الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطبتا الحرمين .. تحذران من التفريط في أمر الله والانخداع بالحياة الدنيا فهي كأحلام النوم.. وتوصيان بالإكثار من التسبيح والذكر .. ولتكن شفيقا على نفسك خائفا من عذاب ربك واستدرك الفوائت

خطبتا الحرمين
خطبتا الحرمين

خطيب المسجد الحرام:

  • التسبيح عبادة جليلة يحيي الله به القلوب ويضاعف به الأجور
  • ذكر الله جل جلاله قرين المؤمن في حياته 
  • يرقى الحال بالذاكرين إلى أن يباهي بهم ربهم ملائكته

خطيب المسجد النبوي:

  •  الحياة الدنيا متاع وأطماع وزخرف متروك لا يغتر به إلا الحمقى
  • اللبيب لا ينخدع بالدنيا فهي كأحلام النوم أو كظل زائل فتمر مرّ السحاب
  • كن شفيقًا على نفسك خائفًا من عذابِ ربك واستدرك الفوائت
  • الغافل يغادر دنياه وَقَدْ نعاه الناعون وهو يمنع الماعون

تناولت خطبتا الحرمين المكي والنبوي، أهمية ذكر الله باعتباره أكبر من كل العبادات والطاعات، حيث يرقى الحال بالذاكرين إلى أن يباهي بهم ربهم ملائكته، كما أن التسبيح من أعظم الذكر الذي يحبه الله تعالى، وأن التسبيح له فضائل كثيرة، مشددين على ضرورة المبادرة بالتوبة والأعمال الصالحة دون الاغترار بالحياة الدنيا مهما طال الأمد، لأن الدنيا أطماع ومتاع وزخرف متروك لا ينخدع به إلا الحمقى والجهلاء.

ومن مكة المكرمة، قال الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن ذكر الله جل جلاله قرين المؤمن في حياته، في صباحه ومسائه، ونومه ويقظته، وسفره وإيابه، وطعامه وشرابه.

وأوضح «المعقيلي» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن الذاكر الصادق، هو الذي يعمل في طاعة ربه ، فيذكر الله على كل أحيانه وشؤونه ، مستشهدًا بقوله تعالى « الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا مَا خَلَقْتَ هَذَا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ».

لا شيء أعظم من الله

وأكد أنه لا شيء أعظم من الله سبحانه وتعالى، ولا ذكر أفضل من ذكره جل جلاله، ولذا كان ذكره أكبر من كل شيء، ومثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه، مثل الحي والميت، بل يرقى الحال بالذاكرين، إلى أن يباهي بهم ربهم ملائكته، منوهًا بأن التسبيح من أعظم الذكر.

وأضاف أنه قد ورد التسبيح في القرآن الكريم، أكثر من ثمانين مرة، وافتتح سبحانه به سبع سور من كتابه، وأثبت لنفسه الأسماء الحسنى والصفات العلى، وقرن ذلك بالتسبيح له، فقال تعالى: « هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ » .

وتابع: فالتسبيح متضمن لتنزيه الرب، عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله، فالله جل جلاله وتقدست أسماؤه، متصف بالكمال في ذاته وأسمائه وصفاته، متنزه عن العيوب والنقائص، وما لا يليق بجلاله، فهو سبحانه سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، يحب أن يسبحه عباده، فالملائكة مع ما وكل إليهم من الأعمال العظيمة الجليلة.

واستشهد بما قال تعالى : « يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ »، وهم بتسبيحهم لربهم، يشرفون ويفخرون « وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ »، وفي صحيح مسلم: إذا قضى الله أمرا سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا »، أي: تنزيها له سبحانه، وتعظيما لأمره، وخضوعا وقبولا وطاعة له جل جلاله.

فضل التسبيح عند الشدائد

وأشار إلى أن رسل الله تعالى وأنبياؤه، فالتسبيح ذكرهم، وهو عند الشدائد مفزعهم، فنبي الله موسى عليه السلام، يدعو ربه بأن يجعل معه أخاه هارون وزيرا ؛ ليعينه على التسبيح كثيرا، فقال « وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا » .

وواصل: ونبينا – صلى الله عليه وسلم – ، حياته كلها تسبيح، فإذا قرأ القرآن، ومر بآية فيها تنزيه للرحمن سبح، وإذا قام من الليل، أطال التسبيح في ركوعه وسجوده، وإذا ركب دابته قال « سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا »، وإذا نزل واديا سبح، وإذا رأى الأمر الذي يتعجب منه سبح، وإذا أوى إلى فراشه سبح ثلاثا وثلاثين، وحين اشتد أذى المشركين له، فأحاط به الهم، وضاق به الصدر، أمره ربه بكثرة التسبيح له، لينشرح صدره، ويذهب عنه همه وغمه.

