الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مفتي الجمهورية: بلدنا العزيزة بخير ما دام فيها الأزهر والجيش المصري الأبي

مفتي الجمهورية
مفتي الجمهورية

قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إننا نحتفل مع أمتنا الإسلامية بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد هلَّت علينا هذا العام مع ذكرى وطنيةٍ عظيمةٍ هي ذكرى السادس من أكتوبر المجيدة؛ فحُقَّ لأبنائنا ذكر نعمتين: نعمةِ بعثٍ ونعمةِ نصر؛ إنهما مناسَبَتان تمثلان معًا دافعًا لكي نستمد الأمل والعزيمة اللذين ترشدنا إليهما سيرة النبي صلي الله عليه وآله وسلم العطرة التي ترجمت أرقى معاني الإنسانية والسماحة والرحمة في مواقف نبوية بقيت نبراسًا لنا في أمور حياتنا كلها".

 

وأضاف «علام»، خلال كلمته التي ألقاها في الاحتفال الذي أقامته كلية الصيدلة بجامعة الأزهر بالمولد النبوي الشريف، أنه من أبرز هذه المعاني التي ينبغي التوجيه إليها في هذا العام محبته صلى الله عليه وسلم لوطنه وولائه له وعمله لنهضته ورُقيِّه، وقد رأينا انعكاس اتِّبَاعه صلى الله عليه وسلم في ذلك في نصر جنودنا البواسل في حرب أكتوبر المجيدة.

 

وأكد المفتي أننا في أشد الحاجة إلى الرجوع إلى سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما ظهر فيها من ولائه لوطنه؛ لنقرأها قراءة عصرية وحضارية، فنتعلم منها معاني الوطنية وعمارة الأرض بالعمل والاجتهاد، لكي نحقق الغاية العظمى من استخلاف الله لنا في الأرض على مراد الله منا.

 

وأشار إلى أن ذكرى نصر السادس من أكتوبر ستبقى وضاءةً مشرقةً في جبين الدهر وفي عرين العسكرية المصرية المجيدة تتوارثها الأجيال بعد الأجيال، وسيظل هذا النصر العملاق علامةَ مجدٍ وفخرٍ لا في تاريخ الوطن الحبيب مصر فحسب، ولكن في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية.

 

وألمح إلى أن ما يجدر بنا أن نتذكره بهذه المناسبة هو أن المصريين أظهروا بكل طوائفهم وأطيافهم وانتماءاتهم قدرًا كبيرًا من التكاتف والوحدة والتلاحم والتقارب والتكامل، وهو الأمر الذي يجب أن نستحضره في هذه الفترة الحرجة من تاريخ وطننا الحبيب.

 

وتابع: «إننا انتصرنا في السادس من أكتوبر بتوفيقٍ من الله، ثم بحسن التخطيط، وجدية الإعداد، وهذا ما تعلمناه من رسولنا الكريم، وما يجب أن نستعيده في ذكرى مولده، ونتذكر عَمَلَنا به في السادس من أكتوبر. وهكذا ينبغي أن يكون الدرس الماثل أمامنا إذا ما أردنا الانتصار في القضايا والتحديات التي تواجهنا في مجالات التنمية والبناء والتكنولوجيا والتعليم والإدارة والبيئة وغيرها من المجالات، فالشعوب لا تضمن الانتصار في معاركها بالنيات الحسنة فقط، ولكن تنتصر حين تمتلك أسباب الانتصار بمعناه الصحيح والشامل؛ بإعلاء قيم الانضباط والكفاءة، والتجرد والعمل الدءوب».

 

وواصل: أن قضية الوطنية وما يتعلق بها من أمورٍ؛ كقضية المواطنة وقضية ترسيخ الانتماء الوطني، وقضية تنمية وبناء الشخصية الوطنية، تأتي في سياقها المناسب هذا العام بتأكيدنا عليها في احتفالنا بالمولد النبوي الشريف وبنصر أكتوبر المجيد، حيث تواجه منظومة الدولة الوطنية تحدياتٍ جمَّةً في ظل عصرٍ مليء بالاتجاهات الفكرية والتغيُّرات المستمرة على سائر المستويات السياسية والاقتصادية وغيرها، هذه الاتجاهات والتغيرات التي أدت إلى تفشي الانحرافات على المستوى الفكري والاجتماعي؛ من فسادٍ وتطرُّف أضعف عزيمة الشباب على بناء أوطانهم، ونشأ عنه إرهاب استهدف البِنَى البشرية والمادية التي تقوم عليها الدول، ومخاطر خارجية تؤثر على الأمن الداخلي، وإشكالات عالمية وجوائح تمثل عقبةً في سبيل الوصول للأهداف القومية. ومثل هذه التحديات تتطلب المواجهة بكافة الوسائل وتسخير الإمكانات وشحذ العزائم لتوصيفها ووضع الاستراتيجيات للتعامل معها.

 

وأوضح أنه لمواجهة هذه التحديات يجب أن تنتفض الأمة الإسلامية عن بكرة أبيها بعلمائها ومفكريها ومنظِّريها لكي تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح بعدما تلاعبت جماعات التطرف والإرهاب بالمفاهيم والعقول والمصطلحات والمسلمات، وعلى رأسها قضية الانتماء للأوطان وقضية بناء الوعي التي تُعد محور النهضة والتنمية المستدامة.

 

وأردف: «إن بناء الوعي يكون أيضًا بالاهتمام بتربية النشء وتأهيله، وتشكيل العقلية النقدية المنهجية، وترسيخ مبدأ الثقة بالنفس والثقة بالقيادة، وعدم الانجرار خلف كل ناعقٍ. وذلك يحتاج منا إلى تعاون وتكاتف بين جميع المؤسسات الدينية والتعليمية والاجتماعية وغيرها لبناء الشخصية المصرية الواعية».

 

ولفت إلى أن مؤسسة الأزهر الشريف تأتي في مقدمة المؤسسات التي يُلقى عليها عبء بناء الوعي كمنارةٍ لنشر مناهج الوسطية والاعتدال والوطنية والتعايش المشترك وقبول الآخر؛ ذلك لأن الفكر الأزهري له الدور الأكبر في إمساكه بزمامِ تجديد الخطاب الديني في ظل الثوابت الإسلامية، وذلك للحفاظ على الهوية المصرية التي تضع الدين والوطن في محور اهتمامها، ولا يرتاب أحدٌ في أن الفكر الأزهري لم يتوانَ عن القيام بهذا الدور رغم كثرة التحديات وضخامة الأعباء، ولسنا بصدد تعداد وحصر ما قام به الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف قديمًا وما يقومون به الآن؛ فهذا أمرٌ يطول.

 

واختتم مفتي الجمهورية كلمته بقوله: «إن مصرنا العزيزة بخير ما دام فيها الأزهر الشريف والجيش المصري الأبي، فالأزهر منارة الوعي الصحيح، ومنبع العلم الأصيل، ورسالته رسالة الحق والخير، ولن تضيع أمة فيها منارة الأزهر الشريف، ولن ينتصر التطرف والإرهاب وعلماءُ وأساتذةُ الأزهر الشريف يقومون بواجب وقتهم في تصحيح المفاهيم وإيقاظ الوعي».