الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل تسمعون مات أهلي.. كيف توقف الزمن بلبنان عند عتبة مرفأ بيروت؟

مرفأ بيروت
مرفأ بيروت

“في ظلام الليل أناديكم هل تسمعون، مات أهلي وغمرت تلال بلادي الدموع و الدماء”، هكذا غردت جارة القمر "فيروز" في ذكرى انفجار مرفأ بيروت، تلك الحادث الذي لم تعد فيه بيروت منه حتى الآن.

عام مضى دون إجابات، حيث فشل التحقيق في انفجار الميناء الذي وقع في 4 أغسطس من العام الماضي 2020، حتى الآن في تقديم إجابات لمن كان مسؤولاً عن أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ.

أدى الانفجار الذي تعرض له مرفأ بيروت إلى مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة حوالي 7000 وتدمير بعض المناطق السكنية والتجارية الأكثر حيوية في العاصمة اللبنانية بيروت.

وتقول السلطات اللبنانية إن الانفجار وقع عندما أشتعل حريق في أحد المستودعات بمرفأ بيروت حيث يتواجد به نترات الأمونيوم، وهي مادة متفجرة كانت مخزنة في الموقع لأكثر من ست سنوات.

ليتساءل الكثير من اللبنانيين عن سبب السماح لمثل هذه المواد المتفجرة بالبقاء لفترة طويلة بالقرب من وسط المدينة المكتظ بالسكان. كما يريدون أن يعرفوا كيف ولماذا وقع الحريق والانفجار الناجم عنه، وأن يعرفوا المسئولين عن ذلك أمام العدالة، وفق ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

يتهم النشطاء الطبقة الحاكمة بعرقلة التحقيق، الأمر الذي أدى إلى اعتقال أكثر من عشرين شخصا، لكن ليس لأي وزير أو مسؤول رفيع المستوى، وكثير منهم يتمتعون بحصانة رفض البرلمان رفعها.

ودعت "مدى"، وهي جماعة سياسية، من الناس التجمع في أحد الأحياء التي دمرها الانفجار. وقالت الجماعة في تدوينة على انستجرام: "العدالة للضحايا، انتقام من النظام".

فيما حث بول ناجير، الذي قتلت ابنته البالغة من العمر 3 سنوات في الانفجار، الناس على الخروج والاحتجاج ضد المؤسسة السياسية. قال: "لقد عانينا جميعًا". "هذا يوم تضامن.".

ماذا حدث يوم 4 أغسطس 2020

تسبب انفجار هائل في مستودع بميناء بيروت في موجة اهتزازية عبر شرق ووسط بيروت حوالي الساعة السادسة مساء بالتوقيت المحلي في 4 أغسطس من العام الماضي 2020.

وأظهرت مقاطع فيديو للانفجار نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تصاعد الدخان من المستودع الواقع على الواجهة البحرية قبل أن ينتج انفجار هائل سحابة على شكل قبة اجتاحت أجزاء كبيرة من وسط بيروت. وتسببت قوة الانفجار في إلحاق أضرار جسيمة بالأحياء المجاورة والمباني المجاورة. ولحقت أضرار بمنازل عشرات الآلاف من الناس من جراء الانفجار.

وتقول السلطات اللبنانية إن الانفجار وقع عندما أدى حريق في مستودع، هنجر 12، على الواجهة البحرية لمدينة بيروت إلى اشتعال النيران في مخبأ ممتلئ بنترات الأمونيوم، وهي مادة متفجرة كانت مخزنة في الموقع لأكثر من ست سنوات.

من المسئول

اتهم قاض يقود تحقيقا في الانفجار رئيس الوزراء المؤقت حسان دياب وثلاثة وزراء سابقين بالإهمال فيما يتعلق بالانفجار. فيما نفى دياب ارتكاب أي مخالفة.

وعزل القاضي فادي صوان في فبراير الماضي بعد شكاوى من وزراء سابقين. فيما يسعى المحقق الرئيسي الجديد، القاضي طارق بيطار، إلى استجواب دياب إلى جانب مسؤولين سابقين ومشرعين ومسؤولين أمنيين.

وقد طلب من البرلمان رفع الحصانة التي يتمتع بها هؤلاء المسؤولون، كما يقتضي القانون قبل أن يتمكن من الاستماع إلى شهادتهم. لكن طلباته لم تتم الموافقة عليها بعد.

وتقول السلطات اللبنانية إن المتفجرات دخلت ميناء بيروت في الأصل على متن سفينة متجهة إلى موزمبيق في عام 2013. وقالت شركة Shiparrested.com، وهي نشرة إخبارية لقطاع الشحن، في عام 2015 إن السفينة، التي كانت تحمل 2750 طنًا من نترات الأمونيوم، أُجبرت على الرسو في عام 2013 في بيروت بسبب مشاكل فنية.

