الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: اتفق المسلمون على تنزيه الله والتمسك بمحكم النصوص القرآنية والأحاديث النبوية

اللجوء إلى الله
اللجوء إلى الله

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إنه لا شك أن جميع المخلوقات الموجودة في هذا الكون الفسيح هي مظهر من مظاهر صفات الله تعالى‏,‏ وعندما يشهد الإنسان في هذه المخلوقات عظيم صفات الله تعالى يعلم أنه لا معبود بحق سوى الله تعالى‏.‏

وأضاف على جمعة عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، أن الصفات غير الأسماء; لأن الأسماء هي كل ما دل على ذات الله تعالى مع صفات الكمال القائمة به, مثل: الحي, العليم, السميع, البصير, فهي تدل على ذات الله, وما قام به من الحياة, والعلم, والسمع, والبصر.

والصفات: هي نعوت الكمال القائمة بذات الله تعالى, كالحياة والعلم والسمع والبصر.

وأشار إلى أنه مما يجب على المسلم أن يؤمن به أن صفات الله تعالى ليس لها شبيه ولا نظير فيما يتصف به الخلق من صفات سوى الأسماء والأحكام فقط, فما يقال في الأسماء من تنزيه يقال في الصفات من تنزيه, فالله سبحانه متصف بكل الكمالات, منزه عن كل النقائص, قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى:11].

والنقائص المنزه عنها الله تعالى في صفاته هي كل ما يدل على الحدوث أو يسم صاحبه بالنقص; فهو سبحانه لا يتصف بشيء من الأعراض المحسوسة كالطعم واللون والرائحة والألم, وكذلك اللذة الحسية.

 

كما أنه لا يجوز أن ينسب إلى الله عز وجل حقيقة الحركة والسكون والذهاب والمجيء والكون في المكان والاجتماع والافتراق والقرب والبعد من طريق المسافة والاتصال والانفصال والحجم والجرم والصورة والحيز والمقدار والنواحي والأقطار والجوانب والجهات.

 

والطريق في إثبات صفات الله تعالى هو توقيف الشارع, ومعناه: ورود هذه الصفة في كتاب الله تعالى أو سنة رسول الله ﷺ, أو نعلمه حكما كالصفة الثابتة بالإجماع كالوجود, وكل اسم لله تعالى يصح أن نثبت ما يشتق منه من صفات له سبحانه.

 

فعندما نقرأ قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) نثبت له صفة القدرة، وقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) نثبت له صفة العلم والإحاطة, وقوله تعالى: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) نثبت له صفة القدم, وصفة البقاء. وعندما نسمع ما رواه البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه, قال: كنا مع رسول ﷺ, فكنا إذا أشرفنا على واد, هللنا وكبرنا ارتفعت أصواتنا, فقال النبي ﷺ: «يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم, فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا, إنه معكم إنه سميع قريب», تبارك اسمه وتعالى جده نثبت له صفة السمع, وصفة البصر, وهو المقرر في قوله تعالى: (وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

 

وفيما رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما, أنه حدثه: أنه ركب خلف رسول الله ﷺ يوما, فقال له رسول الله ﷺ: «يا غلام, إني معلمك كلمات: احفظ الله يحفظك, احفظ الله تجده تجاهك, وإذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك, لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك, لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك, رفعت الأقلام، وجفت الصحف», نجد أن الله وحده هو المتفرد بالخلق والرزق والعطاء, والمنع ودفع الضر وجلب النفع, وهو وحده الذي يجب أن يفرد بالعبادة التي هي غاية الخضوع والذل مع الفقر والحاجة لذي العزة والجبروت.

 

وفي قوله تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) يعتقد المسلم نفي الكثرة والعدد، وقوله: (اللَّهُ الصَّمَدُ) يجد فيه أنه الذي لا يحتاج إلى شيء, ويحتاج إليه كل شيء, وقوله: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) فيه نفي القلة والنقص وقوله: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) يجد فيه نفي الشبيه والنظير.

 

وقد اتفق المسلمون كلهم على تنزيه الله تعالى, وعلى التمسك بمحكم النصوص القرآنية والأحاديث النبوية, وفهم بعض المتشابهات التي يوهم ظاهرها إثبات ما ينافي كمال الله وألوهيته في ضوء ما قطعت به النصوص المحكمة من التنزيه.

 

ومن أغراض الوقوف على صفات الله تعالي كذلك التعلق بها لإظهار العبودية والافتقار, والتخلق بما يصلح أن يتحلى به الإنسان, والتحقق بمعناها في التعامل مع الكون بما يظهر شيئا من رحمة الله الرحمن الرحيم.