الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. سلامة عمر يكتب: رسالة لكل طالب علم

صدى البلد

فليعلم كل طالب علم أن الناس لا يستمعون لمن يتكبر عليهم ويرى لنفسه فضل، وإنما يستمعون لمن يتواضع لهم ويصغي ويهتم بحديثهم-فمن ظن أنه عالم فقد جهل-ولذلك قال الله لنبيه ﷺ: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (الحجر:٨٨)، فمن كان الكبر مستقرًا في قلبه، فسيرى نفسه خيرًا من غيره، ويرى نفسه أعلى من الناس، وليعلم الجميع أن الشهادة ليست دليلًا على العلم ولا تكفي وحدها، وقد كان العلماء يؤدبون المتكبرين، وربما يطردونهم من الدروس، قال الشاذكوني -رحمه الله-: جاءني فلان -أي من طلاب الحديث- فقعد يتقعر في كلامه في الدرس، يتفاصح، ويستعرض فقلت له: من أي بلد أنت؟ قال من أهل الري، ألم يأتك خبري؟ ألم تسمع بنبأي؟ أنا ذو الرحلتين قلت: من روى عن النبي ﷺ: إن من الشعر حكمة قال: حدثني بعض أصحابنا قلت: من؟ قال: فلان وفلان، قلت: يا غلام ائتني بالدرة، فأتاني بها، فضربه بها خمسين، وقلتُ: أنت تخرج من عندي ما آمن أن تقول: حدثني بعض غلماننا" فلو اطلع كل طالب على حياة صحابة رسول الله ﷺ أو علمائنا القدامى لرأى أن تواضعهم سبب رفعتهم، .
فمن أمثلة تواضع العلماء:
قال ابن مسعود رضي الله عنه: (إنَّ الذي يُفْتِي النّاس في كُلِّ ما يَسْتَفتونه لمجنونٌ، وقال: جُنَّة العالم «لا أدري» فإن أخطأها فقد أُصِيْبَتْ مَقَاتِلُهُ)، فقد كان الصحابة يتدافعون أربعةَ أشياء: الإمامةَ، والوصيةَ، والوديعةَ، والفُتْيَا، وقال ابن المديني: كان ابن عيينة إذا سئل عن شيء قال: لا أحسن فنقول: من نسأل فيقول سل العلماء، وسَلِ الله التوفيق، وسئل الشعبي مرة عن مسألة فقال: (لا عِلْمَ لي بها)، فقيل له: ألا تستحي، فقال: (ولم أستحي مما لم تستحِ الملائكة منه حين قالت: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتَنَا﴾) (البقرة: ٣٢).
وقد يكون الكـبر سببًا أن يحمل بعض الناس على ازدراء سنة الرسول ﷺ، ويكفي في عقوبة الكبر أن يصرف الله المتكبر عن رؤية الحق، ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً﴾ (الأعراف:١٤٦) هذا نتيجة الكبر. 
نصيحتي لكم أن ترجعوا إلى أمهات الكتب من أمثال كتاب: (الإصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر العسقلاني) وكتاب: (سير أعلام النبلاء، لشمس الدين الذهبي) وكتاب: (صفة الصفوة، لابن الجوزي) وكتب الحديث كالصحيحين، والتراجم ففيها حياة الصالحين المخلصين.