وترك أصحاب السفنية هناك. وبحسب النشرة، نقلت السلطات اللبنانية المتفجرات إلى مستودع في الميناء وكان من المفترض التخلص منها بأمان، لكنها لم تفعل.

وبعد الانفجار، قال الجيش اللبناني في 3 سبتمبر الماضي إنه عثر على أكثر من أربعة أطنان من نترات الأمونيوم بالقرب من ميناء بيروت.

وقال مسؤول بالجيش إن فريقا هندسيا اكتشف المادة الكيماوية أثناء تفتيشه لمستودع طلبته الجمارك في الميناء. ولم يتضح على الفور ما إذا كانت المادة الكيميائية من نفس المخزون الذي انفجر، لكنها كانت بمثابة تذكير بالثغرات الأمنية التي أدت إلى انفجار 4 أغسطس.

وأيد قادة لبنانيون تحقيقًا ركز على صغار المسؤولين العاملين في الميناء، لكن السكان يقولون إنهم يريدون محاسبة القادة الوطنيين على سنوات من سوء الإدارة والفساد.

وذكرت وسائل الاعلام الحكومية أن اكثر من عشرين شخصا اعتقلوا لصلتهم بالانفجار حتى 22 اكتوبر. ولم يتم اتهام أي وزير حتى الآن.

وقد أجبرت الاحتجاجات المتصاعدة دياب وحكومته على الاستقالة بعد أسبوع من الانفجار. ولا يزال رئيس وزراء تصريف الأعمال بصلاحيات محدودة كمرشحين بعد أن فشل في تشكيل الحكومة.

وفي 26 يوليو الماضي، رشحت الفصائل السياسية اللبنانية رجل الأعمال الملياردير ورئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة المقبلة في البلاد في محاولة لكسر الجمود المستمر منذ أشهر. وأثارت هذه الخطوة غضب العديد من اللبنانيين الذين سعوا إلى إصلاح شامل للنظام السياسي الذي يلقون باللوم فيه على انفجار بيروت المميت.

وضع الاقتصاد

تدهور الاقتصاد اللبناني الهش بالفعل بشكل حاد في العام الماضي. حيث تراجعت قيمة العملة "الليرة" في الأشهر الأخيرة، وأغرق نظام الطاقة المرهق العاصمة بيروت في الظلام لساعات.

وأدت الأزمة إلى تقنين وندرة الأدوية والسلع الأخرى، حيث تفتقر الحكومة إلى الأموال اللازمة لدفع ثمن الواردات. كما أعاقت الأزمة القطاع الطبي في البلاد أثناء تعاملها مع جائحة كورونا.

ويقول البنك الدولي إن الأزمة الاقتصادية في لبنان، التي دفعت ملايين البشر إلى الفقر، ربما تكون واحدة من أسوأ ثلاث أزمات شهدها العالم خلال الـ 150 عامًا الماضية.

في غضون ذلك، يرفض المجتمع الدولي صرف المساعدات ما لم تشكل الطبقة السياسية اللبنانية حكومة وتتصدى للفساد في القطاع العام.

لم تسفر مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي زار لبنان مرتين منذ الانفجار، للإسراع في تشكيل الحكومة عن نتائج.

فيما رأت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الانفجار ومع ذلك كان مجرد علامة ترقيم في نهاية أزمات متعددة بالشارع اللبناني، من اقتصاد يتضاءل بسرعة، وآفة البطالة، وثقافة فساد على مدى أجيال بين النخبة السياسية، ونوبات اضطراب مدنية محطمة للأرقام القياسية.

واعتبرت المجلة الأمريكية أن البلد الذي يواجه خيبة أمل سياسية واقتصادية سرعان ما تحول إلى بلد يعاني من الكرب. والآن بعد أن تنحى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، فإلى أين تتجه لبنان؟

وقالت "فورين بوليسي" إن الانفجار أدى إلى زيادة أعداد اللاجئين في البلاد، وهي من أعلى المعدلات في العالم، واتجاه لبنان إلى مزيد من الفقر المدقع.

بالإضافة إلى ذلك، كان ميناء العاصمة اللبنانية بيروت أحد المحاور اللوجستية الرئيسية التي أرسلت من خلالها الأمم المتحدة ومنظمات أخرى إمدادات إلى أكثر من 11 مليون شخص يعتمدون على المساعدات في سوريا.

وقد أدى تدميرها إلى إحباط نقل المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها، سواء داخل حدود مدينة بيروت أو خارجها. ومع تقدم الأشهر، عانى لبنان من زيادة بنسبة 220٪ في حالات الإصابة بفيروس كورونا. وكانت المستشفيات بكامل طاقتها، وكانت 111 قرية وبلدة في أنحاء البلاد مغلقة.

ومع تنحي الحكومة، تدفقت المساعدة التطوعية على لبنان لتوفير الفرز الطبي.