الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مطلوب حلول عاجلة.. أبرز الأزمات على طاولة الحكومة اللبنانية الجديدة.. الاقتصاد والأمن في حاجة لإنقاذ.. وشكوك في قدرة ميقاتي على المعالجة

نجيب ميقاتي وميشال
نجيب ميقاتي وميشال عون

أنعش تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي الآمال في إمكانية عثور البلد المأزوم على ضوء في نهاية نفق الجمود الطويل المستمر منذ أكثر من عام، تردت خلاله مستويات معيشة اللبنانيين إلى حد شح المواد الضرورية للبقاء على قيد الحياة.

وفقًا لتقرير إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، تفاقم الانهيار المالي في لبنان بصورة سريعة الشهر الماضي مع إصابة معظم البلاد بالشلل بسبب نقص الوقود الذي تسبب في وقوع حوادث أمنية في جميع أنحاء لبنان. وأدى التدهور السريع في لبنان، الذي تفاقم بسبب الجمود السياسي، إلى إثارة قلق الغرب. ودق بعض كبار المسؤولين اللبنانيين ناقوس الخطر بشأن بلد قضى 30 عاماً يتعافى ببطء من الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 حتى عام 1990.

الانهيار الاقتصادي

سقط نحو 78 في المئة من اللبنانيين في براثن الفقر على مدى عامين. ويقول البنك الدولي إنها إحدى أشد حالات الكساد في العصر الحديث. وتخلف لبنان في بدايات الأزمة عن سداد الدين العام الضخم بما في ذلك 31 مليار دولار من سندات اليوروبوند التي لا تزال مستحقة للدائنين.

وانخفضت قيمة العملة أكثر من 90 في المئة مما أدى إلى تدمير القوة الشرائية في بلد يعتمد على الواردات. وأصيب النظام المصرفي بالشلل. ومع منع المودعين من سحب مدخراتهم بالعملات الأجنبية أو إجبارهم على سحب النقود بالعملة المحلية المنهارة فإن هذا يعد حالياً بمثابة هبوط فعلي في قيمة الودائع بنسبة 80 في المئة.

وذكر برنامج الغذاء العالمي أن أسعار المواد الغذائية قفزت 557 في المئة منذ أكتوبر 2019، كما انكمش الاقتصاد بنسبة 30 في المئة منذ 2017. وأدى نقص الوقود إلى إصابة الحياة العادية بالشلل مما أثر على الخدمات الأساسية بما في ذلك المستشفيات والمخابز. ونفذت أيضاً الأدوية الحيوية. وغادر كثيرون من اللبنانيين أصحاب الكفاءات البلاد في هجرة مستمرة للمهارات.

 

تراجع الأمن

أدى نقص الوقود إلى وقوع مواجهات في محطات البنزين حيث يضطر سائقو السيارات إلى الانتظار لساعات، وكادت تحدث مواجهات بالأسلحة خلال مشاجرات على الوقود. وخُطفت شاحنات لنقل الوقود. وتحول أحد الخلافات على البنزين في جنوب لبنان إلى مواجهة طائفية بين قرى شيعية ومسيحية متجاورة.

 

ويشجع تراجع مكانة الدولة على الخروج على القانون في مناطق من لبنان. واستخدمت البنادق الآلية الثقيلة والقذائف الصاروخية في معركة وقعت في الآونة الأخيرة بين عشائر سنية متناحرة في شمال لبنان. ويزيد كل هذا من الضغط على قوات الأمن. وحذرت قيادات أمنية من تأثير الأزمة على مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش مع انخفاض قيمة رواتب الجنود ومع تراجع الليرة. وحث اللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن اللبناني ضباطه على الوقوف بحزم في مواجهة الأزمة، محذراً من الفوضى التي ستنجم عن انهيار الدولة.

 

المشهد السياسي

وصفة إصلاح الوضع معروفة. فقد وعد المانحون مراراً بتقديم أموال إذا بدأ لبنان في إصلاحات لمعالجة الأسباب الجذرية للانهيار، بما في ذلك اتخاذ خطوات لمكافحة الفساد في الحكومة. لكن بدلاً من القيام بما هو ضروري، ظل الساسة الطائفيين في لبنان، الذين حارب كثيرون منهم في الحرب الأهلية، على خلاف بشأن المقاعد في الحكومة الجديدة لأكثر من عام قبل الانفراجة التي حدثت يوم الجمعة.

 

واتهم خصوم الرئيس ميشال عون، الأخير والتيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه بعرقلة العملية من خلال المطالبة بأن يكون له حق النقض بشكل فعال في الحكومة الجديدة. ونفى عون مراراً تقديم هذا الطلب. وكان للخلاف أبعاد طائفية مع اتهام ساسة سنة، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، عون بمحاولة تقويض منصب رئيس الوزراء المخصص للسنة. وعون حليف لحزب الله المدعومة من إيران.

 

وأكد ميقاتي يوم الجمعة للبنانيين أن مجلس الوزراء سينحي الخلافات السياسية جانبا ويركز على المهمة الملقاة على عاتقه. وتقول مصادر سياسية إن انتخابات الربيع المقبل، التي تعهد ميقاتي يوم الجمعة بأنها ستجرى في موعدها،  تزيد من تعقيد العملية، مع تركيز الأحزاب على الحفاظ على مقاعدها أكثر من تركيزها على إنقاذ لبنان. وأضاف قرار حزب الله باستيراد الوقود من إيران قدراً أكبر من التعقيد على المشهد السياسي. وكان حزب الله قد دعا مراراً لتشكيل حكومة جديدة. ويتهم معارضو حزب الله الجماعة بأنها تقوض الدولة بشكل أكبر، وتعرض لبنان لخطر فرض الولايات المتحدة عقوبات عليه.

 

ولا تزال دول الخليج، التي تقدم أموالا للبنان بشكل تقليدي، مترددة حتى الآن في القيام بذلك، بسبب تنامي نفوذ حزب الله المدعوم من إيران. وقال ميقاتي يوم الجمعة إن لبنان بحاجة إلى العالم العربي وإنه لن يترك أي فرص لفتح الأبواب مع جيرانه العرب.

 

شكوك في قدرة ميقاتي

وبحسب قناة "فرانس 24"، يسود التشكك في لبنان غداة تشكيل حكومة جديدة بعد تأخّر استمر 13 شهرا، فيما يتعيّن على وزرائها تضميد جراح بلد يعاني أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.

 

والمخاوف المشتركة التي جرى التعبير عنها سواء في وسائل الإعلام أو شبكات التواصل وأيضاً على ألسنة بعض الخبراء، محورها مدى قدرة الحكومة الجديدة على إنعاش اقتصاد يعاني من تدهور غير مسبوق، وهامش التحرك الذي تحظى به في مجال الإصلاحات.

 

واتسع نطاق التساؤلات ليشمل طبيعة التغييرات التي يمكن إنجازها على يد فريق حكومي اختار أفراده أقطاب الحياة السياسية الممسكين بمكامن السلطة منذ عقود ويُنظر إلى سياساتهم الزبائنية والشكوك حول فسادهم على أنّها المتسببة بالانهيار الاقتصادي.

 

ومن بين التحديات التي تواجه الحكومة، التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بعدما توقفت المحادثات معه عملياً بداية صيف 2020. وتعتبر الأسرة الدولية أنّ اتفاقا كهذا لا مفرّ منه لتوفير مساعدات حيوية.