EN 
كان المهاجر المصري محمد درويش في سن الثالثة والستين حين قُتل عام 2014 مع المليارديرة إيلين باستور، سليلة إحدى أثرى العائلات في مونت كارلو، التي كانت خارجة من زيارة إلى ابنها جيلدو إثر تعرضه لجلطة دماغية. وفي ذلك اليوم، كان هو السائق، إذ كان يقبل بمختلف المهام في ظل نسبة التسرب الكبيرة للموظفين.
وقال وسيم نجل محمد درويش "بالنسبة لي، هو لم يكن يوما تفصيلا، كان والدي"، وذلك أمام محكمة الاستئناف الجنائية في منطقة بوش دو رون الفرنسية حيث تعاد محاكمة فويتشيتش يانوفسكي صهر المليارديرة السابق المشتبه في كونه الرأس المدبر للجريمة.
تشبه قصص الخيال في مصر
وأكد أرتور سوسمان محامي عائلة درويش ردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش هذه المحاكمة الجديدة التي تستمر حتى منتصف نوفمبر في مدينة إيكس أن بروفانس، أن القضية "تُشبه قصص الخيال عند النظر إليها من مصر".
ويقول متحدثا عن محمد درويش "لم يكن يجيد القراءة أو الكتابة وعاش في بؤس مدقع وكان يتيم الأب منذ سن صغيرة وله ست شقيقات وشقيق واحد ثم أصبح الرجل الموثوق به لدى إحدى أغنى نساء العالم".
ويوضح المحامي أرتور سوسمان "كل وسائل الإعلام تتحدث عنه كما لو أنه سائق. لكنه كان حقا شخصا أهلا للثقة لدى إيلين باستور"، وريثة إمبراطورية عقارية تُقدّر قيمتها بـ12 مليار يورو.
وهاجر محمد درويش المتحدر من الاسكندرية في شمال مصر، إلى إيطاليا في بادئ الأمر، قبل الانتقال إلى منطقة كوت دازور الساحلية الفرنسية حيث أصبح طباخا قبل أن يبدأ بالعمل في خدمة عائلة باستور.
وحافظ دوريش على الدوام على مظهر أنيق للغاية مرتديا بزة رسمية مع ربطة عنق. ويروي ابنه وسيم "أمضى حياته كلها في العمل وليست لديّ سوى القليل من الذكريات معه". أما ريهام شقيقة وسيم فتقول "لقد أخذ إجازة لمدة أسبوع لمناسبة بلوغي عامي العشرين".
وخلال المحاكمة، يتحدث ولدا الضحية بتحفظ عن يوميات هذا الموظف المخلص لدى الأسرة الثرية. فهو كان يفتح منزل "السيدة إيلين" ثم كان يغلقه بالمفتاح عندما يغادر في المساء.
كذلك قال جيلدو نجل إيلين باستور أمام المحكمة الجمعة إن درويش كان "حرفيا للغاية"، وكان "التوافق كبيرا" بينه وبين الأسرة كما كان وجوده مطمئنا إلى جانب هذه المرأة التي كانت تشعر بالتهديد من صهرها، وفق جيلدو.
ويقول وسيم "كنت أساعده على تعلم الوصفات غيباً عبر يوتيوب". ويعمل نجل محمد درويش أيضا لحساب أسرة باستور كناطور في أحد مباني العائلة في موناكو. ومنذ المأساة، بقيت العلاقة بينهما "علاقة موظف بربّ عمله".
"بقيمة حقيبة اليد"
علم وسيم بإطلاق النار عبر فيسبوك، حين علمت سيلفيا ابنة إيلين باستور بالخبر من وزارة الداخلية في موناكو.
وبحسب مخطط الجريمة الذي قدمه أحد المتهمين، فإن فويتشيتش يانوفسكي زوج سيلفيا، ابنة إيلين، حينها أراد تغطية قتل حماته عبر إعطائه طابع الجريمة المنظمة. لذا دبّر أيضا عملية سرقة لحقيبتها وقتل سائقها. وقد دفع لهذه الغاية 20 ألف يورو مقابل سرقة الحقيبة و20 ألفا أخرى مقابل قتل محمد درويش.
ويقول وسيم "هذا الرقم قاس، لكنني لا أظن أن أي رقم له وقع لطيف في هذه القضية".
ويوضح المحامي سوسمان أن "مكانة محمد درويش تسمح بفهم حجم المخطط الإجرامي. كان وجوده بلا قيمة بل بقيمة حقيبة اليد، تم تحويله إلى مجرد شيء. هذا ما يفسر الحكم بالسجن مدى الحياة في الدرجة الأولى".
وفي المحاكمة الأولى سنة 2018، قال محامو يانوفسكي حينها، بينهم إريك دوبون موريتي الذي يشغل حاليا منصب وزير العدل، إن موكلهم الذي غيّر إفادته مرات عدة، مسؤول عن تدبير جريمة قتل إيلين باستور وليس محمد درويش.
ورغم هذه الاستراتيجية الدفاعية، حُكم عليه بالسجن مدى الحياة، شأنه في ذلك شأن شريكيه اللذين توليا التربص للضحيتين وقتلهما، واللذين تعاد محاكمتهما إلى جانبه.
