الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ

في القرآن الكريم تأتي كلمة حساب مرتبطة بحركة الشمس والقمر ومنهما نعرف طريقة حساب التقويمين القمري والشمسي: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) يونس 5. 
وتأتي حسب بمعنى ظن خطأ، قال تعالى: (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) البلد 5، وهو ظن غير صحيح للإنسان، ومثله الظن الخطأ في عدم وجود اليوم الآخر: (أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى) القيامة 36.
ويحسب البعض أن دخول الجنة سهل، مع أن دخول الجنة يحتاج للعمل الصالح، والتوبة الصادقة، وجهاد النفس، والصبر: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) آل عمران 142.
وأيضاً يحسب البعض أن الإيمان كلمة تقال، مع أن المؤمن يمر باختبارات ويتعرض لفتن: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) العنكبوت 1، ولذلك لا قيمة لعمل الكافر لعدم نجاحه في الاختبار وسقوطه في الفتنة: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) النور 39.
والكفر بيوم الحساب يدفع صاحبه الى التكبر مثل فرعون: (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ) غافر 27، وهذا حال الذين لا يرجون حساباً: (إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً. لِلْطَّاغِينَ مَآباً. لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً. لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً. إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً. جَزَاءً وِفَاقاً. إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَاباً) النبأ 21-27. 
والناس يعيشون في غفلة عن اقتراب يوم الحساب: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) الأنبياء 1، فالإيمان بيوم الحساب يجعل المؤمن حريصاً على التوبة حتى يكون حسابه سهلاً: (وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الأنعام 69. 
وعن سرعة حساب الله تعالى للناس: (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) الأنعام 62، وقوله تعالى: (وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) البقرة 202، ومثله: (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) آل عمران 199، وأيضاً: (فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) آل عمران 19، وقوله تعالى: (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) الرعد 41. 
والقولين: (أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ)، (سَرِيعُ الْحِسَابِ)، هما تعبيران عن حدوث الحساب بسرعة وفي زمن يختلف تماماً عن الزمن الذي نعرفه، فنحن لا يمكن أن نتخيل اليوم الآخر وما فيه من زمن خالد، لذلك يأتي التعبير عن حساب الكل جماعات وأفراد، وفي وقت واحد بأنه تعالى: (سَرِيعُ الْحِسَابِ). 
وفي نفس هذا الحساب السريع يكون حساب المؤمن سهلاً: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ. فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً) الانشقاق 7-8، ويكون حساب الكافر شديداً: (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ. فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا. وَيَصْلَى سَعِيرًا) الانشقاق 10-12.
والمؤمن يخشى الله ويخاف مقدماً سوء الحساب: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ) الرعد 21، ولذلك سجل لنا تعالى دعاء النبي ابراهيم عليه السلام لندعو مثله: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) إبراهيم 41. 
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط