الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطيبا المسجدين الحرام والنبوي.. حضارتنا قامت على أسس دينية وقيمية لا مثيل لها.. مبادئ الإسلام عالمية تجمع جوهر الشرائع وخلاصة الرسالات.. ويحذران من صداقات مواقع التواصل الاجتماعي

خطبتا المسجدين الحرام
خطبتا المسجدين الحرام والنبوي

خطيب المسجد الحرام : 

  • حضارتنا الإسلامية قامت على أسس دينية وقيمية لا مثيل لها
  • رسالتنا الإسلامية عالمية حضارية تجمع جوهر الشرائع وخلاصة الرسالات 
  • الشعوب والمجتمعات تواجه طوفان المتغيرات والنوابت بعشرة كاملة
  • الإيمان والعقيدة والتوحيد أساس الحياة

 خطيب المسجد النبوي:

  • صداقات الفيسبوك قد تؤثر على الأمن الفكري والنسيج الاجتماعي
  • الصداقات الافتراضية بين ذكر وأنثى هو من قبيل اتخاذ الأخدان المنهي عنه بالقرآن
  • صداقات وسائل التواصل الاجتماعي مجال يتوافر فيه الخداع والاستغلال
  • الصداقة المتينة لا تحل في نفس إلا هذبت أخلاقها الذميمة

أوضحت خطبتا المسجدين الحرام والنبوي، أن هناك عشرة كاملة تحقق الإسعاد للمجتمعات، والازدهار في الأمجاد والحضارات، وهي : (إيمان خالص، وأمنٍ وارف، وقيم نبيلة، واعتدالٍ لاحب، وعلم واجب، وتربية سليمة، وتنمية مستدامة، ورقمنةٍ مستفادة، وأنسنةٍ مستفاضة، وجودة عالية للحياة شاملة).

ومن مكة المكرمة ، قال الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام : اتقوا الله عباد الله، وازدلفوا إليه بالطاعات، في الخلوات والجلوات، في اللفظات واللحظات، والنظرات والخطرات: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾.

أمام طوفان المتغيرات

وأوضح " السديس" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه  تحقيقًا للمبادئ والثوابت أمام طوفان المتغيرات والنوابت، وفي ظل تنامي موجات التشكيك والأفكار الدخيلة، والمساومة على المبادئ والقيم الإسلامية والإنسانية، وأمام التحديات الفكرية والأمنية والتنموية، وجديد الصراعات والأزمات، تتطلع الشعوب والمجتمعات إلى ترسيخ أسس ومرتكزات تُحَقِّقُ من خلالها التقدم والازدهار، وتعانق بها الأمجاد، وتسابق الحضارات.

وتابع :  ومدارها على الدين والقيم؛ فهما الفخر والشيم، يكمن ذلك في: إيمان خالص، وأمنٍ وارف، وقيم نبيلة، واعتدالٍ لاحب، وعلم واجب، وتربية سليمة، وتنمية مستدامة، ورقمنةٍ مستفادة، وأنسنةٍ مستفاضة، وجودة عالية للحياة شاملة، تلك عَشَرَة كاملة، تحقق الإسعاد للمجتمعات، والازدهار في الأمجاد والحضارات.

حضارتنا الإسلامية

وأشار إلى أن حضارتنا الإسلامية قامت على أُسُسٍ دينية وقيمية لا مثيل لها، ذلك أن رسالتنا الإسلامية عالمية حضارية، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، وإن من أَجْلَى خصائصها الزكية، جمعها جوهر الشرائع السماوية، وخلاصة الرسالات الإلهية، التي تبني أمجاد المجتمعات الإنسانية، وشوامخ الحضارات العلية، ولُباب القيم السنية.

ونبه إلي أن الإسلام ينظر إلى الإنسان نظرة شاملة دقيقة متوازنة؛ يصلح معها حال الإنسان ويراعي حقوقه وكرامته دون تنازل أو مساومات، مهما تغيرت الأحوال أو الأماكن، أو تعاقبت العصور أو تبدلت الأزمان، منوهًا بأنه عندما ترْتقي الفهوم إلى مَدَارات الإسلام وتشريعاته الحُكْمِيّة، وأسْرَارِه الحِكَمِيّة، وإشراقاته الإنسانية فستجد أنه اعتمد على ركن الدين والقيم.

