الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحوال تغيير الحكم الشرعي.. علي جمعة يوضح

أحوال تغيير الحكم
أحوال تغيير الحكم الشرعي

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن هناك ما يعرف في الفقه بالضرورة الملجئة، وهي أحوال إضرار يقع فيها العبد المسلم مما يكون معه مضطرًا لفعل ما حرم الله، ومن رحمة الله بالعباد أنه في هذه الأحوال لم يجعل عليهم إثماً فيما فعلوه.

 

وأضاف علي جمعة عبر صفحته الرسمية، أن  الناظر غير المتبصر يظن أن الحكم اختلف، وهما في الحقيقة حالان مختلفان لكل حال حكم فحال الاختيار له حكم وحال الاضطرار له حكم وحالان مختلفان لهما حكمان متغايران لا يقال له تبدل ولا تغير.

 

وذكر علي جمعة مثلا لذلك، وهو أنه من المعلوم أن الله حرم أكل الميتة، فيحرم على العباد أكل لحوم الميتات (إلا ميتة البحر)، فمن أكل منها يقال له: هذا حرام، وقد فعلت ما يستوجب عقاب الله. فلو تغير حال أحد الناس وصار في حالة إضرار بحيث إذا لم يأكل من الميتة هلك، هنا يصدق عليه وصف المضطر، وهنا يباح له الأكل من الميتة، والحكم تغير هنا في الظاهر، ولكن في الحقيقة الحكم لم يتغير، وإنما الذي تغير هو الحال التي ترتب عليه الحكم.

وتابع علي جمعة من أمثلة ذلك أيضا: ما حصل من غلمان حاطب الذين سرقوا ناقة، ولم يقطعهم عمر، فإنه أحضر عبد الرحمن بن حاطب وقال له: (والله! لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم حتى إن أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه حل له، لقطعت أيديهم) (مصنف عبد الرزاق)، فهذا يبين أن عمر رأى أن هؤلاء في حالة إضرار تدرأ عنهم الحد، وأن عقوبتهم القطع لو كانوا غير مضطرين، وقد عاقب عمر حاطباً على ذلك وأضعف عليه الغرم.

 

وأشار علي جمعة إلى أنه حدث في عهد عمر عام المجاعة عندما قحط الناس، وتعرضوا للهلاك بسبب الجدب، أصبح كثير ممن يسرق إنما يسرق لاضطراره إلى ذلك ليدفع عن نفسه الهلاك، وهذه حالة تدرأ عن صاحبها الحد، ونظرًا لأن الأمر كان منتشرًا واختلط من يسرق للضرورة ومن يسرق لغير ذلك ولم يمكن تمييزهما من بعض، فصار ذلك شبهة درأ بها عمر الحد في عام المجاعة، فلله دره! ما أفقهه وما أعلمه، ولما زالت المجاعة زالت الشبهة فكان من يسرق يقام عليه الحد، فليس في هذا أيضا تغيير للحكم الشرعي، لأن ما فعله عمر في عام المجاعة كان هو الواجب في مثل تلك الحالة.