الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: القرآن نص يتعلق فهمه بإدراك اللغة وله معنى أصلي ومعنى تابع

القرآن الكريم
القرآن الكريم

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق إن القرآن الكريم قد نزل بلغة العرب، ومادام هو نص يتعلق فهمه بإدراك اللغة، فدائما يكون له معنى أصلي، ويكون له معنى تابع، أما المعنى الأصلي فهو ذلك المعنى الذي يمكن أن يترجم من لغة إلى لغة أخرى، والذي يستفاد من دلالة الألفاظ في صورتها المعجمية، ومن تراكيب السياق، وما يتبادر منها إلى ذهن أهل تلك اللغة، مع مراعاة التطور الدلالي للألفاظ.

وأضاف علي جمعة أن المعنى الأصلي تعدده محصور، أما المعنى التابع فهو أكثر تعددًا وأكثر احتياجًا إلى الضوابط التي لا تجعله يميل إلى الرمزية، أو يوغل في الإغراب، ومن شروطه المهمة ألا يكر على المعنى الأصلي بالبطلان، بل يضيف إليه معنى جديدًا ينضم إليه ولا يلغيه، وقد يكون هذا هو الفارق المهم بين التصوف السني، الذي فهم معاني كثيرة من النصوص الشرعية، خاصة القرآن الكريم، ضمها إلى المعنى الأصلي الذي تمسك به، وبين الباطنية التي جعلت ذلك المعنى التابع قاضيا على المعنى الأصلي، بحيث صار هو الأصل، والمعنى الأصلي هو الحجاب للفهم، ولقد ألف الإمام الغزالي كتابه (فضائح الباطنية) من أجل الكشف عن هذا المعنى، والرد عليهم، وبيان فساد مذهبهم، لأن مزية القرآن أنه جاء خطابا للعالمين، فلا يمكن قبول نظرية التفسير الرمزي أو الباطني الذي يجعله مفهومًا عند بعض الناس، وغير مفهوم عند أكثرهم.

 

وأشار علي جمعة إلى أن اللغة قد اشتملت على ما سماه علماؤها فيما بعد «الحقيقة والمجاز»، أما الحقيقة فهو أن نستعمل اللفظ في معناه الذي وضعه واضع اللغة ابتداء، وواضع اللغة عند جماهير علماء المسلمين هو الله سبحانه وتعالى، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا) [البقرة:٣١]، والأسماء هنا هي ألفاظ وضعت بإزاء معان أو ذوات وأعيان معينة، وهذا هو حقيقة الوضع اللغوي، هو جعل اللفظ بإزاء المعنى، أما المجاز فهو استعمال ذلك اللفظ في معنى لم يوضع له، وتدل على ذلك المعنى قرينة، ولابد من وجود علاقة بين اللفظ وهذا المعنى.

ونوه علي جمعة أن علماء اللغة والبيان والشريعة عدوا هذه العلاقات التي يمكن أن تكون بين اللفظ ومعانيه الأخرى سوى معناه الحقيقي، فوجدوها أكثر من خمس وعشرين علاقة، منها: دلالة اللفظ على جزء معناه، أو دلالته على معنى أعم، أو دلالته على المحل أو على الحال، أو باعتبار ما سيكون، أو باعتبار ما كان، إلى آخر هذه العلاقات التي اهتم بها علماء البلاغة، واهتم بها أيضا علماء أصول الفقه، من أجل فهم صحيح، مؤسس على منهج علمي رصين للنص الشرعي، سواء أكان كتابًا أم سنة.

 

وأوضح عاي جمعة أنه لضبط التعامل مع المجاز في فهم كلام الله سبحانه وتعالى، أطلق علماء الإسلام قاعدة مهمة وهي (أن المجاز خلاف الأصل)، فالأصل في الكلام هو الحقيقة، ومعنى هذا أن أغلب الكلام إنما يكون على الحقيقة، وأن السامع يحمل الكلام المسموع ابتداء على الحقيقة، فالحقيقة هي التي تتبادر بالذهن أولا، ووضع علماء الأصول، في هذا المقام، قاعدة جليلة تشتمل على وظيفة اللغة من ناحية، وعلى ما مَنَّ الله علينا به من فائدة الكلام، وقالوا: الاستعمال من صفة المتكلم، والحمل من صفة السامع، والوضع قبلهما.