الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كاد يغمى عليه.. كيف تعامل طه حسين مع ثورة 23 يوليو؟

ثورة ٢٣ يوليو
ثورة ٢٣ يوليو

آمن طه حسين بضرورة تغيير المجتمع المصري وتحقيق خطوات كبرى للإصلاح الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص، كان يكتب قبل ثورة 23 يوليو 1952، والتي يحتفل المصريين بذكرها اليوم، عن تجديد المجتمع ونشر التعليم، وكتب كثيرا في نقد الأوضاع التي كانت سائدة قبل الثورة بما فيها زيادة فقر الفقراء وزيادة غنى الأغنياء، ومع المقالات كتب رواية «شجرة البؤس» وكتاب «المعذبون في الأرض» الذى منعت السلطات توزيعه وصادرت النسخ.

 

طه حسين وثورة ٢٣ يوليو

وكان موقف طه حسين من الثورة، مؤيدا لها رغم قرية من الملك، وتسخير له كل الإمكانيات كونه كاتب كبير حسب ما جاء في  كتاب "طه حسين من الملكية إلى الجمهورية" للكاتب حلمي النمنم الصادر عن هيئة قصور الثقافة، وناقش علاقة الدكتور طه حسين بثورة 23 يوليو 1952، حيث أن هذه العلاقة ملتبسة وموضع شائعات كثيرة جدا، كما أنّ علاقة طه حسين بالنظام الجمهوري والثورة تنطوي على مفارقة غريبة، وهي أنّ النظام الملكي قدّم للدكتور طه حسين كل ما يمكن أن يقدمه لمثقف وكاتب كبير، حيث حصل على الباشاوية وصار وزيرا في عهد الملك فاروق، وقبلها أنشأ جامعة فاروق أو جامعة الإسكندرية سنة 1942، ومع ذلك لحظة تحرك الضباط الأحرار وكان طه حسين في إيطاليا يوم 23 يوليو 1952، هاتفه السفير المصري في إيطاليا بصفته وزيرا سابقا ليخبره بما حدث في القاهرة، وأخبره أنّ مجموعة من الضباط تحركوا، وقال له السفير إنّه يبدو أنّ هناك انقلابا على الملك، فرد طه حسين على السفير، قائلا: "ليس انقلاب بل ثورة"، أي أنّه من اللحظة الأولى أطلق على الحدث "ثورة".

 

اغماء طه حسين بعد خبر ثورة ٢٣ يوليو

وقالت سوزان زوجة الدكتور طه حسين في الكتاب، أنّه وضع سماعة الهاتف وقال لها: "هناك ثورة على الملك فاروق في مصر" وكاد أن يغمي عليه من شدة الفرح، وبدأ يكتب على أنّها ثورة، رغم أنّ الضباط الأحرار لم يطلقوا عليها كلمة ثورة في البداية، وبعض الناس قالوا عنها حركة، ومحمد نجيب أسماها "النهضة"، بينما نجد طه حسين يختلف مهم تماما، ويصر على أنّها ثورة، وشرح المقصود بكلمة ثورة، وما المطلوب منها، وظل مؤمنا ومدافعا عنها حتى توفي في 1973، وحتى في بداية السبعينيات حين بدأت فترة الهجوم على الثورة وعبدالناصر، لم يكن هو في هذا الطريق.


و انحاز طه حسين للثورة من اللحظة الأولى، وهو والنخبة الثقافية الحقيقية كانوا أول من أيّد ثورة يوليو ودافعوا عن تحرك الجيش بقوة، وكان رأيهم أنّ الجيش المصري وحده هو القادر على تحرير البلاد من الاحتلال الانجليزي، ولطفي السيد قال إنّ طه حسين هو صاحب مقولة "لأول مرة نرى مصريين يحكمون مصر".


وبعد مقاله الذى أطلق فيه اسم "ثورة" على "الحركة المباركة" استجاب "الضباط الأحرار" وتغير اسمها فعلا، واستمرت مقالات طه حسين المؤيدة للخطوات التي تحققها الثورة لتحقيق أهدافها في القضاء على الاستعمار وأعوانه، والقضاء على الإقطاع والاستغلال وسيطرة رأس المال على الحكم.

 

هل استفاد طه حسين من ثورة 23 يوليو


وكان طه حسين في ذلك الوقت قد جاوز الثالثة والستين من عمره، أي أنه كان في مرحلة توديع الكهولة واستقبال الشيخوخة، وهذا يؤكد أنه لم تكن له أطماع في منصب أو مكسب، وفى عدد "الأهرام" يوم 2 أغسطس 1952 كتب مقالا بعنوان "صورة" أعقبه بمقالات أخرى في الأهرام عبّر فيها عن ترحيبه بالثورة وطالب بثورة "ثقافية" إلى جانب الثورة السياسية والاجتماعية، وكتب رسالة إلى توفيق الحكيم قال فيها إن "الأدب" هو الذى هيأ لقيام الثورة ولابد أن يكون له دور في التعبير عنها، وذهب إلى البندقية لحضور مؤتمر اليونيسكو في الأسبوع الأول من سبتمبر ألقى فيه أول خطاب باسم مصر بعد الثورة.


وكتبت الصحف الإيطالية آنذاك أن طه حسين "ملهم الثورة الاجتماعية والاقتصادية في مصر"، لكن ذلك لم يمنعه من الكتابة عن رقباء الصحف، الذين كانوا يقفون للمقالات بالمرصاد وكيف أن الكتّاب كانوا يخشون السجن أو الاعتقال؟ مع أن الناس في أوروبا يعرفون عن أخطاء وسيئات الحكم مثلما كان يعرف المصري، وقد ردت الثورة لمصر كرامتها، وفى مقاله دعا الله أن يبارك الجيش فيما يفعل، وأن يبارك الله لمصر في جيشها، وعندما عزل الملك فاروق، أشاد طه حسين بهذه الخطوة وبمصر التي ضربت للعالم مثلا رائعا بثورتها التي عزلت الملك وتركته يذهب إلى منفاه دون قطرة دم، وكتب يقول: "اسأل نفسى: أيتاح لى ولأمثالي من الذين طالبوا بتحقيق التضامن الاجتماعي الصحيح، وأنكروا على المترفين إسرافهم في الترف، أن نرى مصر ذات يوم وقد أنصفت الدولة كل محروم؟".