أساس الحياة

وأكد أن الإيمان، والعقيدة، والتوحيد أساس الحياة، الذي يرفع النفوس إلى قمم العز والشرف والصفاء، ويسمو بها عن بوار الوثنية والشرك والشقاء، أمام الموجات الإلحادية، والنَّيْلِ من الذات الإلهية، والتعلقات بالأوهام والخزعبلات، والتشاؤم من الشهور والمطالع: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾، واعلم بأن أول واجب على العبيد إفراد الله بالتوحيد، قال الإمام ابن القيم ~:"وما أنعم الله على عباده نعمة هي أعظم من نعمة التوحيد، فبه أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، وقامت سوق الجنة والنار".

ولفت إلى أنه قد امتن الله تعالى على بلاد الحرمين الشريفين بنعمة الأمن والأمان، فسبحان الله عباد الله، ها أنتم أولاء ترون الناس من حولكم وما يعيشونه من خوف واضطراب في مختلف البقاع والأصقاع، ونحن في بلاد الحرمين الشريفين ننعم بالأمن والأمان والإيمان، نعتز بديننا ونفخر بقيمنا، فلله الحمد والمنة.

الانتماء إلى الوطن

وأضاف أن هذا يُؤكد أن الانتماء إلى الوطن ليس مُجرَّدَ عاطِفَة غامرة أو مشاعر جيَّاشة فحسب، بل هو مع ذلك إحساسٌ بالمسؤولية وقيامٌ بالواجبات، فالمواطنة الحقة شَرَاكةٌ بين أبناءِ الوطن في الحياة والمصير والتحدِّيات، وفي المقدَّرات والمكتسباتِ والمُنْجَزَات، وفي الحُقُوقِ والوَاجِبَات، وذلك من خلال الرؤى المستقبلية، والخطط الإستراتيجية، والاستثمارات الحضارية، والمنشآت الرقمية التقنية، إلى غير ذلك من الفاعلية الإيجابية، والإسهامات الإنتاجية التي تحفز على التنمية القائمة على استثمار التقنية، والتحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، لمواكبة عصر الثورة التقنية من خلال التنمية المستدامة، والمواكبة العلمية للتطور الحضاري العالمي.

ثمار حب الأوطان

وبين أن من أهم ثمار حب الأوطان؛ الوحدة واللُّحمة ولزوم الجماعة، وحسن السمع للإمام والطاعة، في وسطية واعتدال، فلا غلو ولا تطرف، ولا جفاء ولا انحلال، في وحدة متألقة تتسامى عن الفُرْقَةِ والانقسامات، ووبيل التهم والتصنيفات، ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾.
وأفاد بأن ما يميز المجتمع الإسلامي عن غيره أنه آخذ بعضه بيد بعض، يوصي بعضهم بعضًا بالحق والصبر عليه، ويتعاونون على البِرِّ والتقوى، قال صلى الله عليه وسلم:"كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مسئول عن رعيَّته" (متفق عليه)، فشريعتنا الغراء لا تعرف الانعزالية والانغلاقَ، والتقوقعَ والجمود، لكنها تعرف الانفتاح والتجدد والمرونة وَفْقَ المتغيرات والمستجدات، مع المحافظة على الثوابت والمُسَلَّمَات.

واجبنا الديني

وشدد على  أن واجبنا الديني والقيمي والوطني لَيُحَتِّم على كل فردٍ مِنَّا، وخاصة القادة والعلماء وذوي الفكر والرأي والإعلام والرموز والقدوات والشباب والفتيات والمرأة أن ينهض كل بواجباته لنكون يدا واحدة في وجه المنتهكين لحرمات الدين والأوطان؛ من خلال التَّصَدِّي للشائعات المُغْرِضَة، والأخبار الكاذبة، والدَّعَواتِ المشبوهة، والجماعات المُنْحَرِفَة، والأحزاب الضالة، والتنظيماتِ المارقة، التي تسعى جاهدة إلى إثارة البلبلة والفتن، والقلاقل والإحن، والخيانات الدينية والوطنية.

وواصل : لننعم جميعا بالأمن والاستقرار، ونحافظ على الوحدة الدينية، واللُّحمة الوطنية، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ومكافحة الفساد بشتى صوره، والحفاظ على المال العام، وعدم الاعتداء عليه وعلى المرافق والممتلكات العامة، والإبلاغ عن جرائم الفساد ومرتكبيها، والجرائم العابرة للحدود والقارات، ومن يقف وراءها من أيدولوجيات ممنهجة لتطهير المجتمعات من آثارها الوخيمة، وكذا مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، وتثمين دور رجال مكافحة المخدرات على تجنيب بلادنا وشبابنا ويلات هذه السموم والجرام المدمرة، وتجنيب البلاد والعباد ويلات الحروب والكوارث.

