الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المقريزى «الجميل».. روايات «الديسك الشاطر».. والتلميذة الموهوبة!

- إيه رأيك فى كتاب جديد؟
- نقراه ونتناقش فيه سوا؟
- لأ .. نكتبه سوا.
- والله فكرة .. عن إيه؟!
- قصدك .. عن مين؟
- مين؟!
- “……”!
(ولمعت عيناه وعيناها .. مجرد ذكر اسمه استفز ملكات “ابن” الأخبار محمد الشماع، وخيال بنت “الأهرام”هاجر صلاح ليكوِّنا معا ثنائيا مدهشا فى صياغة الأفكار وسرد الذكريات عن ناظر “مدرسة المشاغبين” الصحفية .. صلاح عيسى .. أو “عم صلاح” وفقا للقبه الشهير الذى تسلل به إلى العقول قبل القلوب .. وتخيلت هذا الحوار بين “الديسك الشاطر” و“التلميذة الموهوبة” قبل الاتفاق على الإبحار معا فى “حكايات من دفتر” اليسارى المثقف، لندخل بصحبتهما إلى قصر “المقريزى الجميل” المكون من ٦ غرف تحوى جدرانها أسرار نبوغ وصمود “عم صلاح” أمام تيارات المهنة .. وأنواء الثقافة .. وضغوط الحياة .. وفى كل غرفة نعيش تفاصيل أركانها ونحن على وشك المغادرة، نتشوق إلى الغرفة المجاورة لمعرفة المزيد عن تاريخ ومشوار صحفى احترم قلمه فاحترمه قارئه وخشى منه “مدمن السلطة”!.
بتنظيم مذهل للمعلومات والمواقف مطعما بأسلوب الراوى الرشيق، صنع “الشماع” و”هاجر” خطوطا درامية لسياسة “صلاح عيسى” على مقعد المسئولية سواء رئيسا للتحرير أو كاتبا معارضا كبيرا .. وشاهدنا صورا نابضة بالمبادئ وأصول الصحافة المحترفة بطلها رجل يؤمن برسالة الورقة والقلم ودور التحقيقات النارية فى تغيير الأوضاع والثورة على الأخطاء وتصحيح المسار سياسيا واجتماعيا وتاريخيا .. واكتشفنا من التلميذين “أباً” يحنو على أبنائه ويساندهم من أجل مستقبل أفضل ولايتردد من خلف نظارته العريضة وبين شفتيه زوجته الأولى “السيجارة” فى النصيحة والتوجيه والتعليم المستمر بدون مقابل أو انتظارا للشكر والعرفان!.
كنا ضيوفا على غرفة “مؤسسة الزواج” مع رفيقة الكفاح والصبر أمينة النقاش وكيف تدرجت المعاشرة بين الجاذبية والاعتياد وبلغت قمة نضجها مع مرحلة التفاهم والاهتمامات المشتركة حتى لحظة الوداع .. ثم جذبنا “الشماع” و “هاجر” بسحر الكلمة الممتزجة بروح الأدب ورومانسية الحالة إلى قصص الزنزانة وضريبة المعارضة من خلف القضبان والمساحة الضيقة التى كلما تضاءلت اتسعت أمامها رقعة الصلابة النفسية والإصرار على الموقف والإيمان بالمبدأ .. فاختلف “عم صلاح” مع كل الرؤساء وقرأ شخصياتهم بموضوعية وحكمة “هيرودوت” الصحافة السياسية .. ومن حزب “الجنينة” فى قلعة نقابة الصحفيين سطع نجمه وضاعف رصيده فى بنك “المقالات المحظورة” بأدوار نقابية لخدمة المهنة ومقاومة أى مشروعات قانونية لترويضها وتحويلها من “صاحبة جلالة” إلى “آنسة مهذبة”!.
زاوية “الإهبارية” المنتقدة لمنطق الصحف القومية .. منشورات ذكية داخل الكتب احتجاجا على الجناح الصهيونى فى معرض الكتاب .. إنتاج أدبى وروائى يتناول باختلاف وشجاعة قصصا إنسانية من قلب التاريخ .. شهادات لأصدقاء ورفاق رائحة “الجريدة الحزبية” عن متمرد تتغير نظرته للقضايا والأشخاص وتتبدل أحكامه بمقاييس التحليل النقدى لا الانفعالى أو الشعارات الملتهبة .. آخر مقال له قبل الرحيل، وحوار الوداع الذى قرأه داخل قبره بعد أن ترك لأشباله الساحة وأوصاهم بأجيال جديدة تتقن فن المشاغبة الصحفية المعجونة بماء الثقافة والوعى السياسى والنضج الاجتماعى والإنسانى .. كلها أنغام عزفتها أوتار “الشماع” وأصابع “هاجر” بمهارة ونعومة إلى أن انتهت رحلتنا مع “عم صلاح” بمغادرة قصره البديع المصنوع من عرق الكتابة وأعصاب مهمومة دائما بقضايا المجتمع ومستقبل الوطن .. وباستثناء ثغرتى المقدمة الطويلة المفتقدة للتكثيف المطلوب، وبانوراما الصور “المبعثرة” التى كانت تحتاج إلى ترتيب زمنى يروى كيفية نمو شجرة “المقريزى” بأوراقها وفروعها المثمرة من الطفولة إلى الرشد والصعود، كانت رحلتنا مع السيد “صلاح عيسى” باعثا للمتعة أولا بكل حواديتها ونوادرها ورسائلها .. والتأمل ثانيا فى أحوال مهنة تراكم فوقها غبار الفكر التقليدى وفلسفة “الوظيفة” وافتقرت مؤخرا للذهن المتحرر من الشراء الذى لايعرف “بيع القضية” .. وهمسة “الشماع” وهاجر” دعوة نبيلة لبناء قصور أخرى يوما ما عن مئات من “المقريزى الجميل”!.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط