قال الكاتب الصجفى عبد الرازق توفيق، رئيس تحرير جريدة الجمهورية، إن «مصر واليونان وقبرص نموذج للشراكة الإقليمية من أجل التعاون والسلام»، موضحا أن مصر واليونان وقبرص.. نموذج للشراكة من أجل السلام والبناء والتنمية.. وتحقيق تطلعات الشعوب.. وقدوة للتعاون الإقليمى.
وأشار «توفيق»، فى مقاله المنشور بجريدة الجمهورية، إلى أن التعاون فى جميع المجالات والقطاعات ورؤى متطابقة فى كافة القضايا والملفات الإقليمية والدولية،منوها بأن لتجسد القمة الثلاثية بالأمس «عبقرية» السياسة الدولية المصرية وأيضا ما حققته الدبلوماسية الرئاسية على مدار 7 سنوات.
وإلى نص المقال:
جاءت القمة المصرية ــ اليونانية ــ القبرصية» حافلة بالرسائل المهمة.. فقد اختارت الدول الثلاث طريق التعاون والشراكة والصداقة لترسيخ الأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة..وتبادل المصالح لتحقيق تطلعات وآمال الشعوب.. وعلى النقيض اختارت دول أخرى طريق التوترات والأطماع والأوهام والتدخل فى شئون الدول وانتهاك سيادتها..
فحصدت أشواكا وتراجعا إلى الوراء وعزلة إقليمية وزيادة معاناة شعوبها.
علاقات مصر باليونان وقبرص نموذج للعلاقات والشراكة الإقليمية التى تحقق أهداف ومكاسب ومصالح الجميع فقد اختارت الدول الثلاث التعاون والشراكة وتبادل المصالح لتضرب المثل للدول التى اختارت مسارات أخرى فقد استفادت القاهرة وأثينا ونيقوسيا من هذه الشراكة الثلاثية التى تتطور كل يوم لتكون رمزاً للتعايش والسلام والأمن والتعاون الإقليمى.
شراكة الدول الثلاث حفظت لمنطقة شرق المتوسط أمنها واستقرارها وجسدت النموذج الأمثل للالتزام بالشرعية والقانون الدولى.. فاختيار الدول الثلاث لطريق التعاون والاتفاق والتوافق مكنها من تجاوز العديد من المشاكل والأزمات خاصة توقيع مصر اتفاقيتين مع قبرص واليونان لترسيم الحدود البحرية بينها طبقاً للقانون الدولى فى هذا الشأن وهو ما تدعمه الأمم المتحدة.. وظهر ذلك جلياً بآثاره الإيجابية فى أزمة الغاز التى تعانى منها كثير من الدول الكبرى فى أوروبا والصين وغيرهما.
الحقيقة ان القمة الثامنة بين قادة الدول الثلاث جاءت تجسيداً لما وصلت إليه العلاقات «المصرية ــ اليونانية ــ القبرصية».. وأصبح التعاون يشمل تقريباً جميع المجالات والقطاعات بالاضافة إلى التنسيق المستمر وتوافق الرؤى ووجهات النظر حول القضايا والملفات والأزمات الإقليمية.. وهو أيضا نموذج لتعاون دول شرق المتوسط فى مجال البناء والتنمية والاستفادة من الموارد وتبادل المصالح والخبرات.. خاصة ان مصر وقعت اتفاقيتين للربط الكهربائى مع اليونان وقبرص لنقل الكهرباء المصرية إليهما ومن ثم وقريباً إلى أوروبا المتعطشة لمصادر الطاقة.. أيضا هناك طموح كبير حول إقامة خط أنابيب بحرى لنقل الغاز الطبيعى من حقل «أفردويت» القبرصى إلى محطتى الإسالة المصريتين فى إدكو ودمياط تمهيداً لتوريد الغاز المسال من مصر إلى اليونان ومنها لاحقاً إلى كثير من الدول فى شرق المتوسط وربما على حد قول الرئيس عبدالفتاح السيسى لدول غرب البلقان ووسط أوروبا وهو أمر يتسق مع الطموحات الكبيرة التى ولدت مع تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط بوصفه كياناً يعول عليه من أجل حسن التخطيط لمشروعات التعاون الإقليمى ولتعظيم استفادة الدول الأعضاء فى المنتدى وشعوب المنطقة عموماً من مخزون الغاز الطبيعى والثروات الهيدروكربونية فى البحر المتوسط بما يتسق مع قواعد القانون الدولى.
