الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإفتاء توضح مداخل المتطرفين لتضليل الناس والتحريم عليهم

دار الإفتاء
دار الإفتاء

مداخل المتطرفين لتضليل الناس، كشف الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، عن أهم الأمور التي يحكم بها المتطرفين على غيرهم بالضلال والتضليل، من خلال الأمور الدينية التي يفعلها الناس.

وقال مستشار مفتي الجمهورية، في البث المباشر لصفحة دار الإفتاء على “فيس بوك”، إن المتطرفين حينما يرون مسلما يضع أمواله في البنوك؛ يحكمون عليه بأنه ضال مضل، وحينما يرون مسلما يزور مقامات أهل البيت وأولياء الله الصالحين؛ يحكمون عليه بأنه ضال مضل.

وأضاف: المرأة التي لا ترتدي النقاب يحكمون عليها بعدم الإلتزام لأنهم يرون أن النقاب واجبا وفرضا، ولا يسمحون بتقليد أقوال الفقهاء المختلفة في حكم النقاب.

وأشار إلى أن الرجل الذي يمسك السبحة ويسبح عليها؛ يحكمون عليها بأنه ضال مضل، منوها بأن المتطرفين يحرمون على الناس كل شيء، حتى أنهم حرَّموا الأكل بـ"الشوك والملاعق".

وأكد أن الذي يحرم على الناس كل شيء؛ يكون مصيره في النهاية الإصابة بالمرض النفسي.

جناية المتطرفين على التراث

سلط مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، الضوء على دلالات انعدام المنهجية في التعامل مع التراث لدى المتطرفين.


وأكد مرصد الأزهر، أنه من دلالات انعدام المنهجية لدى المتطرفين، يكمن أولا، في “السرقات العلمية”، فعلى الرغم من الادعاءات المتكررة من قِبل تنظيم داعش الإرهابي أنه صورة الشريعة، وأن الإسلام الحق محصور فقط في منهجهم، ومن عداهم -كما يزعمون- مرتدون كفار، إلا أنهم في إصداراتهم تكثر السرقات العلمية؛ لا سيما إذا كان الكاتب أحد علماء الإسلام المعتبرين، ممن كفَّره أسلافهم، وغضب عليه شيوخُهم فرموه بالكفر والزندقة.


وأوضح من الأمثلة على ذلك، أنهم ينظرون إلى الإمام جلال الدين السيوطي (توفي 911 هـ) -رحمه الله- أنه أشعري العقيدة وصوفي المشرب، وبناءً على ذلك، فهو كافر مجزوم بكفره عندهم!.


وتابع مرصد الأزهر: "في إحدى مجلات التنظيم الإرهابي، وجدنا كلامًا للإمام السيوطي، لم ينسبه كاتب المقال إلى السيوطي، بل ساق الكلام على اعتبار أنه من بنات أفكاره، فقال في تعريف القناعة: "هي الاستغناء بالموجود، وترك التشوف إلى المفقود، والرضا بما قسمه الله".


وذكر المرصد أنه عند الرجوع إلى كتاب الإمام السيوطي المسمى "معجم مقاليد العلوم في الحدود والرسوم" وجدنا هذا التعريف بنصِّه، حيث قال في صـ 217: "القناعة: ترك التشوف إِلَى الْمَفْقُود، والاستغناء بالموجود" وفي صـ 205 يقول الإمام السيوطي: "القَنَاعَةُ: الرِّضَا بِمَا دون الْكِفَايَة".


وأوضح أن المتطرفين قاموا بضمِّ التعريفين، وسبك تعريف نسبوه لأنفسهم، حتى يتحاشوا ذكر الإمام السيوطي، وهو العالم المصري الجليل، وقد وصفه تلميذه عبد القادر بن محمد الشاذلي، بأنه "مميت البدعة، ومحيي السنّة"، وهو نفس الوصف الذي يردده كثير من العناصر المتطرفة، ولكن شتَّان بين من يقمع بدعة المتطرفين، ويظهر كذبهم ويُبيِّن عوار أفكارهم، وبين الأدعياء، سُرَّاق العلم الكذبة المدلسين.