ودلل بما قال تعالى: « وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ » ، فبالتسبيح يطمئن قلبك، وتقر عينك، وينشرح صدرك، ويعطيك ربك من الثواب العاجل والآجل حتى ترضى.

عبادة تمحو الخطايا

ونبه إلى أن التسبيح عبادة جليلة، وطاعة عظيمة، يحيي الله به القلوب، ويضاعف به الأجور، ويمحو الله به الخطايا، ويغفر الذنوب والرزايا، وهو زاد الآخرة، وغراس الجنة، وأفضل الكلام، وأحبه إلى الرحمن، وبه يثقل الميزان، والتسبيح يشفع لصاحبه عند ربه، ويذكر به إذا وقعت له شدة، ففي مسند الإمام أحمد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الذي تذكرون من جلال الله، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، تتعطف حول العرش، لهن دوي، كدوي النحل، يذكرن بصاحبهن، أفلا يحب أحدكم أن لا يزال له عند الله شيء يذكر به؟ »، ونبي الله يونس عليه السلام، كان في ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، « فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ »، فنجاه الله تعالى وقال « لَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ».

ومن المدينة المنورة، قال الشيخ صلاح البدير، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن الحياة الدنيا متاع وأطماع وزخرف متروك لا يغتر به إلا الحمقى، مشيرًا إلى أن  اللبيب لا ينخدع بالدنيا فهي كأحلام النوم .

 الدنيا كأحلام النوم 

وأوضح «البدير » خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أنه قال جلّ وعزّ في الكافرين « غَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ » كما قال تعالى « بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأْبقَى »، منوهًا بأن اللبيب لا ينخدع بالدنيا فهي كأحلام النوم أو كظل زائل فتمر مرّ السحاب و أن ما فيها ينقضي ويفنى وإن جمَّ عدَدُه وطالَ أمده.

وأضاف أن العاقل ذو الحزم من تأهب قبلَ نفوذ الأجل وتزود قبل بغتة الموت وبادر قبلَ فجأة الفوات وأن الجاهل المغرور نسي حمامه، وضيع أيامه وغفل عن تدبر العواقب و ألهاه التَّبارِي في الكَثْرَةِ والتَّباهِي . جهولٌ ليس تنهاهُ النَّواهي.. ولا تلقاهُ إلاَّ وهو ساهِ يُسرُّ بيومِهِ لعبًا ولهوًا.. ولا يدري وفي غده الدواهي .

الغافل يغادر دنياه

وتابع :” إن المنايا توشك تسبق الوصايا، وأن الغافل يغادر دنياه وَقَدْ نعاه الناعون وهو يمنع الماعون ويحلّ الموت بناديه وداعيه يناديه وما أدّى حقًا ولا نشر عِلْمًا ولا أجْرى نَهْرًا ولا َحفَرَ بِئْرًا ولا غَرَسَ نَخْلًا ولاَ بنى مَسْجِدًا ولا وَّرث مصحفًا ولا أوقف وقفًا وذلك طيش الرأي وقصور التدبير فيامن بخل على نفسه “.

الإكثار من العمل الصالح

وأوصى المسلمين بتقديم العمل الصالح من مال وغيره ما ينفعهم عند المآل ، فعن عبدالله بن الشخير – رضي الله عنه – قالَ : أتَيْتُ النّبيّ – صلى الله عليه وسلم – وهو يقرَأُ « أَلْهَاكُمُ التّكَاثُرُ » قال: «يقولُ ابنُ آدَمَ: مالي مالي، وهل لك مِن مالِك إلّا ما أكَلْتَ فأفنَيْتَ أو لبِسْتَ فأبلَيْتَ أو تصدّقْتَ فأمضَيْتَ».

وشدد على عدم التفريط في أمر المولى عز وجل والمبادرة بالتوبة ، قائلاً :” كن شفيقًا على نفسك خائفًا من عذابِ ربك واستدرك الفوائت وترفع عن الدنايا وصن النفس عن الخطايا وتعفف عن الحرام واقنع بالحلال وردّ الحقوق وأدّ الديون واندم على ما فات وأقلع قبل الفوات وأقبل قبل الممات وأقدم على مولاك وتقرب إلى من أوجدك وسواك واعتذر من ذنوبك وخطاياك والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ” .