الحقيقة أيضا أن مسارات السياسة الخارجية المصرية تجعلنى فى حالة انبهار.. ولعل نجاح الدبلوماسية الرئاسية فى إرساء قواعد علاقات الشراكة مع دول العالم بمختلف توجهاتها واتجاهاتها سواء مع أوروبا أو الولايات المتحدة وروسيا والصين وإفريقيا والدول العربية ولعل حديث المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال اتصالها بالرئيس السيسى من أن ألمانيا حريصة على استمرار التنسيق المستمر والوثيق فى ضوء الثقل السياسى لمصر ــ السيسى عربياً وإفريقياً وإقليمياً.. هذا الاحترام الدولى الكبير لمصر والتقدير لمكانتها ودورها هو نتاج مسارات وتحركات الدبلوماسية الرئاسية على مدار 7 سنوات.
أتوقف أيضا عند نموذج الشراكة والتعاون بين مصر واليونان وقبرص.. فقد اختارت الدول الثلاث عن قناعة وإيمان صياغة علاقة قوية تقوم على الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدول وحقوقها المشروعة طبقاً للقانون الدولى وحققت عوائد ومكاسب كثيرة فى كافة مجالات التعاون بينها.. وأصبحت نموذجا للعلاقات الإقليمية التى ترسخ الأمن والاستقرار والبناء والسلام فى حين إن دولا أخرى اختارت مسارات شيطانية تقوم على الأطماع وتوتير المنطقة والتدخل فى شئون الدول واتباع سياسات البلطجة وتبنى الإرهاب والإطاحة بالشرعية الدولية وعدم احترام القانون الدولى فحصدت أشواك التراجع والتأخر والعزلة.. وتأثيرا سلبيا على اقتصادها وحياة شعوبها لذلك على الدول أن تختار ما بين مسار (مصر واليونان وقبرص).. أو طريق جهنم الذى اختارته دول فى الإقليم وأصبحت ملفوظة إقليمياً وحتى دولياً بسبب سياساتها الخاطئة التى افتقدت إلى الحكمة والذكاء ودعت إلى التفرقة وتأجيج الخلافات والصراعات والتمادى فى الأوهام والأطماع.
زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لليونان أمس وعقده سلسلة لقاءات.. وقمة ثلاثية مصرية يونانية وقبرصية.. وهى القمة الثامنة.. تؤكد نجاح مفهوم الشراكة والتعاون لأن العلاقات الثلاثية تشهد زخماً وتطوراً كبيراً على كافة المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية والسياحية وفى مجال الطاقة بكل أنواعها والصحة والزراعة والتعليم والملاحة البحرية والهجرة غير الشرعية أنها علاقة تقترب إلى التكامل المبنى على التفاهم والسياسات الحكيمة والرشيدة.. وهو تعاون استراتيجى بالمعنى الشامل للكلمة والذى بدأ منذ 2014 حتى أصبح نموذجاً ملهماً للعلاقات والتقارب الدولى بعد وصول علاقات مصر باليونان وقبرص فى عهد الرئيس السيسى إلى مستوى غير مسبوق بما يصب فى صالح تحقيق آمال وتطلعات الشعوب.
وجاءت كلمة الرئيس السيسى خلال المؤتمر الصحفى عبر القمة الثلاثية مليئة بالرسائل سواء حول قوة ومتانة العلاقات بين الدول الثلاث أو فيما تشهده المنطقة من تحديات وتهديدات أو ما يحدث فى العالم.. فآلية التعاون الثلاثى بين الدول الثلاث تمثل أهمية كبيرة لتبادل الرؤى حول سبل تحقيق مزيد من التطوير فى العلاقات بين الدول الثلاث وشعوبها وتطويرها على كافة الأصعدة والمجالات والتشاور المستمر حول مختلف القضايا بما يسهم فى تنسيق الجهود لمواجهة التحديات الكبيرة التى يشهدها الجوار الإقليمى المباشر لمصر واليونان وقبرص أو على الساحة الدولية.
