الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

10 مداخل للعلم تدفع الطالب إلى التشوف لدراسته وتحصيله.. علي جمعة يوضح

صدى البلد

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، متابعا حديثه عن قيام حضارة المسلمين على العلم، ووضع المسلمين الأوائل علوماً تخدم حضارتهم، إن المبدأ الأول لتوليد العلوم هو: تعريف العلم، وهو المعيار الأول لتحديد إطاره، والمبدأ الثاني هو: موضوعه، والعلوم تتمايز بموضوعاتها، وموضوع العلم هو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية حتى تتكون المسائل في هذا العلم من الموضوع والوصف المناسب له.

 

وأضاف علي جمعة عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، أن المسائل هي الجمل المفيدة التي عرفناها في اللغة العربية في علم النحو وغيره، والتي تتكون إما من مبتدأ وخبر، وإما من فعل وفاعل، وكلاهما واحد في الدلالة على الجملة المفيدة التي يستفيد منها سامعها مراد المتكلم من كلامه، فموضوع علم الطب جسم الإنسان من حيث الصحة والمرض، وعلى ذلك يكون جسم الإنسان مبتدأ وما يعرض عليه من أحوال الصحة والمرض وكيفية العلاج وأسباب ذلك كله هو الخبر الذي يكوِّن الجمل المفيدة في علم الطب، فجسم الإنسان مسند إليه (مبتدأ أو فاعل) فهو موضوع، وما يخبر عنه هذا المسند (خبر أو فعل) وهو محمول أي محمول على ذلك الموضوع، فقولنا جسم الإنسان يمرض بالميكروب ويصح بالدواء جمل مفيدة تكوِّن العلم.

وأشار علي جمعة إلى أن المبدأ الثالث هو : تحديد الواضع لهذا العلم، حيث إنه سينسب إلى أول من ألَّف فيه، ولو ألفت جماعة مرة واحدة فسيحدث نزاع أيهم ألف أوَّلاً، ونرجع إلى حلاوة النقاش العلمي والخلاف الثري الذي كان يحرك العقول ويربي النفوس على قبول الرأي الآخر، ويدرب الطلاب والعلماء على البحث وترتيب الأدلة واستجلاب البراهين وبيان جهة دلالتها، ويخرج العقل المسلم من إسار التقليد والجمود والأزمة الفكرية التي يمر بها إلى نوع آخر من العمق في الفهم والوعي بما يجرى حوله، والقدرة على تهيئة الأجواء لعودة المجتهدين العظام مرة أخرى، قادرين على عرض ما عندهم بالمنطق والبرهان الذي يوافق عليه الجميع حتى لو لم يتخذوه سبيلاً لهم، ولكنهم يحترمون المنهج ويؤكدون على صحته بغضِّ النظر عن النتائج ومشارب البشر.

 

وأوضح علي جمعة أن المبادئ السبعة الباقية فهي نسبته إلى العلوم الأخرى، ومن أي العلوم يستمد، وأحكامه ومسائله، وما فضله وما حكمه وما اسمه، وما الثمرة والفائدة المترتبة عليه؟ فهذه العشرة تعد مدخلاً للعلم تدفع طالب العلم إلى التشوف لدراسته وتحصيله، وهي بنفسها التي يمكن للمفكر إذا أراد أن يبني علماً أن يحددها كبداية لاستقلال العلوم أو إبداعها، والحقيقة أن العلم لا يولد كاملاً حتى علم العروض الذي ضبط به الخليل بن أحمد الفراهيدي الشعر العربي لم يولد كاملاً بالرغم من أنه كان شبه كامل، إلا أننا رأينا الأخفش يضيف إليه بحر المتدارك، ورأينا علماء هذا الفن ينشئون أوزاناً أخرى، صحيح أنه لم يتكلم بها العرب، ولم ينقل من شعرهم شيء على أوزانها إلا أنها زادت في العلم، ووسعت من مفهوم الشعر كما أورده الدمنهوري في كتابه: «الكافي في العروض والقوافي»، حتى ابتدع محمود سامي البارودي بعض الأوزان التي لم تكن من قبل فقال:

املأ القدح * واعصِ مَنْ نصح

واروِ غُلتي * بابنة الفرح

 

ونوه علي جمعة إلى أن توليد العلوم منهج مناسب للخروج العملي من الأزمة الطاحنة التي تمر بها الأمة، وهو من الأدوات اللازمة لبناء الحضارة الإسلامية وضمان استمرارها لعصور مديدة في المستقبل.