الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. محمد مبروك يكتب: الجمرة الخبيثة والفطريات الملونة!

صدى البلد

 

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 والهجوم بالطائرات المدنية على برجي التجارة بمدينة نيويورك الأمريكية مما تسبب في انهيارهما وموت الآلاف تحت الأنقاض، وبعد أسبوع من هذه الأحداث فوجئ عدد من رجال السياسة والإعلام الأمريكيين بوصول طرود بريدية لهم تحتوي على مسحوق أبيض تم الإعلان بعد تحليله عن أنه يحوي جراثيم الجمرة الخبيثة (الأنثراكس)- تلك البكتيريا التي تتسبب في أعراض بالغة خصوصاً في الرئتين والجهاز التنفسي، مؤدية إلى موت من يصاب بها - وقد تم الربط بين هذه الطرود القاتلة وأحداث 11 سبتمبر في بداية الأمر بعدما أصابت هذه الطرود 23 شخصاً، توفي إثر الإصابة منهم 5 وتم إنقاذ 17 آخرين باستخدام بعض المضادات الحيوية…

وبعد عشر سنوات من البحث وراء المسؤول الحقيقي عن إرسال هذه الطرود المميتة، كانت المفاجأة في عام 2011، حيث قادت كل الخيوط والتقصي العلمي إلى أن المسؤول عن إرسال هذه الطرود هو الباحث العلمي العامل في القطاع الحكومي "بروس إيفانز"!

وكان المحققون قد خلصوا إلى أن "بروس إيفانز" الباحث في مختبر الاسلحة البيولوجية في "فورت ديتريك" بولاية ميريلاند هو الشخص الوحيد المسؤول عن هجمات  الجمرة الخبيثة (الأنثراكس) القاتلة

وقد انتحر إيفانز في أغسطس 2011 بعد وقت قصير من إبلاغ المحققين له بأنهم سيوجهون له التهمة رسمياً!

وقد عزا المحققون سبب إرساله لهذه الطرود إلى إصابته باضطراب نفسي واكتئاب بعد أن تم رفض اللقاح الذي كان يعمل على عليه للحماية من الجمرة الخبيثة نظراً لعدم مأمونيته والأعراض الخطيرة التي سببها للمتطوعين الذين حصلوا عليه...

ولعل هذه القصة الغريبة تنفي كل ما كان يشاع عن هذا الموضوع حينها، والذي كان يرمي إلى أن هناك نظرية مؤامرة كبرى وغموض كبير يكتنف تلك الطرود القاتلة، بيد أن الأمر لم يخرج من أهله، ولم يتعد حدود أولئك الأشخاص المعدودين الذين يتعاملون مع تلك الجراثيم الخطيرة.

وربما يتضح يوماً ما أيضاً أن انتشار فيروس كورونا بهذا الشكل كان وراءه مختبر ما، تسرب منه الفيروس إلى الخارج بعد ما طرأ عليه من طفرات تسببت في هذا السلوك الوبائي الخطير وما أدى إليه من وفيات وإصابات حول العالم، سواء بغير قصد أو بقصد من أحد المضطربين نفسياً العاملين بهذا المجال!

وفيما يتعلق بتلك الفطريات التي يتم تسليط الضوء عليها هذه الأيام ومحاولة الربط بينها وبين جائحة كورونا، فإن الخلاصة إن كلاً من الفطر الأسود والأبيض والأصفر هي فطريات موجودة في البيئة ومعروفة للأطباء منذ مئات السنين، وما تسببه من مضاعفات أو أمراض يرتبط فقط بانخفاض مستوى المناعة لدى بعض المرضى نتيجة إصابتهم ببعض الأمراض أو تناول بعض الأدوية المثبطة للمناعة، والذي قد يحدث مع عدد محدود من مصابي كورونا المحتاجين للعناية المركزة والعلاج بمثل هذه الأدوية للحد من رد فعل جهاز المناعة لديهم فيما يسمى "بالعاصفة السيتوكينية"، لكن هذا نادر جداً، وقد أخذ هذا الأمر كل هذه الضجة نتيجة ما تم اكتشافه من إصابات بتلك الفطريات مع سلالة كورونا المنتشرة بالهند، مع سوء الأحوال التي يواجهها المرضى هناك نظراً لتزايد الأعداد وانهيار المنظومة الصحية في بعض المناطق، لكن هذه الفطريات ليست معدية ولا تسبب جوائح أو أوبئة…
كل ما علينا هو الحرص على تلقي اللقاحات مع الالتزام بكل الاحتياطات المعروفة حتى يمكن تجاوز هذه الفترة العصيبة التي يعيشها العالم.