الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد جدل "المومس الفاضلة"

عز الدين نجيب: الدولة يجب أن تتدخل لمنع مصادرة الإبداع

صدى البلد

تحدث الأديب والفنان التشكيلي، عز الدين نجيب في حديث له مع "صدى البلد" عن وضع الثقافة خلال الفترة الحالية؛ خاصة بعدما ظهرت مؤخرًا اعتراضات من جانب البعض، بعدما أعلنت الفنانة إلهام شاهين اعتزامها تقديم دور البطولة في مسرحية "المومس الفاضلة" والتي ألفها الكاتب والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر. وصلت عاصفة الانتقادات إلى مجلس النواب، إذ قدم أحد الأعضاء طلب إحاطة داخل المجلس بسبب اسم المسرحية، وهو الأمر الذي رفضه جميع المثقفين، إذ وصفوا الأمر بأنه اعتداء على الفن والإبداع.

حملات رجعية

عز الدين نجيب في تعليقه على الأمر يقول: أنا مع حرية الإبداع والتعبير، وحرية النشر، وأرفض القيود أيًا كانت المادة محل اختلاف، أو تصادم مع بعض الثوابت والمعتقدات والقيم السائدة، وذلك لأن المبدع هو بطبيعته شخص باحث عن التغيير، فهو لا يكرث الواقع وإنما يطرح بديل للواقع، أو رؤية جديدة مجاوزة للواقع، فنحن لا نحاسبه بمعايير الواقع، أو بالمعايير الأخلاقية والقيمية السائدة، فما نراه الآن من محاولات عقيمة من جانب البعض لمواجهة فكرة تخص إعادة عرض مسرحية "المومس الفاضلة" هو بالنسبة إليّ كما لو كنت أرى جثثًا تقوم من القبور؛ لمواجهة الإبداع مثلما كان يحدث في سنوات التسعينيات، عندما قدمت رواية "وليمة لأعشاب البحر" فأنا أندهش، مما يحدث وما نراه الآن؛ لأنه بمثابة بعث لجثث هامدة من القبور رغبة منهم في إحياء هذه الأفكار المخربة للإبداع ولحرية التعبير، لذلك فالأمر يستدعي من المثقفين وقفة حاسمة للمطالبة بتقنين ما نص عليه الدستور في هذا الشأن، فما نراه لا يمكن أن يدخل ضمن باب المنطق أو العقل، فهل يعقل أن نرجع مرة أخرى للحديث حول مناقشة عنوان عمل أدبي؟ فقد سبق أن عرضت المسرحية في عرض خاص على مسرح الدولة من أكثر من ٤٠ سنة، لذلك يجب أن يكون هناك وقفة للمثقفين، لأن المثقفين لو سلموا في هذه المعركة سيأتي الدور عليهم في المستقبل القريب، وسيكون هناك ضحايا آخريين لمثل هذه الحملات الرجعية الظلامية.

رقيب داخلي

يضيف عز الدين نجيب ويقول: مناقشة الأمر في البرلمان مؤخرًا يذكرني بالواقعة الشهيرة التي حدثت في مجلس النواب من قبل حينما اضطر وزير الثقافة وقتها أن يعتذر على نشر رواية "وليمة لأعشاب البحر" كما تم مصادرة الرواية وقتها، ونفس الأمر تعرض له نجيب محفوظ من قبل، وكذلك نصر حامد أبو زيد، فهذا الأمر يتجدد بتنويعات مختلفة، فالمنع - من وجهة نظري - هو الخطر الأصغر، لأنه لم يعد هناك وسيلة تستطيع منع أي عمل من الانتشار خلال الوقت الحالي، خاصة في ظل انفتاح وسائل الاتصال والميديا، في كل المناحي، إذ أصبحت الروايات متوفرة على الانترنت وعلى كافة مواقع التواصل الاجتماعي، لكن الخطر الأكبر الذي أخشاه هو أن يخلق المثقف داخل نفسه رقيبًا، نتيجة الخوف من المحاسبة، فهو يشعر بأنه في حالة طوارئ داخلية وتنتقل لأعماقه، ويصبح بداخله رقيب يجعله دائمًا خائف ومتردد، ويحسب حسابات لا علاقة لها بالإبداع، وهذا الأمر كي نتلاشاه لن يحدث بين يوم وليلة، بل يحتاج لسنوات طويلة جدًا لمواجهة هذا الوباء، فأنا لا أظن أن الدولة يمكن أن تقف مع هذه الدعوات "الخائبة" لذلك فعلى الدولة أن تتدخل لمنع طرح مثل هذه الأمور التي تصادر الإبداع، فهذه القضية تجاوزها الزمن منذ فترة بعيدة، فلا يمكن طرحها أبدًا بهذه الصورة.