"أن تشتهي الحياة فذلك هو المعتاد في البشر، لكن أن تشتهيك الحياة فذلك هو السّر الذي يستحق عناء اكتشافه..هكذا تدعونا رواية "حينما تشتهيك الحياة" للكاتبة والروائية الجزائرية فضيلة ملهاق فـ منذ الوهلة الأولى إلى معايشة تجربة متفردة، ما بين نصفي الكرة الأرضية، الشمال والجنوب، خلال رحلة طويلة، محفوفة بالمخاطر والمفاجآت، وبالمتع أيضا.
تقول "ملهاق"، في تصريحات خاصة لـ صدى البلد، إن الرواية بمثابةرحلة في أعماق الأحاسيس، تجعلنا نغوص في أغوار القلوب، ولكنها أيضا خارطة لتحركات العقل بين تضاريس الحياة، لافتة إلى نقطة الانطلاقة لهذه الرواية وهي الرحلة من حي بائس يُدعى (العُلّيق)، يقع في قلب مدينة (الليمونة)، واحدة من مدن الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط المليئة بالتّناقضات، فهي تشكل أرض تحقيق رغبات تراقبها من وراء البحار، نظرا لما تزخر به من خيرات، والثروات الطبيعية .. وتتميز بطبيعة خلابة، ورغم ذلك يحلم الكثير من شبابها بمغادرتها.
وأفصحت ملهاق عن جزء من تفاصيل الرواية قائلة، "قرر حميد ورفيقه موسى (الحرقة)، وهي الهجرة السّرية، بحثا عن مفاتيح السعادة، الحب والنجاح، فصادفوا، هم ومجموعة من المهاجرين السريين (الحَرّاقة)، شخصا غريب الأطوار، أطلعهم على وجود سر مُثير ومُغر يندس في تذكارات بسيطة، حوّلت حياتهم إلى مغامرة معقدة، عجيبة" اجتازوا البحر على متن قارب بسيط، يحمل أحلاما كبيرة، ووجدوا أنفسهم، أينما يتّجهون وأيّ شيء يفعلون، في قبضة عالم غريب، محاط بالأسرار والغموض، وفي مواجهة رموز مركبة وألغاز، تكتب أحرف الحياة بشكل لا يخطر ببالهم.
كما لفتت إلى أن عناصر التشويق والإثارة والغرابة يطلقون أشرعتهم بعيدا في هذه الرواية، وليس للقارئ بوصلة في ذلك سوى أحاسيسه ومرتكزاتها، التي تستخرج له رموزا، وإشارات، ومصطلحات من لغات عدة.. ومعلومات علمية، وتذيقه طعم نكهات القلوب، كما لازمت فيها الرومانسية الواقعية بأسلوب مميز، فهي تلقي بنا مباشرة في بحر الحياة، من دون أن تغفل وجود مشاعرنا الجميلة تجاه بعضنا بعض، شواطئ الأمان.
وبحسب “ملهاق”، لعلّ المميز في هذه الرواية أيضا هو كونها تتناول موضوع الهجرة السرية من منظور مختلف، فهي تتجاوز تلك الصورة النّمطية لقارب سري يبحث عن مكان آمن في العالم، إلى وضعية القارب المعلوم الذي يدور حوله العالم كله، ويراقب أمانه من خلال بوصلته، وإنّها تستنطق دسائس التاريخ البعيد وتطلعات جغرافيا الحاضر، لتعرض على أخشاب قارب (الحَرْقة) كيف تكتب أمواج البحر حكايات وتمحو أخرى، ومعنى أن تكون القلوب والعقول قاربا تتقاذفه تيارات الوجود.
.