الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطيبا المسجدين الحرام والنبوي.. يحذران من إضاعة الحاضر والمستقبل بالتمني والتسويف.. طلوع فجر العام الهجري الجديد يذكر المسلم بأن الفرصة لا تزال قائمة.. محاسبة النفس والعمل الصالح طريق النجاة

خطبتا المسجدين الحرام
خطبتا المسجدين الحرام والنبوي

خطيب المسجد الحرام:

  • محاسبة النفس هي طريق السالكين والعمل الصالح هو رأس مال الفائزين
  • من حاسب في الدنيا نفسه خف في القيامة حسابه
  • من لم يحاسب نفسه دامت حسراته وطالت في حساب يوم القيامة وقفاته
  • حق على من أراد الخير لنفسه الوقفة الصادقة مع النفس محاسبةً ومساءلةً
  • كل عام ينقضي يبعد عن الدنيا والدور ويقرب من الآخرة والقبور

خطيب المسجد النبوي: 

  • الدنيا كلها من أولها إلى آخرها قصيرة بالنسبة إلى الآخرة
  • مهما عمر العبد في الدنيا فله أجل لابد أن يبلغه
  • طلوع فجر العام الجديد يذكر النفس بأن الفرصة لا تزال قائمة

أوصت خطيبا المسجدين الحرام والنبوي، باغتنام العمر، ومحاسبة النفس، لأنها طريق السالكين، والتقوى زاد المؤمنين، والعمل الصالح هو رأس مال الفائزين، والعمر مهما طال فله أجل ينقضي فيه، محذرين من التمني والتسويف فهو إضاعة للحاضر والمستقبل.

ومن مكة المكرمة ، قال الشيخ الدكتور صالح بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن محاسبة النفس هي طريق السالكين، والتقوى هي زاد المؤمنين، والعمل الصالح هو رأس مال الفائزين.

طريق السالكين

وأوضح " بن حميد" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن  من حاسب في الدنيا نفسه خف في القيامة حسابه، وصح عند السؤال جوابه، وحسن منقلبه ومآبه، ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته، وطالت في عرصات القيامة وقفاته.

وواصل:  وأحاطت به خطيئاته وسيئاته، منوهًا بأن كل عام ينقضي يبعد عن الدنيا والدور، ويقرب من الآخرة والقبور، ويبعد عن التمتع بالأهل، والأولاد، والأموال، ويقرب من الانفراد بالأعمال، فحق على من أراد الخير لنفسه الوقفة الصادقة مع النفس محاسبةً ومساءلةً.

وتابع:   فوالله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتجزون بما كنتم تعملون، فجنةُ للمطيعين، ونارُ للعاصين.. إن الزمان وتقلباته أنصح المؤدبين، وإن الدهر بقوارعه أفصح المتكلمين، فانتبهوا بإيقاظه، واعتبروا بألفاظه.

إضاعة للحاضر والمستقبل

وأضاف عن عمر الشباب وأحوال الغافلين  أن من غره شبابه فنسي فقد الأقران، وغفل عن سرعة المفاجآت، وتعلق بالأماني، وما الأماني إلا أوهام الكسالى، وأفكار اللاهين، وما الاعتماد عليها إلا بضائع الحمقى، ورؤوس أموال المفاليس، والتمني والتسويف إضاعة للحاضر والمستقبل.

وأشار إلى أنه في أهل العلم من جد في التحصيل، ولم يجد في العمل، أعطوا علوماً فصرفوها في المكاثرات والمجادلات، والعلو على الأقران، يخرق دينه من أجل ترقيع دنياه، لا يتحاشى غيبةً، ولا يسلم من حسدٍ، وفي أهل الدنيا من صرف أمواله في الشهوات والمحرمات، وأشد هؤلاء من كسب مالاً فأدخله النار، وورثه من بعده قوم صالحون عملوا فيه بطاعة الله، فأدخلهم الجنة.

القلوب المريضة

واستطرد: عجيب حال من يوقن بالموت ثم ينساه، ويتحقق من الضرر ثم يغشاه، يخشى الناس والله أحق أن يخشاه، يغتر بالصحة وينسى السقم، ويفرح بالعافية ولا يتذكر الألم، يزهو بالشباب ويغفل عن الهرم، يهتم بالعلم ويهمل العمل، يحرص على العاجل ولا يفكر في الآجل، يطولُ عمرهُ وتكثر ذنوبه، يبيض شعره ويظلم قلبه، القلوب المريضة يعز شفاؤها، والعيون التي تكحل بالحرام يقل بكاؤها، وإذا غرقت الجوارح في الشهوات فحق عزاؤها.

كفاه الله أمر الدنيا

ونبه إلى أنه إذا كان الأمر كذلك أيها الأحبة فعلى صاحب البصر النافذ أن يتزود من نفسه لنفسه، ومن حياته لموته، ومن شبابه لهرمه، ومن صحته لمرضه، فما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا سوى الجنة أو النار، ومن أصلح ما بينه وبين ربه كفاه ما بينه وبين الناس، من صدق في سريرته حسنت علانيته، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر الدنيا.