ثانيًا: "تأويل نصوص التراث من بعض الكتب المعتبرة؛ لإضفاء الشّرعيّة الدينيّة على أفعالهم الإجراميّة"

وأشار إلى أن تنظيم داعش الإرهابي ليس له منهجية علمية منضبطة ومُحْكَمة يمكن أن نتحاكم إليها، وإذا نظرنا إلى طريقتهم التي يفكرون بها ويتعاملون بها، نجد أن أغلب علماء الإسلام عندهم إما كفار أو مرتدون أو مبتدعة، ومع ذلك فإنهم لا يكفون عن استخدام أسماء هؤلاء الأئمة الأعلام -الذين يرونهم كفارًا ومبتدعه - ويزجون بأسمائهم في إصداراتهم المتطرفة؛ لإضفاء الشرعية الدينية على تنظيرهم للتطرف واستدلالهم على إجرامهم وفظائعهم، ولاستقطاب المزيد من العناصر إليهم، فإذا قرأ الشاب محدودُ الثقافة في تنظيرهم - أن الإمام القرطبي يقول كذا، وجاء في تفسير البغوي كذا فإن هذا عامل جذب قوي، كما أنه في الوقت ذاته إضفاء للشرعية العلمية والدينية على ما يهدفون إليه من تنظير، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًّا في إصدارات هم.

 

ثالثًا: قطع الكلام عن سياقه وانتقاء النصوص

الحقيقة أن هذا الأسلوب لا يستخدموه فقط مع كتب التراث، وإنما حتى في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة؛ والأمثلة على ذلك كثيرة:

فمن القرآن الكريم استدلالهم بقوله تعالى في قتل غير المسلمين: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة: جزء من الآية: 5]، من دون أن يكملوا الآية بعدها التي تقول: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْلَمُونَ} [ التوبة: 6].

إذن، ليست الآية عامّةً في قتل كل الناس غير المسلمين، بل هناك ضوابط، فالمخصوصون بالقتال فئة محدودة، هم من أخرجوا المسلمين من أوطانهم وقاتلوهم، ولم يكن مجرد الاختلاف في العقيدة دافعًا للقتال؛ إذ القتال في الإسلام قتالٌ دفاعي لردِّ الاعتداء، فيقول تعالى في أول آيات تأذن للمسلمين في القتال: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا  وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 39-40].

ويقول تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة:190].

إذن هؤلاء اقتطعوا الآية التي تخدم توجههم العنيف من سياقها، ثم أوَّلوها على أهوائهم بما يخالف القرآن الكريم ذاته، وقد غضُّوا الطرف تمامًا عن الآيات الأخرى التي تبين فساد صنيعهم وانحراف منهجهم!


واختتم المرصد التقرير بأن تنظيم داعش الإرهابي، ومن يدور في فلكه، من التنظيمات المتطرفة عمدوا إلى هذا الدين الحنيف، فاقتطعوا النصوص من سياقاتها، وأخذوا منها ما يتوافق مع أهوائهم ورغباتهم، فنشروه وبثُّوه للناس، مما ترتب عليه خلق حالة عدائية نحو التراث، والنظر إليه باعتباره يُريق الدماء ويرضى بظلم الناس، وأن فقهاء الإسلام كفَّروا الناس وصادروا حرياتهم، في حين طمسوا وأخفوا من النصوص ما يبين قبح فعلهم، وسوء صنعهم وفساد منهجهم، وانحراف فكرهم وكذب قولهم، ونحن في مرصد الأزهر عازمون -إن شاء الله- على إظهار تلك النصوص التي تبين خطأ وفساد ما يروجونه وينشرونه بين الناس، والله من وراء القصد!