركيا وإيران من نقاط الاختلاف إلى محور التفاهم

صدى البلد

طبيعة الخلافات التركية الإيرانية عبر التاريخ القديم والحديث والتي ارتبطت بعدة نقاط: كإرث كلتا الدولتين "العثمانية والصفوية"، الانقسامات بين "السنة والشيعة" والتي اجتاحت المنطقة، مما أدى إلى تسارع كبير بين الدولتين في الهيمنة على آسيا الوسطى، كذلك التنافس على المنطقة العربية بالرغم من اختلاف وسائل كل منهما، كون النفوذ الإيراني "أيديولوجي النزعة"، بينما النفوذ التركي" اقتصادي التوجه"، إلا أنها تتمتع بدرج من الاستقرار عبر التاريخ الحديث مقارنةً بما كانت عليه منذ عقود من الزمن. 

هناك تنافس قائم بين الدولتين، لكن اللغز الصعب تفسيره على الساحة الإقليمية هو عدم وجود اصطدام بينهما. 

عدة نقاط توضح التناغم المشترك بين القوتين التركية والايرانية منها: الموقف التركي في بداية الأزمة السورية وذلك من خلال دعم قوى المعارضة لحكم بشار الأسد الحليف الأول لإيران، بينما الموقف الإيراني المتناقض تماماً في الأزمة والذي كان دعم وتمويل لحكم بشار الأسد، حيث التباين بين موقفي الدولتين وقدرة كل منهما على الاحتفاظ بوجهة نظرها على الرغم من اختلافها، وكذلك تحريف تركيا مسار الضغط من مناطق سيطرة النظام السوري إلى مناطق شمال شرق سوريا بهدف تخفيف الضغط على التوسع الإيراني وعلى حليفه في المنطقة. 

من جانب آخر استضافة تركيا محطة الدفاع لصواريخ منظومة حلف الأطلسي التي تم تسويقها من قِبل الإدارة الأمريكية كأداة ردع القدرات الصاروخية الإيرانية.

أوضح التناغم المشترك بين الدولتين رغم الخلافات عندما اعتبرت إيران بأن محطة درع الدفاع لصواريخ منظومة حلف الناتو خطوة تشكل مخاوف الإدارة الإيرانية مما سارع وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو بتصريح في مؤتمر صحفي مشترك بينه وبين نظيره الإيراني في طهران في يناير ٢٠١٢ بأن تركيا لن تتخذ أي خطوة تؤثر على علاقاتها مع إيران. 

حيث كان أحد ظواهر التدخل التركي في ليبيا هو دعم إيران لتركيا بالتدخل العسكري في ليبيا رغم بُعد الموقع الجغرافي بين إيران وليبيا. 

لو قمنا بالتركيز في العلاقة التركية الإيرانية نجد بأن هناك عدة نقاط تساهم في تكوين تناغم جديد بين الدولتين من ناحية التعاون الاقتصادي والوضع الراهن في آسيا الوسطى والدول العربية، بالإضافة إلى الخوف من انفصال كردستان العراق، وكذلك تطورات الأزمة السورية وبشكل خاص ما حققتها الإدارة الذاتية من تقدم كبير في شمال وشرق سوريا، ووعي كلتا الدولتان على الحاجة المتبادلة في الوقت الراهن لأن القوتان يلعبان دوراً فعالاً يكملان بعضهما البعض في موازين القوة، حيث قوة إيران تكمن في سيطرتها على عدد كبير من الفصائل في العراق وسوريا، أما تركيا تكمن في القوة الدولية والعالم الإسلامي، لذا فكلاهما بحاجة بعضهما للحفاظ على عدم التضارب في القوة وردع أية قوة في العراق وفي شمال وشرق سوريا "على وجه الخصوص"، حيث تتفق الدولتان على عدم حدوث تغييرات في الجغرافية السياسية في دول المنطقة خصوصاً في قيام نموذج ديمقراطي سيؤثر عليهما سلباً، وكذلك قيام قوة ديمقراطية يصعب ردعها. 

كل هذه النقاط ساهمت بين الدولتين في الاعتماد على اللغة الدبلوماسية بدلاً من خطاب التهديد الذي يُعرض علاقاتهما للخطر، حيثُ قامت الدولتان بتحويل العلاقات بينهما من الصيغة القديمة المليئة بالصراعات إلى الصيغة الجديدة للتعامل المستمر والتوازن المستقر ومعرفة كل طرف أين مسار أهدافه المادية والجغرافية كي لا يضّر أي طرف أهداف الطرف الآخر. 

رغم كل هذا التقارب بين سياسة الدولتين إلا أنها تقاربات "مرحلية وموضوعية مؤقتة" ولن تتطور إلى تحالفات استراتيجية دائمة، كون لدى كل منهما فكر سياسي مختلف مبني على الصراعات. 

في النهاية نرى بأن المرحلة الراهنة تفرض على تركيا وإيران بالتقارب المؤقت في بعض النقاط وذلك بهدف كل منهما بسط سياستها على المنطقة.