وأكد أن المحاسبة الصادقة ما أورثت عملاً، فعليك يا عبد الله أن تستدرك ما فات بما بقي، فتعيش ساعتك ويومك، ولا تشتغل بندم وتحسر يصرفك عن العمل، واعلم أن من أصلح ما بقي غفر له ما مضى، ومن أساء فيما بقي أخذ بما مضى وبما بقي، والموت يأتيك بغتةً، فأعط كل لحظةٍ حقها، وكل نَفَس قيمته، فالأيام مطايا، والأنفاس خطواتٍ، والصالحات هي رؤوس الأموال، والربح جنات عدنٍ والخسارة نار تلظى، لا يصلاه إلا الأشقى، وأنت حسيبُ نفسك.

الأجل موقوت

وأفاد عن تجاهل زخرف الدنيا والجد في العمل: إن في قوارع الدهر لعبراً، وإن في حوادث الأيام لمزدجراً، أوقاتٌ تطوى فتخرب عامراً، وتعمر قفراً، تعير مرةً، وتسلب أخرى، فاحذروا زخارفها المضلة، من تكثر منها لم يزدد من الله إلا بعداً، ومن لم يشغل نفسه بالحق تشاغلت بالباطل، والإناء إن لم تشغله بالماء شغله الهواء، فمن عزم على حفظ ما بقي له من سويعات عمره فلا يصاحب إلا الجادين العاملين، الأخيار النابهين، البررة الصالحين، الذين يحرصون على أوقاتهم أشد من حرص الشحيح على دراهمه ودنانيره.

وأوصى ، قائلاً:  جدُّوا في العمل، واعتبروا بما سلف، فالفرص تفوت، والأجل موقوت، والإقامة محدودة، والأيام معدودة، ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها، والله خبير بما تعملون، محذرًا من الغفلة: الغفلة رأس الخطايا، يقول الحسن رحمه الله: ( الحسنة نور القلب، وقوة في  البدن، والسيئة ظلمة في القلب، ووهن في البدن، وظلم المعصية يطفئ نور الطاعة ).

ومن المدينة المنورة، قال الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن الدنيا كلها من أولها إلى آخرها قصيرة بالنسبة إلى الآخرة، ومهما عمر فيها العبد فله أجل لابد أن يبلغه، منوهًا بأن مرحلة من مراحل حياته إذا انقضت لم ترجع.

حقيقة الزيادة في العمر

وأوضح " القاسم" ، خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن الزيادة في العمر حقيقتها نقص منه وقرب من الأجل، وأكثر الخلق في غفلة عن الحكمة التي لها خلقوا، فتأخذهم الدنيا بزينتها وفتنتها، فقال عز وجل: " أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) "، وقد أقسم الله في كتابه بالزمان وأجزائه ومراحله تذكرة للعباد بكثرة تقلب الحياة وسرعة زوالها.

وتابع:  فأقسم بالليل والنهار والشمس والقمر والضحى والفجر والعصر، وأخبر سبحانه بأنه لا يعتبر بتقلب الدهر إلا أولوا الأبصار، قال جل شأنه: " يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ " الآية 44 من سورة النور، وكل عام ينقضي من عمر العبد بل كل يوم من أيامه فيه بأن بان لكل بداية نهاية.

طلوع فجر العام الجديد

وأشار إلى أنه في طلوع فجر العام الجديد يذكر النفس بأن الفرصة لا تزال قائمة والعاقل يحصي على نفسه نتيجة عمله وثمرة عمره، كما يحصي أرباح تجارته وخسارته، فالعمر رأس مال كل مخلوق، وعدته الصحة وسلامة القوى، قال -صلى الله عليه وسلم-: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".

ونبه إلى أن الربح في الدنيا بحسن العمل ودوام الاستعداد لانقضاء الأجل، وابن ادم يؤمل البقاء ويزيد حرصه على الدنيا وما فيها من الأموال والمتاع، ويشغله ما هو فيه من النعم عن تذكر دنو النهاية، قال -صلى الله عليه وسلم-: يهرم ابن ادم وتشب منه اثنتان: الحر ص على المال والحرص على العمر".

من عرف حقيقة الدنيا

وأضاف أنه حري بمن عرف حقيقة الدنيا وسرعة انقضائها أن يتخير الأنفع له في كل أمر والأكمل من كل شأن، فلا يبذل وقته إلا فيما هو أكمل فائدة، فيتخير من الفضائل أعلاها، ومن لم يكن ملازما للطاعات فليكن مفارقا للسيئات، على أن من لم يزدد بالإحسان فحاله إلى نقصان، ومن لم يتقدم بالخيرات تأخر بالسيئات، قال سبحانه: "لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر".

ولفت إلى أنه جعل الله الحياة الدنيا دارا لابتلاء العباد واختبارهم يقطعون مراحلها سائرين إلى دار البقاء، فهي مزرعة العاملين وسوق العابدين، "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا"، فمن أحسن العمل فاز واستحق الثواب، ومن أساء خسر واستحق العقاب.

وبين أن الحكمة من خلق الجن والانس أن يعبدوه وحده دون سواه، وقد أعانهم على هذه الغاية بما نصب لهم من الشواهد في أنفسهم وفيما حولهم، وبما أرسل إليهم من الرسل وأنزل عليهم من الكتب، فقامت عليهم الحجة، وضرب لكل عبد أجلا وكتب له عمرًا، وعمر العبد في الدنيا هو زمن عمله وكدحه إلى ربه قبل أن يلاقيه، قال جل شأنه: "يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ " الآية 6 من سورة الانشقاق.