القمة الثلاثية ناقشت التطورات الإقليمية والدولية خاصة منطقة شرق المتوسط وأكدت كلمة الرئيس السيسى على الآتى:
أولاً: تجديد الدعم لمساعى جمهورية قبرص وكافة الأطراف الدولية المعنية من أجل إيجاد حل شامل وعادل للقضية القبرصية استناداً لقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن ذات الصلة.
ثانياً: توافق الدول الثلاث على إجراء الانتخابات الليبية المقررة فى ديسمبر 2021 وفقاً لـ«خارطة الطريق» التى أقرها الأشقاء الليبيون وحتمية خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا تنفيذاً للمقررات الدولية بما يعيد إلى ليبيا سيادتها ووحدتها ويحفظ سلامة أراضيها ويرسخ قرارها بيد أبنائها.
ثالثاً: إيجاد حل عادل وشامل للصراع «الإسرائيلى ــ الفلسطينى» على أساس حل الدولتين وتمكين الشعب الفلسطينى من إقامة دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
رابعا: التوصل لتسوية سلمية للأزمة السورية على أساس قرارات مجلس الأمن.. والاتفاق الثلاثى على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضى السورية وسلامتها الإقليمية ورفض محاولات بعض الأطراف الإقليمية لفرض الأمر الواقع عبر انتهاك السيادة السورية ومحاولة إجراء تغييرات ديموغرافية قسرية فى بعض المناطق السورية وأهمية مواجهة خطر التنظيمات الإرهابية وضرورة التصدى لها حتى يستعيد الشعب السورى أمنه واستقراره.
خامساً: مساندة الدول الثلاث للبنان الشقيق والاستعداد لدعم كل جهد صادق يرفع المعاناة عن كاهل المجتمع اللبنانى ويسهم فى تحقيق وتحسين الوضع الاقتصادى فى البلاد.
سادساً: التأكيد على خطر الإرهاب والتطرف وما يسببانه من عدم استقرار وفوضى وتعطيل جهد الشعوب للحاق بركب التقدم والتنمية وتوليد أزمات عابرة للحدود مثل ظاهرة الهجرة غير الشرعية والجريمة غير المنظمة والاتجار بالبشر.
سابعا: جدد الرئيس السيسى التأكيد على المنظور الشامل الذى تتبناه مصر لقضية حقوق الإنسان والذى يؤكد مراعاة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتركيز على نقلة نوعية فى جودة حياة الإنسان وتمكين الدول من توفير المناخ الآمن والمستقر الذى يمارس فيه المواطن كافة حقوقه المقررة بالدستور والقانون مع ضرورة احترام خصوصية المجتمعات والشعوب.. وتجلت القناعات المصرية فى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لتمثل نهجاً وإطاراً وطنياً شاملاً لتحرك الدولة المصرية على هذا الصعيد.
إن طريق الصداقة والتعاون والشراكة والتقارب والاحترام المتبادل والالتزام بالشرعية والقانون الدولى هو نموذج يرسخ البناء والتنمية وتبادل المصالح والأمن والاستقرار والسلام الإقليمى ويلبى طموحات وتطلعات الشعوب ويزيد من فرص التقدم والتطور.. أما طريق التوترات والأوهام والأطماع والتدخلات السافرة فى شئون الدول وانتهاك السيادة والشرعية الدولية والقانون الدولى فلن يحقق إلا مزيدا من إهدار الوقت واستنزاف الموارد والعزلة الإقليمية والدولية والتأخر والتراجع الاقتصادى ولا يجلب للشعوب إلا زيادة المشاكل والأزمات ونقص الاحتياجات والتخلف عن ركب التقدم.
مصر واليونان وقبرص ضربت المثل والقدوة والنموذج فى ترسيخ الأمن والسلام والاستقرار والبناء ولعل الدول الأخرى تدرك الرسائل والنتائج.
تحيا مصر