الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دينا يحيي تكتب: وانتهى الشهر الفضيل.. فهل من مجيب؟

صدى البلد

انتهي شهر رمضان المبارك بكل نفحاته و خيراته و للأسف انتهى معه الخير و أعماله .

خلال شهر رمضان لم تنته الإعلانات عن المستشفيات التي تحتاج لتبرعات و أيضاً إعلانات الجمعيات الخيرية عن الفئات المحتاجة للدعم و المساعدة …ناهيك عن الفنانين و الشخصيات العامة و إظهارهم المتفاني بصوره المختلفة علي وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم  لأعمالهم الخيرية و تبرعاتهم و زياراتهم للمرضي و الجمعيات و المستشفيات ، هذا غير إبرازهم و صورهم بمساهماتهم بتعبئة و توزيع الوجبات و المستلزمات الغذائية علي  المحتاجين و الأسر الفقيرة .

و لكن السؤال الآن ….ألم يعلم كل هؤلاء الأفاضل أن الفقراء و المرضي غير القادرين و أصحاب العوز و الحاجة متواجدون طوال العام و احتياجهم للغذاء أو الكساء أو الدواء أو العلاج هو احتياج مستمر …
ألم يعلموا أن الصدقة و الإحسان قد أمر بها الله في كل الأوقات و لها حسناتها و ثوابها طوال العمر ….نعم نحن معتادون علي التسابق علي فعل الخير في رمضان و الحصول علي ثوابه و لكن ماذا بعد الشهر الفضيل ؟ لماذا لا يكون باقي السنة هو مواصلة لأعمال الخير ….فأبداً لم يقتصر حث الدين الإسلامي على عمل الخير علي شهر رمضان فقط فعمل الخير ليس له وقت محدد .

و للعلم أيها السيد الفاضل أو السيدة الفاضلة إذا كنتم تبحثون عن ( الشو ) فقط بادعائكم عمل الخير لجذب متابعين أكثر أو جذب تعاطف الناس تجاهكم و تعظيم شعبيتكم و توسيع قاعدة جماهيركم ، فتستطيعون فعل ذلك طوال العام و ليس فقط خلال شهر رمضان الفضيل …. و تأكدوا بأنه بنسبة كبيرة أهدافكم ستتحقق  و ذلك طوال العام و لكن على الأقل ستكونون أخذتم ثواباً كبيراً ليس خلال شهر واحد فقط بل ستكون حسناتكم ممتدة دائماً .

مادفعني لكتابة هذا المقال هو مقابلتي لإحدى السيدات صاحبات الحاجة و العوز ..ممن يلجأن إلى افتراش الأرصفة بعد أن تقطعت بهن السبل .. للحصول على رزق من أصحاب القلوب الرحيمة.

كانت سيدة كبيرة في السن ، يبدو التعب و الفقر و المرض و الحاجة علي ملامحها ....و للحق ليست سائلة ملحة بل كانت تقترب من الناس و إذا وجدت عدم رغبة في إعطائها الصدقة تبتعد علي الفور ….فبادرت و اقتربت منها و سألتها عن الحال الذي جعلها تلجأ إلى الشارع… فردت بكل عفوية ( أعمل إيه بس عندي ست عيال و أبوهم متوفي و أخويا مشلول و قاعد معانا غير أن أمي فوق التسعين و تعبانة  و قاعدة معانا و أنا اللي براعيها … و لا عندي معاش و لا شغلانه أجيب منها لقمة عيش عشان سني و مرضي و بقالي أسبوع بنزل الشارع ما حصلتش حاجة اخش بيها علي العيال …بس الشهادة لله في رمضان كنا بناكل و نشرب و كان البيت فيه خير كتير و ماكنتش أنزل الشارع كتير أبداً.. كانت الجمعيات و أهل الخير بيوزعوا علينا أكل كتير غير الهدوم و الفلوس اللي كنت بجيب بيها أدوية أمي و أخويا ،  و ما فيش يوم إلا و كنا نفطر و نتسحر أحسن أكل ….بس دلوقتي الحال بقي صعب فقولت أنزل أشوف الناس الطيبة اللي كانوا بيدونا الحاجة في رمضان جايز ألاقي حد فيهم ….والله يا بنتي مش عارفة راحوا فين و لا هما اتشغلوا و نسونا و لا إيه !!!! ).

كان هذا نصاً ما قالته السيدة البسيطة …إحساسها بأن الخير لا تحصل عليه إلا في شهر رمضان فقط و كلامها علي أهل الخير أنهم يظهرون خلال الشهر الفضيل فقط … إحساس صعب بأن الخير و الطيبة و الإنسانية تختفي و لا يظهر أصحابها إلا خلال شهر رمضان ….صحيح إن شهر رمضان هو شهر الخير و لكن لا مانع من أن نستمر في مساعدة البسطاء و تقديم الخير لهم خلال أكثر من  شهر واحد فقط  خلال العام .

أنا لست ضد أن تقوم الشخصيات العامة والفنانون بإظهار أعمالهم الخيرية، فأياً كانت أسبابكم الحقيقية لإظهار و تصوير أدائكم لعمل الخير … فهذا ليس ما يعنيني ، فهناك حديث للرسول عليه أفضل الصلاة و السلام يقول  ( إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوي ) و لكن قد تكونون سبباً في أن يقوم غيركم بنفس الخير اسوة بكم بل لعلكم تكونون قدوة صالحة لغيركم فالنبي عليه أفضل الصلاة و السلام يقول  ( الدال علي الخير كفاعله ) و لكن أرجو أن تتسع صدوركم للمزيد من الأعمال الخيرية و التبرعات ليس فقط خلال شهر رمضان و لكن أيضا طوال العام …فالمحتاج و المريض و الفقير موجودون طوال العام و احتياجاتهم أيضا مطلوبة طوال العام .

و عن الجمعيات الخيرية فأرجو منكم أن تستطيعوا الوصول لأكبر شريحة من المحتاجين حتي لا يلجأوا إلي افتراش الأرصفة و سؤال من قد يعطيهم و آخر ينهرهم.

فهل يستكمل الخيرون أعمالهم بعد انتهاء الشهر الفضيل و هل تقوم الجمعيات الخيرية بواجباتها و تصل لأكبر عدد من الناس المحتاجين ؟ هل تجعلون روح العطاء و متعة الإحسان طوال العام ؟

يا سادة قد انتهي الشهر الفضيل ببركته و نفحاته الطيبة فهل من مجيب للمحتاجين و المرضي و أصحاب العوز ؟