الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نجاة والدي النبي|علي جمعة: مؤمنان ناجيان.. ويكشف سبب تسمية آمنة بنت وهب

نجاة والدي النبي
نجاة والدي النبي

نجاة والدي النبي.. كشف الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن حقيقة نجاة والدي النبي، وأنهما مؤمنان ناجيان، بل هما خلاصة أهل الإيمان. 

الأبوان الكريمان نبع الإيمان

وقال علي جمعة من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "الحقُّ الذي يجب اعتقادُه، والصوابُ الذي صح بالنقل إسنادُه، والقاطعُ الذي وضح في العقل سدادُه: أن والدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنان ناجيان، بل هما خلاصة أهل الإيمان؛ لأنهما لنور النبوة مستودَعان، وقد اختارهما الله لأبوة سيد الأكوان.
وتابع في بيان نجاة والدي النبي : «فهما مِن المصطَفَيْنَ الأخيار، ومن الأكابر الأبرار»، والحجة في ذلك صحيح الأخبار ومتواتر الآثار؛ كحديث مسلم في الاصطفاء والاختيار، وحديث البخاري في بعث المصطفى في خير القرون والأعصار، وغيرهما من أحاديث الاصطفاء والخيرية اللذَيْنِ وردت بهما الأخبار؛ فإنهما يستلزمان الإسلام كما هو معلوم بالاضطرار، بل يدلان على عدم صدور الذنب عند أولي الأبصار، كما قرره الشيخُ الأكبر، العارفُ بالله ابن عربي قدَّس الله سرَّه الأطهر، وأظهر نوره الأبهر.
وسمَّى الله أمَّه في الأزل "آمنة"؛ لتكون في الدارين آمنة، ومَن يأمَنُ إن لم تأمَن الآمنة! وسمَّى أباه "عبدَ الله"؛ ليتحقق بالعبودية لله، ومَن العابدُ لمولاه إن لم يَكُنْه "عبدُ الله"، أقربُ الساجدين سببًا ونسبًا بمصطفاه! فهو الأب الماجد والعبد الساجد «وَأَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ»، وهو المختار المصطفى ﴿وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾؛ فتطابق الاسم والمسمى، وتوافق المعنى والمبنى. 
وقد حوى أبوه السيد المبارك في صلبه نور النبوة، ولجةَ زخّارِ الكرم والفتوة، وحملت أمه الشريفة الطاهرة في رحمها الأكرم: مجلى الكمالات الإلهية الأعظم، فصلب والده أعظم صلب عرفته الخليقة بالمرة، ورحم والدته أعظم صدفة حملت أعظم درة.
وإذا نجا صاحب الجوف الذي حمل قطرة من قطراته، فكيف تعذَّب أرحام حملته وكانت منبعَ حياته!
لوالدَيْ طه مقـــامٌ علا .. في جنة الخلد ودار الثواب
فقطرة من فضـــلاتٍ له .. في الجوف تُنجي مِن أليم العقاب
فكيف أرحامٌ له قد غدَتْ .. حاملةً تُصلَى بنار العذاب!
[الأبيات للعلامة الشهاب الخفاجي]
ووالداه الشريفان صلى الله عليه وآله وسلم يصدق عليهما أنهما آلُه؛ فإن «آل الرجل هم أهل بيته؛ لأنه إليه مآلهم وإليهم مآله» ، وأحق الناس بذلك: مَن آلوا إليه مِن أهل العباء، ومَن آل هو إليهم من الأمهات والآباء، لينتظم بذلك شرف الأنساب وطهارة الأنسال؛ فالوالدان بأصل الوضع اللغوي مِن الآل؛ لأنه يؤول إليهما نسبًا، بل هو بَضْعتُهما أمًّا وأبًا، فهما أصل النبي والآل ومنهما نبَعَ الكمال، فدخلا بذلك في الصلاة على الآل، فتشرع الصلاة عليهما بالتبع والاستقلال؛ إقرارًا لعين عين الكمال.

وشدد أمه عليها السلام هي أم المؤمنين شرفًا وحقيقةً وأصلا؛ لأن الزوجية استوجبت لزوجاته أمومةَ المؤمنين مِنّةً وفضلا، فالأمومة له تستوجبها من باب أولى؛ فالنسب أقوى من المصاهرة وأجلى، وسر أمومتهن لنا: أبوة المصطفى إذ يقول: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ لِلْوَلَدِ»، وزوجة الوالد أمٌّ في المعنى، فأمه عليها السلام من باب أولى، والله تعالى يقول: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾، فأمه عليها السلام أولى بالمؤمنين مِن أمهاتهم.
وكانت تُرَبّي ولدَها المصطفى على توحيد رب الأنام، وتبغضه في الأصنام، وتهيئه لرسالة الإسلام، وقالت له قبل رحيلها إلى دار السلام:
بَارك فِيك الله من غُلَام ... يَا ابْن الَّذِي من حومة الْحمام
نجا بعون الْملك المنعام ... فودى غَدَاة الضَّرْب بِالسِّهَامِ
بِمِائَة من إبل سوام ... إِن صَحَّ مَا أَبْصرت فِي الْمَنَام
فَأَنت مَبْعُوث إِلَى الْأَنَام ... من عِنْد ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام
تبْعَث فِي الْحل وَفِي الْحَرَام ... تبْعَث بالتحقيق وَالْإِسْلَام
دين أَبِيك الْبر إبراهام ... فَالله أَنهَاك عَن الْأَصْنَام
ان لَا تواليها مَعَ الأقوام 
ثم قالت: «كلُّ حيٍّ ميتٌ، وكلُّ جديدٍ بالٍ، وكلُّ كثيرٍ يَفنَى، وأنا ميتةٌ وذكري باقٍ، وقد تركتُ خيرًا، وولدتُ طهرًا».
وصلاح الولد يعود على الوالدين بالثواب والخيرية، فكيف بمن ولدُهما سرُّ صلاح البرية، وأعمال الخير كلها معدودة في حسناته الكمالية، لأنه الذي دل الخلق على الخير وإخلاص النية.
وغارس الشجرة يحصّل ثواب العطاء، ولو لم يذكره الآكلُ منها بحسن الجزاء، فكذلك الأولاد صلاحُهم في ميزان الأمهات والآباء، ولو لم يُذكروا بالدعاء، فكيف بالعبد الشكور سيد الشفعاء، المأمور لهما بالدعاء، المَشُوقُ فيهما إلى الله بالالتجاء، الموعودُ فيهما بعظيم الرجاء، المأذون في زيارتهما وبه شُرِعَ الاقتداء، المفيضُ عند روضَيهما الدموعَ بأشد البكاء.