ومن المدينة المنورة، قال الشيخ  الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إن هناك ثمة نوع من الصداقات أفرزته التقنية الحديثة، والحضارة المعاصرة، صداقات افتراضية عبر قنوات ووسائل التواصل الاجتماعي.

مجال يتوافر فيه الخداع

وأوضح " الثبيتي" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن هذا مجال يتوافر فيه الخداع والاستغلال والوقوع في السلوكيات الخاطئة والتوجيهات الخطيرة التي قد تؤثر على الأمن الفكري والنسيج الاجتماعي، ويزداد الأمر خطورة أن تكون الصداقات بين ذكر وأنثى إذ هو من قبيل اتخاذ الأخدان المنهي عنه في القرآن.

ونبه إلى أن المحبة والصداقة إما أن تكون للمنفعة أو أن تكون للذة، وإما أن تكون للفضيلة، فأما ما كان منها لمنفعة أو لذة فليس بمعدود من خصال الشرف، وكما قيل من ودك لأمر ولى عند انقضائه، وأما ما كان للفضيلة فهو الصداقة الحقة، وهذه الصداقة تشبه سائر الفضائل في رسوخها في النفس وإيتائها ثمرا طيبا في كل حين، وهي التي توجد من الجبان شجاعة ومن البخيل سخاء.

وأشار إلى أن الجبان قد تدفعه الصداقة إلى أن يخوض في خطر ليحمي صديقه من نكبة، والبخيل قد تدفعه قوة الصداقة إلى أن يبذل جانبا من ماله لإنقاذ صديقه، الصداقة المتينة لا تحل في نفس إلا هذبت أخلاقها الذميمة، قال الله تعالى: "وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم"

تملأ حياة الانسان

وأضاف أن الصداقة تملأ حياة الانسان بالمودة والأنس، وتغمره بالسعادة والسرور، وهي ضرب من الأخوة الايمانية في أبهى صورها ومبدأ الأخوة الإيمانية مطلب شرعي وغاية نبيلة اعتنى الإسلام بها، وفي الحديث: "الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"، خلد القرآن الأجل صحبة مع أعظم رسول في موقف سطره التاريخ "إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا"، نال الصديق أبو بكر رضي الله عنه هذه المنقبة الظاهرة والصحبة الغالية بالبذل والتضحية والحب الصادق.

ودلل بما قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا ي صاحبي مرتين"، فما أوذي بعدها، ومن تأثير الصحبة على المصاحب ما نال الصحابة الكرام رضوان الله عليهم من شرف الصحبة لنبيهم صلى الله عليه وسلم حتى لم يسبقوا بهذه المزية من أحد بعدهم.

المسلم بحاجة إلى الصديق

واستشهد بما جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقولون فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولون: نعم فيفتح لهم ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال لهم: فيكم من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: نعم فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: نعم فيفتح لهم".

وأفاد بأن المسلم بحاجة إلى الصديق في كل حال، من شدة أو رخاء، فعند الشدة تلتمس منه المعونة، وعند الرخاء تكتسب منه المؤانسة، والمؤمن قوي بإخوانه كثير بهم قليل بنفسه، فلا يسلم المرء من الغفلة فيحتاج إلى من ينبهه ومن النقص فيحتاج إلى من يكمله والعاقل ينتقي الصاحب الوافر العقل المتشبع بالحكمة، فما كل صاحب يشد به الظهر أما الصداقة الجوفاء.

الصداقة المبنية على المصالح

وتابع:  والصداقة المبنية على المصالح الشخصية والمنافع الذاتية التي يظهر زيفها فتنهار دعائمها عند أول طارئ يطرأ لأنها لم تبن على أساس راسخ ومحبة صادقة، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من صاحب السوء، قد يعيش الإنسان في أوضاع صعبة ووحشة من حاله فيجد سلوته في صديقه المنصف في صداقته، صادق الوعد في معاملته.

ولفت إلى أنه يشعر الصديق مع صديقه بشعور العزة فالنظير يهش لنظيره ويعتضد به، فإذا ذهب النظير بقي فردا في عزلة ووحشة وغربة، الصديق هو من يتوجع لأجلك هو من يواسيك ويقف بجانبك عند شدتك جعل الله الأرواح جنودا مجندة كما أخبر صلى الله عليه وسلم: "الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف"، وفي هذا إشارة إلى التشاكل في الطباع من خير وشر، وكل يحن إلى نظيره.