الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بِغَيْرِ حِسَابٍ

يرى البعض أن قوله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر 10، يعني أن دخول الجنة لبعض الناس سيكون بغير حساب، وليس من العدل أن يتم حساب البعض فيدخلون الجنة أو النار، بينما البعض الأخر يدخلون الجنة بغير حساب.
وهذا المعنى غير صحيح لأنه ضد منطق العدل المطلق الذي قرره تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) الأنبياء 47. 
ولذلك فإن قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر 10، لا يرتبط بدخول الجنة، وإنما هو مرتبط بالرزق في الدنيا.
والرزق توجد منه أنواع أهمها الذي تعتمد عليه حياة أي كائن حي من الغذاء: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) هود 6، ويتساوى في هذا الرزق أصغر كائن حي مثل الأميبا، مع الإنسان وباقي المخلوقات.
ومن الرزق ما يتم التفضيل فيه بين الناس: (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) النحل 71، ويشمل الأموال والمجوهرات والبيوت والمزارع والمصانع، وهو الذي يتنافس من أجله الناس، هذا الرزق هو مجرد أرقام يستطيع الإنسان الحياة بدونها، لأنه سيموت ويتركها لغيره. 
وقيمة الرزق تختلف في مدى أهميته في بقاء الإنسان حياً، فالهواء لا يمكن الاستغناء عنه ولا لدقائق، ثم الماء الذى يمكن الاستغناء عنه لساعات، ثم الطعام الذى يمكن الاستغناء عنه لفترة من اليوم. 
أما عن رزق الآخرة في الجنة: (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) غافر 40، أنه رزق لا ينتهى وأنه بدون حد أقصى.
ولذلك يوجد نوعين من الرزق بغير حساب وبدون حد أقصى، الأول في الدنيا: (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر 10، والثاني في الجنة: (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ) ص 53، فالمتقون الصابرون يرزقهم تعالى من حيث لا يحتسبون، ولهم في الحياة الدنيا مكافأة ليتمتعوا فيها بالرزق والسعادة والرضى بغير حساب وبدون حد أقصى، ثم في الآخرة يدخلون الجنة ويتمتعون برزق بدون حد أقصى وبغير حساب. 
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط